x

محمد الهواري زوبعة زوبع محمد الهواري السبت 03-05-2014 21:26


عزيزى القارئ، قبل أن تشرع فى قراءة المقال، اعلم جيداً أنك إذا كنت تتبع تياراً سياسياً بعينه، لن يعجبك معظم ما ستقرأه فى السطور التالية، التى تستند إلى وقائع هى أقرب نقطة إلى الحقيقة، وليست من نوعية ما تتلقاه يومياً من آلاف الأخبار عبر وسائل إعلام تتنوع أيديولوجياتها ومآربها، فتمهل قليلاً وافسح المجال لعقلك ليتحقق ويدقق، واعلم عزيزى القارئ أن بعض الصحفيين يجمعون الأدلة كالمحامى، يشخصون المرض كالطبيب، يتحققون ويستوثقون كوكلاء النيابة، لكنهم لا يحجرون على دورك فى إصدار الأحكام كالقاضى، حول ما ينشرونه، ولا يتصدرون للحكم على الأمور، فقط يعتمدون على نقل الوقائع دون تحريف أو تجريف أو تخريف، لا يزال هناك مثل هؤلاء، وإليك أكتب هذه الوقائع..

الإخوان يطلبون تدخل الجنائية الدولية

فى الفترة بين يومى 16 و26 مارس الماضى، أتيحت لى الفرصة للسفر إلى هولندا، لتغطية سلسلة من الفعاليات التى سبقت قمة الأمن النووى، يومى 24 و25 مارس الماضى، لكن فى هذه الفترة أتيحت لى فرصة لقاء من نوع خاص، التقيت مع 17 صحفياً من 13 دولة، بالقاضية فاتو بنسودا، المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، فى مقر المحكمة بمدينة "لاهاى"، ولأنى مثلك عزيزى القارئ أسمع من وقت لآخر ما يقوله الإخوان من أنهم بصدد محاكمة النظام الحالى وقيادات الجيش والشرطة أمام المحكمة الجنائية الدولية، كان لزاماً على أن أسألها عن حقيقة هذا الأمر، باعتبارها المصدر الرئيسى فى مثل هذه الظروف، للحصول على المعلومة الصحيحة، المنزهة عن التحريف والتجريف والتخريف.

المحكمة تعلن حيثيات الرفض

"هل تنوون التدخل فى مصر والتحقيق فيما جرى من وقائع منذ 30 يونيو 2013"، كان سؤالى لها مباشراً، أجابت من ناحيتها بكل صراحة وشفافية بأن "مصر ليست عضواً فى النظام الأساسى للمحكمة وبالتالى ليست لنا ولاية قضائية على مصر". ونشرت جريدة "المصرى اليوم" هذه التصريحات فى 23 مارس الماضى، إلا أنه يوم الخميس الماضى أعلنت المحكمة على موقعها الرسمى "حيثيات رفض طلب الإخوان التحقيق فى مصر"، وأكدت الحيثيات ما سبق ونشرته "المصرى اليوم"، يمكنك دون الاستماع إلى حديث من هنا أو من هناك، التوجه مباشرة إلى هذا الرابط http://www.icc-cpi.int، وستجد بعض الأقسام باللغة العربية مما يسهل مهمتك.

مزاعم إخوانية للتشكيك فى المحكمة

وعلى الرغم من حرفية البيان إلا أن د.حمزة زوبع، القيادى الإخوانى الهارب فى قطر الآن، قال فى تصريحات للزميل ياسر على، فى قسم الإسلام السياسي بالجريدة، مجموعة من الادعاءات التى أطرحها عليك للوقوف على مدى مصداقيتها. قال زوبع: " المحكمة الجنائية الدولية تلقت رشاوى من عدة دول عربية، مما أدى إلى رفضها الدعوى المقدمة من جماعة الإخوان المسلمين ضد قيادات السلطة الحالية والجيش والشرطة، على خلفية فض اعتصامي رابعة والنهضة.

لك أن تعرف التالى، تقدم محامو حزب الحرية والعدالة، بطلب إلى سجل المحكمة للتدخل فى مصر، فى 13 ديسمبر الماضى، بموجب المادة 12.3، من نظام روما الأساسى، المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، والذى ينص على: (إذا كان قبول دولة غير طرف فى النظام الأساسى للمحكمة لازما بموجب الفقرة 2، جاز لتلك الدولة بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث، وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون تأخير أو استثناء وفقا للباب 9)». وبالتالى ما تقدم به الإخوان إعلان للتدخل وليس دعوى قضائية كما زعم السيد زوبع.

أما فيما يتعلق بما زعمه من تلقى المحكمة رشاوى، يجب أن تكون لديه الأدلة الكافية قبل أن يتحدث بتلك الجرأة التى يعاقب عليها القانون، كما أننى لست بصدد التحدث باسم المحكمة، لديها من يقوم بذلك.

وقال زوبع إن هناك قاضيًا في المحكمة «سرّب قرارها، بالمخالفة للقانون الدولي ولوائح المحكمة»، ومرة أخرى ربما يشير إلى ما نشرته من تصريحات سابقة، وهو ليس بتسريب، وإنما لقاء صحفى، كما أنه ليس قرار لأنه لا توجد دعوى من الأساس، وإنما حديث فنى حول آلية عمل المحكمة فى تعاملاتها مع مثل هذه الطلبات التى يتم التقدم بها.

واعتبر «زوبع» مبررات المحكمة لرفض دعوى جماعة الإخوان المسلمين «غير مقنعة على الإطلاق»، قائلاً «لا يعقل أن تطلب المحكمة أن تقدم الدعوى من الحكومة نفسها، فهل تقدم الحكومة دعوى ضد نفسها في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أنه من حق أي فرد في أي دولة أن يتقدم بدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية إذا شعر بالظلم من الحكومة والقضاء، وهذا هو حال الإخوان حاليًا». وهو أمر منافى تماماً لنظام روما الأساسى المنظم لآليات عمل المحكمة، وأدعوك إلى الاطلاع على هذا الرابط

حقيقة تدخل المحكمة فى سوريا

وأخيراً اختتم زوبع حديثه قائلاً: «المحكمة الجنائية الدولية تدخلت في القضية السورية، ولم تتقدم الحكومة السورية بدعوى أمامها، بل المعارضة. لماذا تم قبول الدعوى السورية ورفضت المحكمة الجنائية الدعوى المصرية؟». والجدير بالذكر أن سوريا هى الأخرى ليست طرفاً فى النظام الأساسى للمحكمة وبالتالى ليس للمحكمة ولاية قضائية عليها، وما يقع على الأراضى السورية من جرائم لا تدخل فى ولاية المحكمة، وهو ما يتطلب إما إعلاناً من الحكومة السورية لقبول ولاية المحكمة لتبدأ التحقيق، وإما قرار من مجلس الأمن الدولى وهو ما لم يحدث، وبالتالى لا صحة لما زعمه السيد زوبع.

رجاء إلى قارئ فى مرمى الزوابع

عزيزى القارئ، أنت ضحية زوبعة زوبع، وغيره من الزوابع التى لا تأتى بخير دائماً، ستتعرض يومياً إلى آلاف المزاعم والإدعاءات من مختلف الأطراف، أدعوك أن تكون أنت المحقق والمدقق، فقط اذهب إلى مصادر المعلومات الحقيقية، المنزهة عن التحريف والتجريف والتخريف. عزيزى القارئ، كن على موعد مع المزيد من زوابع زوبع، كن مستعداً، متسلحاً بالمعرفة السليمة، لا تجعل عقلك حقلاً لزرع السموم والشائعات والخرافات، وحتى لا أثقل عليك، أدعوك للاسترخاء والاستماع إلى أغنية المطرب التونسي الكبير، لطفى بوشناق، أنا المواطن، والتى يقول فى نهايتها: "يا وطن وانت حبيبى وانت عزى وتاج راسى..أنت يا فخر المواطن والمناضل والسياسى..أنت أجمل وأنت أغلى وأنت أعظم من الكراسى".

محمد الهواري

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية