صورت وسائل الإعلام تصويت المصريين المقيمين بالخارج على أنه إنجاز كبير بسبب زيادة أعداد المشاركين فى تلك الانتخابات. ورصدت بيانات لجنة انتخابات الرئاسة أعدادا غير مسبوقة من احتشاد المصريين أمام السفارات والقنصليات. وواقع الأمر أن تلك الملاحظة تبدو جديرة بالذكر، فهذه الأعداد لم يسبق وجودها فى أى انتخابات أو استفتاءات خرج من أجلها هؤلاء.
على أن تلك الملاحظة تبدو شكلية إلى حد كبير، فرغم أن نسبة المصريين فى الخارج التى صوتت فى الاستفتاء على دستور 2012 كانت 42%، وهى نسبة تبدو غير بعيدة عن نسبة تصويت هؤلاء فى انتخابات البرلمان 2011/2012، وانتخابات الرئاسة 2012، والاستفتاء على الدستور 2012، إلا أن تلك الاستحقاقات كانت تتسم بسمة لا تتسم بها انتخابات الرئاسة 2014. وهى أنها جميعها جرت لمن سجل اسمه من المصريين بالخارج قبل الاقتراع بعدة أيام، وأبدى رغبته فى التصويت، وأخذ رقمًا وكودًا لذلك، ومن ثم كانت الفجوة بين المؤهل للانتخاب (الذى تنطبق عليه الشروط العامة للناخب) والمسجل (الذى لديه رغبة فى الاقتراع) كبيرة للغاية. وبهذه الطريقة جرت انتخابات مجلس الشعب (والشورى) عبر التصويت البريدى، وجرت باقى الاستحقاقات التصويتية بالاقتراع البريدى إلى جانب التصويت المباشر بمقر البعثات الدبلوماسية. أما الاقتراع الذى نحن بصدده فأهميته فى أنه لا يستثنى أحدا، فكل من يحمل بطاقة رقم قومى، أو كل من استخرج جواز سفر بموجبها يحق له التصويت دون تسجيل مسبق. لذلك ضاقت إلى حد كبير الفجوة بين المؤهل للانتخاب من المصريين فى الخارج والمسجل فى قاعدة البيانات.
من تلك النقطة يجب أن نقيس معدل المشاركة الفعلية. فوفقًا لتقدير عدد المصريين فى الخارج والمقدر من مركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء فى 2011/2012 بعدد 6304171 مواطنا، وإذا افترضنا أن نصف هذا العدد على أقل تقدير هو المؤهل للانتخاب، على اعتبار أن النصف الآخر هم ممن أقل من 18 عامًا، فإن إجمالى عدد المقترعين فى الانتخابات الحالية لن يزيد على 13%، بافتراض أن إجمالى المقترعين فى الخارج سيصل إلى 500 ألف مقترع وهو ما لم يحدث وفقًا للإحصاءات.
وعلى أى حال، فإن ما سبق يشكل جرس إنذار لما سيكون عليه الوضع فى تصويت الداخل، ودعوة لتحرك الجميع لاتخاذ تدابير تحث وتدعم المشاركة التصويتية فى أسرع وقت ممكن، خاصة داخل قطاع الشباب، الذى يشعر بحالة ظلم بين بسبب البطالة وعودة القبضة الأمنية واسترجاع رموز نظام مبارك.