كتب الأستاذ باهى حسن فى «المصرى اليوم»: «زواج شرعى وليست نزوة»، هكذا وصف نبيل فهمى، وزير الخارجية، علاقة مصر بالولايات المتحدة الأمريكية، مما أعاد للأذهان تصريحات وزير المالية المصرى أمين عثمان، أيام الاحتلال البريطانى لمصر فى وزارة مصطفى النحاس باشا، عندما قال إن «العلاقة بين مصر وبريطانيا زواج كاثوليكى لا طلاق فيه». انتهت الفقرة الأولى من تقرير قرأته على موقع الجريدة. عشرات من المواقع ومحطات التليفزيون والصحف تناولت تصريح الوزير نبيل فهمى. لم يصدر نفى عن الوزير بعد. لم يصدر توضيح. كان الكلام منقولاً عن لسانه حرفياً. جاء ذلك بعد أن امتدح وزير الخارجية كيرى لغة الوزير المصرى الإنجليزية.
وصف العلاقات بين الدول بأساليب مختلفة أمر معروف فى الثقافة الغربية. يتحدث المعلقون عن شراكة رقصة الفالس التى لا يمكن إلا أن يؤديها اثنان. مثل هذه الكلمات لا يمكن فهمها فى الثقافة العربية. الشعب المصرى لديه مقياس مختلف وإضافى. الوزير المحنك الذى يريد إبلاغ رسالة هو الذى يمكنه أن يعبر عن ثقافته لدى ثقافة الآخرين. لم يكن شىء كثير سوف يتغير إذا قال الوزير المصرى إن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة علاقة استراتيجية لا تقبل الانتهاء. الوصول بالصياغة إلى مرحلة الزواج. ثم تأكيد المعنى بأنها ليست نزوة. أى علاقة أسرية منظمة وموثقة. هذا معناه أن الوزير يقصد ما يقول.
يجوز أن الوزير يريد أن يؤكد تميز العلاقة بين مصر والولايات المتحدة. لا يريد أن يمنح إسرائيل هذا التميز المنفرد. يجوز أن الوزير يريد أن يعوض للولايات المتحدة سفره إلى موسكو قبل أن يزور واشنطن. يجوز أنه يريد الإيحاء بأن العلاقة مع الولايات المتحدة أهم من أى علاقة أخرى. لم يقل ذلك عن أى علاقة بين مصر وغيرها. لم يقل ذلك عن علاقة مصر بالدول العربية. المعنى واضح. مجاملة كبيرة جدا للولايات المتحدة. يحاول أن يعوض بها ما حدث من مشكلات فى العام الماضى. أعتقد أنها مجاملة ذهبت بعيدا. لن تحقق تمنيات الوزير. التغييرات الكبرى فى العلاقات تحدث نتيجة لأسباب كبرى. التغيير فى العلاقة بين مصر والولايات المتحدة بدأ حين ذهب المشير السيسى إلى موسكو. بدأ قبل ذلك حين ساندت دول عربية مصر بعد 30 يونيو.
شاهدت تعليقاً ساخناً للأستاذ عمرو أديب على تصريح الوزير. قرأت تعليقات غاضبة فى تقرير الأستاذ باهى حسن. طالعت مطالبة أحزاب مصرية باستقالة الوزير. تعليقات حانقة صادفتنى فى صفحات مختلفة لـ«فيس بوك». لاحظتها بينما كنت أتصفح الموقع الشهير ووجدت فى المقابل وزارة الخارجية صامتة. وجدت مجلس الوزراء لا ينطق. كان على الوزير أن يوضح المعنى الذى يريد أن يقوله. كان على نبيل فهمى أن يقول ماذا يقصد. أن يحاول حل المشكلة الثقافية بين البلد الذى يمثله والبلد الذى يريد أن يبنى مصالح معه. الإعلام لا يمكن أن يحتمل هذا الانتظار. فى وقت الإنترنت والشبكات الاجتماعية يجب ألا تتأخر ردود الأفعال. قد تكون النوايا حسنة. لكن هناك مشكلة. تقتضى التدخل المباشر من الوزير نفسه لكى يشرح نفسه. ماذا يقصد بعلاقة الزواج بين مصر والولايات المتحدة.
لا أستسيغ المقارنة بين تصريحى أمين عثمان ونبيل فهمى. بالتأكيد نبيل فهمى ليس هو وزير المالية قبل التحرر من الاحتلال. بريطانيا علاقتها مع مصر كانت مختلفة عن علاقة مصر بالولايات المتحدة. المقارنة كذلك تستدعى المشهد التالى فى سيرة أمين عثمان. هذا خطر ولا يجوز. لكن انتقاد الوزير ومراجعته أمر صحى. عليه أن يستجيب للرأى العام. يخرج ليتكلم مع وكالة أنباء أو محطة تليفزيون. العالم كله نقل عنه هذا التصريح غير المسبوق.