كشفت مصادر مسؤولة بملف مياه النيل، أن لقاء وزير الري محمد عبد المطلب مع مسؤول ملف المياه بالخارجية الأمريكية، ومبعوث الاتحاد الأوروبي عن منطقة القرن الأفريقى وشمال أفريقيا، والوفد المرافق لهما، السبت الماضي، جاء نتيجة للتحرك الدبلوماسي المصري في الفترة الأخيرة على المستويين الدولي والإقليمي بهدف طرح الرؤية المصرية لحل الأزمة الحالية مع أديس بابا حول سد النهضة الأثيوبي، فيما سعى الجانب الأمريكي إلى حث مصر على العودة للمفاوضات برعاية أمريكية، خوفا من عودة الدور الروسي للمشهد السياسي في المنطقة بعد انتخاب الرئيس الجديد نهاية الشهر الحالي.
وأشارت المصادر في تصريحات، الأحد، إلى أن الجانب المصري استعرض خلال الاجتماع الذي استغرق حوالي الساعة مقترحاته العملية لحل الأزمة، والتي تتوافق مع القواعد الدولية المنظمة لعلاقات دول الأنهار المشتركة، وتتمثل في أن تكون هناك لجنة دولية لمتابعة تنفيذ توصيات اللجنة الثلاثية حول سد النهضة الأثيوبي، وأن تضم اللجنة خبراء دوليين ذوي مرجعية علمية، وأن يتم تحديد الهدف من إنشائها، والتي من بينها أن تكون مسؤولة عن مراجعة كل الدراسات الخاصة بالسد المقدمة من الجانب الأثيوبي، وعدم اقتصارها على الدراسات البيئية والاجتماعية «كما أراد الوزير الأثيوبي»، حيث أصر الجانب المصري في المفاوضات أن تكون الدراسات شاملة معاملات الأمان للسد بالحجم الذي أعلنته حكومة أديس أبابا، وأيضا دراسات الجدوى الاقتصادية للسد لتحديد حجم، وقيمة العوائد الاقتصادية على دولتي المصب «مصروالسودان»، والمشروعات المطلوب تنفيذها لتقليل الآثار السلبية لبناء السد، وذلك تنفيذا لتوصيات اللجنة الثلاثية الدولية.
وأوضحت المصادر في تصريحات لـ«المصري اليوم» أنه تم عرض الموقف المصري ممثلا في الجانب الفني ووجود علاقة بين مراحل إنشاء السد التي يقوم بها الجانب الأثيوبي، وبين عمل اللجنة المقترحة لعمل دراسات تقصيلية حول الآثار السلبية للمشروع علي دولتي المصب «مصر والسودان»، وضرورة أن يكون هناك آلية لفض المنازعات معتمدة بين الدول الثلاثة سواء كانت اللجنة وطنية أو دولية لضمان التزام حكومات الدول الثلاث بحل المعوقات التي قد تظهر أولا بأول، ووضع آلية لتنظيم قواعد الإدارة والتشغيل للسد بالتعاون مع مصر.
وذكرت المصادر أن وزير الري عرض علي الجانبين الأمريكي والأوروبي خطورة إنشاء سد النهضة علي الأمن المائي المصري خاصة مع ضرورة التزام المجتمع الدولي بالكشف عن مخاطر إنشاء السد على السلم والأمن الدولي، وأن أديس أبابا لا تحترم القوانين الدولية والاتفاقيات التاريخية خاصة الاتفاقية الموقعة بين مصر و«ملك الحبشة» أيام «مصر الخديوية» عام 1902 ، وتنص على عدم السماح في الحاضر والمستقبل لأثيوبيا ببناء سدود على مجرى النيل دون الرجوع إلى مصر في مقابل الحصول على الأراضي الخديوية حيث كانت هناك أراض ملك مصر داخل الحبشة، وهو ما عرف بحق «الفيتو»، وهناك خرائط تؤكد ذلك.
وتضمن الموقف المصري الذي تم عرضه علي المسؤولين الأميركي والأوروبي أن القوانين والأعراف الدولية تعطي الحكومة المصرية الحق في إلزام حكومة أديس أبابا بإجراء الدراسات الفنية، والمرجعية والهندسية التي صدرت عن اللجنة الدولية الثلاثية بعد اجتماعات استمرت حوالي العام لأعضاء اللجنة قامت خلالها بمراجعة الدراسات الأثيوبية المقدمة علما بأن اللجنة تضم أيضا الخبراء الوطنيين من الدول الثلاث بالإضافة إلى الخبراء الدوليين الذين اتفق عليهم من وزراء المياه بالدول الثلاثة، وهذا الحق لايمكن التنازل عنه تحت أية ظروف، لافتة إلى أن مصر موقفها التفاوضي ليس ضعيفا، ولديها من الأدوات التي تحفظ حق المصريين في مياه النيل كما أنها تؤمن بحق شعوب النيل في التنمية باستغلال مياه النيل دون الإضرار بحقوق دولتي المصب في مياه النيل خاصة وأن القاهرة تعاني من عجز مائي، وتناقص مستمر في نصيب المواطن المصري.