السينما فى كل العالم وفى كل تاريخها، مثل كل الفنون، تتكون من أعمال كثيرة تنتمى إلى السينما السائدة، أو «التجارية»، والكلمة بين قوسين عن عمد، لأن ظلالها فى العربية تشير ضمناً إلى قلة القيمة، بينما ليست كذلك فى الإنجليزية، مثل كلمة تسلية، وأعمال قليلة تنتمى إلى سينما المؤلف، أو «الفنية»، والكلمة بين قوسين عن عمد أيضاً، لأن الكلمة تشير ضمناً إلى عظم القيمة، بينما القيمة لا تأتى لمجرد أن المخرج مؤلف.
ولا بد هنا من ملاحظة أن المخرج المؤلف ليس من يكتب سيناريوهات أفلامه بالضرورة كما هو شائع، فليس المقصود بالتأليف الفيلم على الورق بلغة الأدب، وإنما الفيلم على الشاشة بلغة السينما. وسامح عبدالعزيز من مخرجى السينما المصرية فى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، الذين تخرجوا فى معهد السينما، وأخرج أول أفلامه عام 2005، وكلها تنتمى إلى السينما السائدة فى زمنه، ولكنه يحاول تجاوز هذه السينما فى العديد منها، مثل «الفرح» عام 2009، و«صرخة نملة» عام 2011 ليعبر عن رؤيته الواقع. والسينما السائدة فى زمن سامح عبدالعزيز سينما محافظة، أو «نظيفة» حسب الوصف الشائع فى إطار صعود الإسلام السياسى منذ تولى «آيات الله» الحكم فى إيران عام 1980، أى سينما محجبة لا تعبر عن الفرد وعلاقته بالآخر والمجتمع والكون.
ولا ترفض هذه السينما التعبير عن الجنس والحرية والدين فقط، رغم أنها الأعمدة الثلاثة للدراما منذ المسرح اليونانى فى القرن الخامس قبل الميلاد، وإنما ترفض أيضاً تلامس الأجساد ولا حتى بالقبلات، وهذا حال كل أفلام سامح عبدالعزيز وغيره من مخرجى جيله، بما فى ذلك «حلاوة روح» الذى شاهدته فى عرض خاص بعد قرار الحكومة إيقاف عرضه وإعادته إلى الرقابة لمراجعة التصريح بعرضه.
وعندى أن أهم ما يميز سينما العقد الأول أو سينما ما قبل الثورة فى مصر ما يمكن أن نطلق عليه «الواقعية الوحشية» خاصة فى السينما السائدة، التى وصلت ذروتها فى تحفة خالد يوسف «حين ميسرة» عام 2007، و«إبراهيم الأبيض» إخراج مروان حامد عام 2009، ويندرج «حلاوة روح» تحت هذه الواقعية فى امتدادها بعد الثورة.
إنها واقعية تمزج بين المدرستين الواقعية والطبيعية فى الفنون والآداب، فالواقعية تعبر عن الواقع الاجتماعى والسياسى، والطبيعية تعبر عن الواقع الإنسانى الذى تحركه الغرائز، ويبدو الإنسان فى تلك الواقعية كأنه يعود إلى أصوله الأولى فى الكهوف.
«حلاوة روح» من أفلام السينما السائدة العادية، ويبدو أن كل مشكلته وكل مشكلة مخرجه وكاتب السيناريو (على الجندى) والمنتج محمد السبكى - أنهم من دون ظهير سياسى وإعلامى يدافع عنهم ويحميهم من الغوغائية، فما نجده فى الفيلم مما اعتبر «إسفافاً» عند البعض
أقل بكثير مما يوجد فى أفلام أخرى لنجوم وكتاب ومخرجين ومنتجين «كبار»، والكلمة بين قوسين عن عمد أيضاً.
[email protected]