استقبل المشير عبد الفتاح السيسي، المرشح لرئاسة الجمهورية، وفداً من أدباء وكتّاب مصر، صباح الإثنين، في إطار حرصه على التواصل مع المفكرين والمبدعين، والاستماع لرؤيتهم حول القضايا المختلفة التى تشغل المواطن المصري، انطلاقا من دورهم المؤثر فى صياغة الرأي العام، وتشكيل مستوى الوعي لدى المواطنين.
وأعرب المشير خلال اللقاء عن سعادته بالتواصل مع أدباء مصر، وأكد أن هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقهم فى الفترة المقبلة، من أجل خلق منظومة وعي حقيقية لدى المواطن المصري، تمكنه من إدراك مستوى التحديات التي تواجه الوطن في الوقت الراهن.
وقال السيسي خلال اللقاء، ووفقًا لبيان الحملة الصادر على «فيس بوك» بتفاصيل اللقاء، مساء الإثنين، إن المفكرين والكتاب يشكلون الضمير والوجدان في مصر، ولهم دور حيوي فى قيادة الرأي العام بمعاونة أجهزة الإعلام، ومختلف مؤسسات الدولة المعنية بالتعليم والثقافة، مؤكدًا أن التحديات التي تواجه الوطن تحتاج إلى ضرورة خلق منظومة وعي حقيقية لدى كل مواطن مصر، حتى يتسنى حلها بشكل فعال، خاصة وأن الدولة لن تحتمل الصراع والتشتت مرة أخرى، بعدما بات كيانها على المحك ويمكن يتهاوى في أي وقت.
ورداً على سؤال حول إقدامه على الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية أكد المشير أنه لم يكن أمامه خيار آخر، خاصة وأن مصر تتعرض لتحديات غير مسبوقة في تاريخها، في ظل إنشغال كل قطاع في الدولة بهمومه ومشكلاته على حدة، دون أن تكون هناك نظرة عامة وصورة مجمعة لكافة التحديات والصعاب، التى يتعرض لها الوطن، بالإضافة إلى تخوفه من سيناريو ضياع الدولة المصرية، وسقوطها نتيجة تصدى فئة غير قادرة على حماية مقدرات الشعب المصري ، لأمر الحكم والسلطة، قائلاً: «الضمير الإنساني والتاريخ الحضاري لمصر كان يحتم التدخل وتلبية نداء المواطنين للحفاظ على كيان الدولة المصرية من السقوط».
وأضاف المشير السيسي: «مصر تحتاج من المثقفين والمفكرين والأدباء دور كبير جدا خلال المرحلة القادمة، تحكمه المسؤولية الوطنية، والتجرد والإحتكام إلى مصلحة الوطن، والإنحياز للمواطن البسيط، الذي تعرض للكثير من أشكال التجاهل والإهمال خلال الفترات الماضية، وتضاعفت مشكلاته وأعبائه».
وأكد المشير السيسي أنه يدرك جيداً حجم القلق على مستقبل الحريات والديمقراطية لدى المفكرين والأدباء خلال الفترة المقبلة، موضحاً أن فكرة الدولة العسكرية أو الدينية غير متاحة تماما فى المرحلة المقبلة، ومستقبل الحريات والديمقراطية سيكون مصانا بنصوص الدستور والقانون، الذى اتفق عليه المواطنون، واحتكموا إليه، قائلا: «كان من الممكن جدا أن يكون بيان 3 يوليو 2013 يعلن تولى المشير عبد الفتاح السيسي قيادة مجلس رئاسي، يتولى مقاليد الحكم في الدولة، ويسيطر على كل شيء، إلا أن هناك قيم ومبادئ راسخة بين القوات المسلحة والشعب المصري العظيم، تمنع من القيام بتلك التصرفات، وارتضت أن يتم تسليم الدولة لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وترك الخيار بعد ذلك إلى الشعب فى انتخابات ديمقراطية نزيهة».
وأوضح المشير السيسي أنه حينما كان يتحدث فى مجلس الوزراء خلال عمله وزيرا للدفاع، كان دائما يفضل أن يكون آخر المتحدثين، نظرا لأنه يحرص أن يكون كلامه مبنى على رؤية واضحة، وواقع سليم، قائلاً: «الكلام عندي يمر على فلاتر الصدق والحق والأمانة، ولا أتكلم دون معرفة أو دراسة، وأمضيت طيلة عمري هكذا».
وذكر أن هناك معادلة صعبة دائماً تواجه الدولة، تتمثل فى كيفية تحقيق أمن بدرجة كافية ومرضية للمواطن، دون المساس بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعدم الجور على الأبرياء، مؤكدًا أن المفكرين والمثقفين لهم دور كبير جدا فى هذا الأمر ، نتيجة إدراكهم الواعى للمشكلات التي يعاني منها الوطن، وقدرتهم على تجميع الصورة بكامل تفاصيلها وعرضها على المواطن.
وأشار المرشح الرئاسي إلى أن المعرفة الانسانية بمفهومها الشامل، هي المعنى الحقيقى للثقافة، ولن نتمكن أبدا من استيعاب الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة القويمة، إلا من خلال كم ضخم جداً من الثقافة والمعرفة والانفتاح على العلوم والفنون المختلفة لدى شتى الحضارات والشعوب . وكشف المشير عبد الفتاح السيسي أن الموقف الاقتصادى المصرى هو الحاكم للمشهد فى مصر بشكل عام، موضحا أن قدرة مصر الاقتصادية، تترتب عليها الكثير من القضايا والتحديات، معتبراً أن التعليم لن يتم تحسينه بأى حال دون قدرة اقتصادية ومادية حقيقية تمكن من تأسيس بنية تحتية مناسبة لإنشاء مدارس جديدة، وإضافة أعداد مقبولة من المعلمين يمكنها رفع كفاءة وجودة العملية التعليمية، وكذلك الحال فى قطاعات الصحة والإسكان والنقل وكافة النواحى الخدمية والإنتاجية.
وأوضح السيسي أن مصر دولة مواردها محدودة، ولكن سنعمل على النهوض بها وتغيير واقعها إلى الأفضل بمعاونة سواعد المصريين، قائلا: «لن نسمح لأحد أن يقود الدولة إلى الضياع، وأنا أجلس مع كل من يمكنهم التأثير في عقلية المواطن المصري، حتى يساهمون فى عرض حجم المشكلة الحقيقية على المواطن».
من جانبه شكر محمد سلماوي، رئيس اتحاد الكتاب، دعوة المشير عبد الفتاح السيسي لهم في التواصل معه، والاستماع لرؤيتهم حول القضايا المختلفة، مؤكداً أن أدباء وكتاب مصر هم ضمير الأمة وعقلها المفكر، ووقفوا دائما خلال الفترة الماضية ضد حركة الظلام والتدمير، التى حاولت القضاء على هوية مصر الثقافية، والفنية والأدبية، حيث كان الأدباء والمثقفين دائما في الميادين ليعلنوا عن رفضهم لحكم الفئة التى حاولت السيطرة على مصر.
ومن جانبه قال الشاعر والمفكر أحمد عبد المعطي حجازي إن المثقفين المصريين بغض النظر على أسمائهم وتوجهاتهم يرمزمون لثقافة أسست للثقافة الانسانية بأكلمها ويمثلون قيمة حضارية عظيمة فى ماضى الأمة المصرية وحاضرها ومستقبلها أيضا.
وأضاف «حجازي»: «أوجه تحية تقدير للمشير عبد الفتاح السيسي أنقذ مصر بعدما اتحاز لإرادة الشعب المصري»، مؤكدًا أنه أنقذ مصر من العودة مرة أخرى إلى عصور الظلام ، فالسيسي هو ثمرة نضال المصريين، الذين خرجوا يطالبون بتولية محمد على حاكما على مصر.
وأشار «حجازي» إلى أنه على الرغم من أن المستقبل صعب والتحديات هائلة، إلا أن مصر ستتقدم رغم أن المطلوب كثير، موجهًا حديثه للمشير السيسي: «نعاهدك أن نناضل دائما من أجل حرية التعبير وحرية الاعتقاد ، وأن نظل دائما أمناء على الفكر والثقافة»، ورد عليه المشير عبد الفتاح السيسي: «أتمنى أن أنضم إليكم في هذا العهد».
من ناحية أخرى أكد الكاتب والروائى جمال الغيطانى أن المعركة التى تدور فى مصر الآن ثقافية بالدرجة الأولى، وتستهدف تغيير هوية وثقافة الشعب المصري، موضحا أنه لأول مرة منذ تاريخ الحضارة المصرية، يصبح كيان الدولة المصرية على المحك بهذه الطريقة ، التى لم تشهدها البلاد حتى فى عهد الاستعمار، موضحًا أن «وصول جماعة الإخوان الإرهابية خلال العام الماضى جعل كيان الدولة المصرية على المحك» .
ووجه «الغيطاني» التحية للمشير عبد الفتاح السيسى على دوره فى ثورة «30 يونيو» قائلاً: «لقد أنقذت العالم العربى والإسلامي، أحييك على ماقمت به من جهود لمكافحة الإرهاب وغلق أنفاق التهريب بين مصر وقطاع غزة، في ظل حكم الإخوان، والوقوف ضد تملك الأراضى في سيناء للأجانب، والتصدي لمحاولة هيمنة بعض الدول على قناة السويس».