أيّد ثورة يناير.. شارك فى «30 يونيو» دفاعاً عن الديمقراطية بشروط، وقال إنه يواجه حملات تشويه تشبه تلك التى مرّ بها أيام حكم الرئيس الأسبق مبارك. عمرو حمزاوى، رئيس حزب «مصر الحرية»، نفى عن نفسه أن يكون عميلاً، إذ اتهمه كثيرون بأنه يدعو لـ«تفتيت مصر» مستندين لتقرير له بعنوان «الشرق الأوسط الكبير»، مؤكداً أنه فى هذا التقرير وجه نقداً قاسياً لسياسات الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش. وإلى الحوار:
■ من أى منطلق شاركت فى ثورة 30 يونيو؟
- تعاطفت مع تلك الثورة وأعتبرها حالة حراك شعبى لإجراء ديمقراطى يتمثل فى انتخابات رئاسية مبكرة، وقبل يونيو كان موقفى واضحاً من الرئيس السابق محمد مرسى، الذى انتخب فى 2012 وخرج عن الشرعية بإعلانه الدستورى الشهير، والذى سميته «الإعلان الاستبدادى الرئيسى» وشكلت حينها «جبهة الإنقاذ»، مساء نفس اليوم، الذى صدر فيه الإعلان الدستورى، نظراً لخروج مرسى عن الشرعية الدستورية والقانونية بحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان، وأيضاً نتج عن هذا الإعلان ضرر بالتوافق الوطنى وتم العسف به فى دستور 2012 وكذلك بطيف واسع من السياسات والقوانين. وعلى هذا الأساس شاركت فى يونيو، ووقعت على استمارة تمرد فى الإطار الديمقراطى وليس فى إطار عودة الجيش للحياة السياسية أو إحياء الدولة الأمنية، أو إنتاجها مرة أخرى.
■ وما وجه اعتراضك على قرارات 3 يوليو؟
- قرارات 3 يوليو خرجت عن المسار الديمقراطى الذى كان يهدف لانتخابات رئاسية مبكرة أو الاستفتاء، وتم توظيف الحراك الشعبى المدنى بتدخل الجيش فى الحياة السياسة، وعودة الدولة الأمنية.
■ لكن لولا تدخل الجيش لسقط كثير من الضحايا.. هل يتطلب تحقيق الديمقراطية الدماء؟
- أسوأ ما يحدث فى أى مجتمع هو فتح طاقات العنف والمساس بالسلم الأهلى وتماسك الدولة والعيش المشترك. وحولنا سيناريوهات كارثية، و«محدش بيحب البلد دى ويزقها تجاه هذه السيناريوهات الموجودة بدول الجوار»، لكن لا يوجد تحول ديمقراطى حقيقى دون دولة ديمقراطية متماسكة، وبالتالى نقدر الدور الوطنى للجيش من 2011 حتى الآن رغم أخطائه فى الإدارة السياسية، فالسياسة ليست ساحة لتدخل الجيوش، وبالتالى كان الحل الأمثل فى يوليو فرض انتخابات رئاسية مبكرة، وهذا الكلام له شرعية بعد مشاركة الملايين فى 30 يونيو، فالجيش دوره الحماية ومؤسسات الدولة تقوم بدورها الطبيعى، أما السياسة تدار عبر مجموعات تُنتخب.
■ ما رأيك فيمن يتعامل مع رؤيتك تلك باعتبارها دعوة لتحويل البلاد لساحة معارك؟
- أقدر تفكير كل شخص، ولكن فى النهاية كلنا نخاف على بلدنا، والديمقراطية لا تحدث فى ظروف وردية، والالتزام بإجراءاتها ليس سهلاً، وهناك لحظة لا يسمع أحد لأى صوت معارض، فالجميع يفكر فى الخلاص حالياً من الإرهاب وتهديد الدولة والسيناريوهات الكارثية التى لا يستطيع أحد إنكارها، وأنا اليوم كأى مصرى، أسمع عن تسريب وثائق الأمن القومى، والصورة معقدة وفيها تحديات كبيرة تتعرض لأمن البلاد، إذن الجميع يفكر فى الخلاص، لكن عندما يطول الأمر انتهاكات حقوق الإنسان وسيادة القانون، فلابد أن يكون لى موقف.
■ هل المطالبة بالإجراءات الديمقراطية يلزمها وضع مستقر للبلاد؟
- لم يحدث أى تحول ديمقراطى لأى بلد فى ظروف طبيعية، دائماً يتم ذلك فى ظروف غير مريحة، فالديمقراطية تعتبر نوعاً من الأنظمة التى تتسم دائما باختلاق الأمور والبطء الشديد، أما الديكتاتورية فهى أسهل فى اتخاذ القرار وتنفيذه، والظروف لا تكون طبيعية بالإجراء الديمقراطى، وأدعو للرجوع للثلاثة شهور الماضية للتأكد مما أقوله، فالخروج فى 3 يوليو رتب طيفاً واسعاً من انتهاكات حقوق الإنسان وممارسات قمعية، وتمت إعادة إنتاج الدولة الأمنية مرة أخرى، وأيضاً أسأل هل بعد ثمانية شهور نحن أقرب لفرض التحول الديمقراطى مما كان عليه الحال فى يناير ويونيو 2013.
■ شهدت رفض الإخوان للحوار أكثر من مرة، فلماذا تدافع عن اليمين الدينى إذن؟
- كنت من أكثر المعارضين فى فترة حكم الإخوان، فقد هاجمنى اليمين الدينى، لذا فاتهامى بالدفاع عنهم غير منطقى. كان الهدف من ثورة يونيو هو الضغط الشعبى، وهو الذى كان سيجبر الإخوان لتحقيق المطالب الشعبية، وكان ذلك سيتم بمجموعة من الأدوات الديمقراطية كانتخابات رئاسية مبكرة وتعديل الوثيقة الدستورية وعدم الزج بالدين فى السياسة، فأنا مع تغير المسار الديمقراطى بنفس آلياته الديمقراطية، وأعتقد أننى كنت من أكثر المعارضين فى فترة الإخوان، ولم أتعامل مع حقوق الإنسان بازدواجية ولم أسكت عن الإساءة لأى فصيل، إخوانى أو مدنى، وكنت ضد فض اعتصام رابعة بالطريقة التى تمت، ولدى نماذج مسجلة لصراعى مع اليمين الدينى منذ 11 فبراير 2011 حتى 30 يونيو 2013.
■ طالتك اتهامات كثيرة حالياً منها أنك كنت جزءاً من نظام مبارك؟
- لم أكن جزءاً من نظام مبارك، والدكتور مصطفى الفقى أكد ذلك مشكوراً رغم اختلافى معه سياسياً، فقد وضّح علاقتى بالحزب الوطنى حيث تمت الاستعانة بى فى لجنة تسمى «مصر والعالم» أيام حكم مبارك، لكنى لم أنتسب لأمانة السياسات ولم أعيَّن بها، كل الحكاية أننى شاركت فى عدد محدود من الاجتماعات سنة 2003 لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، ولم أتقاض عن مشاركتى تلك أى أجر، ثم اعتذرت للدكتور الفقى عن عدم الاستمرار لرغبتى فى التركيز على العمل الأكاديمى.
■ هل اختلافك مع المؤسسة العسكرية وراء الهجوم عليك بهذا الشكل؟
- أحترم المؤسسة العسكرية الوطنية، واختلافى معها لا يعنى عدم احترامها، وأنا خدمت فى الجيش وخرجت بقدوة حسنة، لكنى أرفض انخراطه فى الحياة السياسية، وأرفض محاكمة المدنيين عسكرياً، وسرية الموازنة العسكرية، وتحصين وزير الدفاع، فكل هذا لا يصنع دولة طبيعية، وأجتهد يومياً لتقريب وجهة نظرى.
■ ما سبب خلافك مع الدكتور محمد البرادعى، ولماذا توقف دمج حزبك مع «الدستور»؟
- اختلفت معه بسبب رفضى دخول «جبهة الإنقاذ» فى إطار لهيمنة الجيش على السياسة، وأيضاً اختلفت معه حول 3 يوليو، فقد سئلت عن 3 يوليو وقلت إنه انقلاب ناعم ولم يكن وقتها حدث انتهاك لحقوق الإنسان ولم أتراجع عن كلمة انقلاب، لكن قيل إننى أعارض بحثاً عن دور، وأرد بأننى لست الشخص الذى ينتظر أن يهدأ التيار العام قليلاً، لكننى أخذت كل الهجوم الكاسح الذى ضيق علىّ، وأؤكد أن الدفاع عن المصلحة الوطنية لا يتم إلا بالعدل والديمقراطية والحرية وضمانات حقوق الإنسان والتنمية والاستقلال الوطنى، أما عن الاندماج الحزبى، فبالفعل كان سيتم دمج لأحزاب الدستور ومصر الديمقراطى والمصريين الأحرار ومصر الحرية والجبهة الديمقراطية، لكن تفتت الاندماج بسبب اختلاف مواقفنا رغم خروج بيانات مشتركة، ولابد أن ننتظر عودة الحياة السياسية، فالمشهد السياسى الآن ميّت.
■ ما رأيك فى المواقف الغربية من ثورة 30 يونيو؟
- لابد أن نفرق فى الغرب بين مستويين، الأول الحكومات الرسمية، وبواقعية هم ناس يبحثون عن مصالحهم ولا يدافعون عن مبادئ، ومصالحهم الاستراتيجية لها علاقة بقناة السويس وأمن إسرائيل، أما المستوى الغربى غير الرسمى، الذى يمثله الإعلام ومنظمات المجتمع المدنى، فيتحرك حسب الموازين والمبادئ والأفكار، فداخل الولايات المتحدة اللوبى اليهودى يؤيد ما يحدث فى مصر ولم يأخذ موقفاً معارضاً ويرى أن من الأفضل أن يكون مع إدارة الجيش، ولن يطمئن اللوبى لوجود ديمقراطية فى مصر لأنها ستعود عليه بوجع القلب، ونفس حساباته كانت مع مبارك حيث راهن على وجود حاكم سلطوى.