x

شارع المعز يصارع من أجل البقاء

الأحد 04-05-2014 20:10 | كتب: محمد فتحي |
شارع المعز .. جمال تاريخى يقاوم التدهور شارع المعز .. جمال تاريخى يقاوم التدهور تصوير : اخبار

ذلك الفضاء التاريخي المفتوح لا تستطيع أن تنتهي من متعة مشاهدته، تشعر وأن آلة الزمن قطعت أكثر من 1040 عامًا للوراء، شيئا ما يتغير في ملامحك تعبيراتك، نظراتك إلى كل ما حولك، وأنت تتحسس ملابسك، التي تكاد أن تتغير، على أرضية من الجرانيت الأسود، وفي ونسة من روائح العصور القديمة تغادر زمنا صاخبا إلى زمن آخر مفعم بالجلالة، فينفتح التاريخ وتتجاور القرون، من زمن القائد جوهر الصقلي باني القاهرة (969 م)، مرورا بزمن المماليك البحرية والبرجية (1250 – 1517م)، إلى زمن قاهرة نجيب محفوظ، حوالي 33 أثرًا إسلاميًا يشكلون أكبر متحف مفتوح للآثار في العالم بشارع المعز لدين الله الفاطمي، رابع الخلفاء الفاطميين في إفريقية والأول في مصر.

تنفرد آثار الشارع برونق خاص من حيث جمال ودقة وتنوع وضخامة العمارة والزخرفة، يقبع في أول الشارع المتحف مدرسة ومسجد السلطان الأشرف برسباي، تستدعيك مشاهد والصروح من مدرسة الصالح نجم الدين أيوب، إلى مدرسة الظاهر بيبرس، لقبة ومدرسة وبيمارستان السلطان المنصور قلاوون، فمسجد الناصر محمد بن قلاوون حتى مسجد السلطان برقوق وقصر الأمير بشتك.

وقبل أن تنتهي من نظراتك على إبداعات الرسامين المنتبهين لتلك العمارات، يطل الشارع من جديد بإبداعات من عصور مختلفة، فتجد حمام أنيال من عصر المماليك البرجية، ومدرسة ومسجد السلطان الكامل من عصر المماليك البحرية، وجامع الأقمر من العهد الفاطمي، وسبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا، وما إن تعبر الدرب الأصفر حيث بيت السحيمي تعود إلى مسجد سليمان أغا السلحدار بزاوية أبو الخير الكليباني وحتى مسجد الحاكم بأمر الله، لتنتهي الرحلة مع بوابة الفتوح حيث كانت تدق طبول الحرب مع خروج الجيوش.

ذلك الجمال التاريخي ظل يقاوم حفاظًا على بهائه، فالقاهرة التي فقدت أكثر من 40٪ من نسقها المعماري وملامحها الأثرية، في فترة التسعينيات، زادها سوءا، حالة الانتكاسة المعمارية التي خلّفها زلزال 1992 ما عجّل بوجود مشروع عام 1998 لإنقاذ210 منطقة آثار متضررة, من بينها شارع المعز، حيث تم ترميم ‏33‏ أثرا بالشارع‏ أهمها مجموعة قالوون بالنحاسين ومجموعة السلطان الغورى وقصر الأمير بشتاك وباب النصر والفتوح وسور القاهرة بينهما والمدرسة الكاملية وجامع ابن طولون وقصر الأمير طاز وجامع المؤيد شيخ.

واتسع اهتمام وزارة الثقافة المصرية بهذا الشارع لتطويره وترميمه ليكون متحفاً مفتوحاً للزائرين عام 2008، بتكلفة قدرها 23 مليون جنيه، حيث تم ترميم جميع الآثار بالشارع ترميماً متكاملاً بالإضافة إلي ترميم وتطوير متكامل ليؤكد علي الطابع التاريخي الفريد للمكان وعناصره الوظيفية والجمالية والبصرية مع تحقيق عوامل الراحة والأمان للزائرين، فبالإضافة إلى أنه مزار أثري وسياحي فأنه يعد سوق تجاري يتردد عليه مئات الآلاف يومياً.

ورغم أنه تقرر الحد من حركة الآليات وجعلها في أضيق الحدود وتخصيص الشارع للمشاة وربطه بالشوارع الجانبية، بالتعاون مع أصحاب المحال بتوحيد اللافتات الخاصة بهم ومنع البروز واليافطات المشوهة للمكان، إلا أن ذلك كله لا يحدث الآن عقب ثورة 25 يناير، فعاد الشارع إلى درجة أقل من الطبيعي، تمر السيارات والباعة المتجولون بجوار عربات «الكارو»، اختفاء عناصر الأمن، اللافتات الإرشادية أصبحت ديكورا، السمت التاريخي بدا في الاختفاء.

شارع المعز الممتد بطول 1400 متر بين شارع الأزهر جنوبا، وباب الفتوح عند أسوار مصر القديمة شمالا، والذي سقط فريسة الانفلات الأمني في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، يصارع في معركة للبقاء ضد إهمال الأحفاد، لذلك قام المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، بزيارة مفاجئة لاستطلاع أحوال الشارع فى محاولة لإعطائه قبلة الحياة لاسترداد عافيته من جديد كتراث حضارى معمارى إسلامى، بجانب كونه منطقة سياحية وأثرية كلفت الدولة عشرات الملايين لإصلاحها فى السابق، مؤكدًا قيام الحكومة ببعض الإصلاحات الجديدة، مع العمل على الانتهاء من مشروع الصوت والضوء بالشارع، والتشديد على الناحية الأمنية الخاصة بالمناطق الأثرية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية