لم تمر سوى 12 ساعة على انفجار قنبلة منطقة مصر الجديدة، صباح الجمعة، التى أسفرت عن استشهاد شرطى وإصابة 4 آخرين، حتى دوَّى انفجار آخر فى قلب القاهرة، وبحسب شهود عيان فإن الانفجار طرق آذان أهالى ورواد مناطق الإسعاف والزمالك ورمسيس بقوة دون التعرف على موقعه.
وقال مصدر مسؤول بمديرية أمن القاهرة لـ«المصرى اليوم» إنه فى التاسعة و45 دقيقة تلقت إدارة النجدة والحماية المدنية والمفرقعات ومباحث العاصمة، فى توقيت واحد، إخطاراً بانفجار عبوة ناسفة أمام نقابة المهندسين بشارع رمسيس.
فور وقوع الانفجار وصلت مباحث القاهرة ووحدات من إدارة المرور، وأغلقت الطريق أمام حركة السيارات والمارة، وأجرت تحويلات مرورية لفك التكدس فى قلب القاهرة، بسبب إغلاق شارع رمسيس، فيما سادت حالة من الذعر والهلع بين أهالى المنطقة، وأغلقت المحال أبوابها، وفر المارة من الشوارع.
قال أحمد عيد، 70 سنة، حارس عقار بشارع رمسيس: «سمعنا دوى انفجار هائل فى العاشرة إلا الثلث، وتأكدنا أنه بسبب قنبلة»، لافتاً إلى أن الانفجار هز نوافذ الشقق والمكاتب، وفر الأهالى والمارة فى اتجاهات مضادة لموقع الانفجار فى منطقة محطة مترو أحمد عرابى.
ويروى عامل محطة بنزين شهادته عن الواقعة، وهو يشير إلى السيارة المفخخة: «فوجئنا بهذه السيارة تسير فى الشارع، وصدر عنها صوت انفجار فى جزئها الأمامى، واستمرت فى سيرها واصطدمت بأخرى ملاكى، واستقرت فوق الرصيف أمام نقابة المهندسين بعد اصطدامها بعمود إنارة، وشاهدنا جثة قائدها وقد انشطرت من شدة الانفجار، ونقلته الإسعاف إلى مستشفى صيدناوى، ورأينا آخر يهرب من جوار السيارة».
وأضاف العامل، الذى طلب عدم ذكر اسمه: «حضر خبراء المفرقعات، وأجروا عملية تمشيط فى محيط محطة المترو، تحسباً لوجود قنابل أخرى». وتابع: «الحمد لله الانفجار لم يقع بالقرب من المحطة».
فى تمام العاشرة مساءً فرضت قوات الأمن كردوناً أمنياً حول موقع السيارة المفخخة، وأبعدت الأهالى المتجمهرين خارج الكردون، وبدأت فرق خبراء المفرقعات بقيادة اللواءين ممدوح عبدالقادر، مدير الحماية المدنية بالقاهرة، وجمال حلاوة، وكيل الحماية المدنية، فى فحص وتمشيط المنطقة والسيارات المتوقفة والأشجار، والأجسام المشتبه بها وصناديق القمامة، باستخدام الكلاب البوليسية وأجهزة الكشف عن المتفجرات، تحسباً لوجود عبوات أخرى.
وكشف مصدر بإسعاف القاهرة: «نقلنا جثة متهتكة من داخل السيارة المفخخة إلى المستشفى، وعلمنا أن آخر أصيب بإصابات خفيفة، ولا أعرف ما إذا كان متوقفاً بالقرب من الانفجار، أو كان داخل السيارة»، لافتاً إلى أن الضحية توفى فى الحال نتيجة الانفجار.
وكشفت التحريات الأولية، فى مسرح الحادث، أن عناصر إرهابية زرعوا عبوة ناسفة أسفل مقعد السيارة المفخخة، وهى بيضاء اللون، ماركة «نيفا» دون لوحات معدنية، وفجروا القنبلة عن بعد باستخدام هاتف محمول أثناء مرور السيارة فى شارع رمسيس، ما أسفر عن وفاة قائدها.
وأفادت التحريات أن الضحية قائد السيارة يدعى باسم أحمد جامع، 26 سنة، ضابط احتياط بالقوات المسلحة، وأنهى خدمته منذ فترة قصيرة.
وذكرت التحريات أن المتوفى كان فى زيارة لأحد أقربائه بمنطقة التوفيقية، تاجر خردة، وأن فريقاً بحثياً تشكل بإشراف اللواءين أسامة الصغير، مساعد وزير الداخلية للأمن، وعلى الدمرداش، مدير أمن القاهرة، للكشف عن ملابسات الحادث.
وبدأت مباحث القاهرة فى استجواب شهود عيان، وتفريغ صور وفيديوهات كاميرات المرور بشوارع رمسيس والجمهورية وعرابى والجلاء، لتحديد هوية المتهمين، وهوية الهارب من جوار السيارة، بعد تضارب روايات شهود عيان بشان موقعه أثناء الانفجار، بقول شهود إنه كان يجلس بجوار قائد السيارة، فيما روى آخرون أنه كان ماراً بجوارها مترجلاً.
ووصل إلى مكان الحادث مدير أمن القاهرة قادماً من أحداث اشتباكات حلوان التى أسفرت عن إصابة نحو 20؛ بينهم 3 ضباط شرطة وأهالى المنطقة، وعناصر من الإخوان.
وفحص مدير الأمن السيارة المفخخة، واستمع لتقارير مفرقعات القاهرة الأولية، التى أكدت أن العبوة زرعت أسفل مقعد قائد السيارة، ولا تحتوى على مسامير، وأنه تم تفجيرها باستخدام هاتف محمول.
وتجمهر مئات من أهالى المنطقة فى محيط الحادث، ودوت هتافات فى شارع رمسيس: «الإخوان هما الإرهاب.. الشعب يريد إعدام الإخوان»، تعبيراً عن سخطهم من تكرار حوادث الإرهاب التى تستهدف الشعب ورجال الجيش والشرطة.
وتحفظ فريق من المعمل الجنائى على أجسام غريبة رجَّح مصدر أنها أشلاء متطايرة من الجثمان، فيما وصل فريق النيابة العامة فى ساعة مبكرة من صباح أمس، لمعاينة آثار الحادث ومباشرة التحقيقات.