مدح على خفة الظل أو الامتعاض والهجوم وأحيانًا تصل النتيجة إلى القتل.. ثلاث احتمالات لردود على تصريحات مسؤولين رسميين عن «زواج دولهم بدول أخرى»، بينما يرى الدكتور محمود كامل، أستاذ اللغويات، رئيس قسم اللغة الإنجليزية بأكاديمية الفنون، أن الثقافة الإنجليزية لا تعتبر علاقة الزواج مرادفًا لـ«النكاح» وأن الأمر لا يتعدى تعبيرًا مجازيًا مقبولًا.
تصريحات نبيل فهمي، وزير الخارجية، وتشبيهه للعلاقات بين مصر والولايات المتحدة بالزواج، استدعت توضيحًا مطولًا من الوزارة يشرح ويبرر إطلاق التصريح، بينما أودى تصريح مشابه بحياة أمين باشا عثمان، وزير المالية في حكومة الوفد من عام 1942 إلى 1944، والذي اتهمته القوى الوطنية آنذاك بأنه «عميل» لبريطانيا، مستشهدين بتصريحه: «أن العلاقات بين مصر والتاج الإنجليزي تشبه الزواج الكاثوليكي الذي لا طلاق فيه»، وهو ما جرّ عليه العداء، فتشكّلت خلية اغتيال من 11 مصريًا، ونفذت العملية في 5 يناير عام 1946، وكان المتهم السابع في القضية الرئيس، فيما بعد، أنور السادات.
تصريح شبيه لنائب رئيس الوزراء الصيني وانج يانج، الذي وصف علاقة بلاده بأمريكا بأنها «زواج»، موضحًا أن سماح الولايات المتحدة بزواج المِثليين ووقوفه بجانب وزير الخزانة الأمريكي جاك ليو في مؤتمر صحفي بواشنطن في 10 يوليو 2013، لا يعني أنه «زواج مِثليّ»، مضيفًا أن علاقة «زواج بلاده بالولايات المتحدة الأمريكية لا تحتمل طلاقًا مكلفًا كالذي حدث بين الملياردير الأمريكي وعملاق وسائل الإعلام روبرت مردوخ وزوجته الصينية الشابة، وأن طلاقًا لو وقع سيعني دفع الكثير من النقود». وهي التصريحات التي أثارت استياء الوفد الصيني المرافق، بينما اعتبرها مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية تعبيرًا عن «خفة ظل رجل مثير للإعجاب، وأنها (خفة الظل) لا يمكن ترجمتها للغة أجنبية»، كما نقلت رويترز.
بينما استخدمت محللة سياسية مثل إيليز لابوت، محررة الشؤون الخارجية في محطة سي إن إن والحاصلة على عدة جوائز، نفس التعبير في تقرير سياسي عن العلاقة بين الولايات المتحدة وباكستان، واصفة ذلك بأنه «زواج غير مستقر»، له تاريخ من انعدام الثقة المتبادل وخيبة الأمل من الجانبين.
الدكتور محمود كامل، أستاذ اللغويات بأكاديمية الفنون، اعتبر أن المصطلح الذي استخدمه وزير الخارجية ينم عن معرفة قوية بالثقافة الأمريكية، وأن نقل التصريحات تنم عن جهل بالخلفية الثقافية للغتين العربية والإنجليزية، مستشهدًا بمصطلح ثان يستخدمه الصحفيون العرب وهو «العصا والجزرة» عبر ترجمته حرفيًا من اللغة الإنجليزية.
«عندنا في الثقافة العربية مصطلح بديل وهو سيف المعز وذهبه، وبالتالي لا يصح استخدام العصا والجزرة للحديث عن الترغيب والترهيب»، يقول «كامل»، شارحًا أن التعبير الذي استخدمه الوزير «فهمي» في وصف علاقة مصر بالولايات المتحدة لا يعني «النكاح» وأن الصحيح نقل مثل هذا المجاز باعتباره وصفًا للعلاقات الودية والمتينة بين الدولتين.