x

الطائفية.. سلاح المالكى للاحتفاظ بكرسى السلطة

الأحد 27-04-2014 20:34 | كتب: محمد البحيري |
 نورى المالكي ، رئيس الوزراء العراقي نورى المالكي ، رئيس الوزراء العراقي تصوير : اخبار

يتوجه 20 مليونًا و437 ألف عراقى إلى صناديق الاقتراع، بعد غد الأربعاء، لانتخابِ 328 نائبا من بين 9032 مرشحا لعضوية مجلس نواب جديد، على أمل أن يخرج العراق من محرقة الطائفية التى تلتهم أرواح العراقيين وموارد الدولة وأركانها كل يوم.

ورغم آمال العراقيين لمواجهة آلامهم، يقلل الكثيرون من سقف طموحاتهم، بسبب استمرار الخريطة السياسية ذاتها، حيث النخبة السياسية نفسها، وسيطرة الكتل الحزبية نفسها، والتى تتبنى برامج طائفية وقبلية، وتقيم ائتلافاتها على أسس طائفية تكرس اختلال العملية السياسية. ويدللون على صحة رأيهم عبر الإشارة إلى أن الانتخابات تجرى فى ظل الطائفية الدينية التى بلغت حد الصراع المسلح. ويقولون إن من بين أكثر من 107 كيانات وائتلافات سياسية تتنافس على مقاعد مجلس النواب، هناك 3 كتل أساسية لديها القدرة على المنافسة وتشكيل الحكومة، وهى: ائتلاف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء نور المالكى، والقائمة العراقية، برئاسة إياد علاوى، ويسيطر الشيعة على القائمتين، وكتلة الاتحاد التى تضم ائتلاف «متحدون» برئاسة رئيس مجلس النواب، أسامة النجيفى، والعراقية العربية برئاسة صالح المطلك، وهى ذات أغلبية سنية.

وتعكس الشعارات الانتخابية قوة النزعة الطائفية، ويتوقع البعض أن تجعل انتخابات 2014 أسوأ من سابقتها، خاصة أن الكتل السياسية، السنية والشيعية الكردية، تدخل حلبة السباق الانتخابى هذه المرة بشكل مشتت، بما لا يعكس تعددية سياسية بقدر ما يعبر عن الانقسام.

فالأحزاب الطائفية الشيعية التى تقود الائتلاف الحاكم تعمل على الاستفادة من إفرازات الاحتقان المذهبى والتفجيرات، واستهداف المناطق التابعة لها تنظيميا وعقائديا بالعنف لدفع سكان هذه المدن إلى إبقاء الوضع الطائفى الملائم، ومن ثم إعادة انتخاب غالبية المرشحين والكتل التى تتبنى خط الإسلام السياسى المذهبى الذى أدخلته إيران للمشهد السياسى العراقى.

ويرى محللون عراقيون أن استراتيجية المالكى للبقاء فى السلطة، كما كانت فى السابق، تعتمد على الخطاب الطائفى المفرق وحشد مؤيديه، عن طريق تسخير كل المؤسسات الحكومية من جيش وشرطة واقتصاد لاستمرار وبسط السلطة وفرض قراراتها الطائفية على مكونات الشعب، للفوز بالانتخابات واستغلال ثورة العشائر السنية فى الرمادى، بحجة وجود «داعش» واحتمال عودة البعثيين للسلطة، لتمكينه من الفوز بولاية ثالثة رغم فشله وتدهور شعبيته، مستفيدا من الدعم الإيرانى وغياب معارضة رسمية موحدة ضده.

ونجحت طهران فى تفكيك جبهات خصوم المالكى، وكان أبرزها الجبهة العريضة التى تشكّلت من الشيعة والسنّة والأكراد، لحجب الثقة عنه، عام 2012. فى حين أفادت تقارير بأن قائد الحرس الثورى الإيرانى، قاسم سليمانى، يبذل جهودا مكوكيّة ومضنية لترتيب البيت الشيعى، وأن المالكى على وشك أن يفقد وضعه كخيار إيرانى وحيد. ولا يخفى العديد من المراقبين مخاوفهم من تطور الأمور بعد سيطرة حزب الدعوة الإسلامية (الشيعي) برئاسة المالكى، على مقاليد الجيش العراقى مع حلفائه من قوات بدر وميليشيات شيعية أخرى. وتزداد خطورة المشهد بعد ثبوت عمليات استغلال المالكى للفقر وشرائه ولاء الطبقة الكادحة فى جنوب ووسط العراق عن طريق تجنيد العاطلين عن العمل فى الجيش، ومن ثم جعلهم أدوات قتل طائفية لأشقائهم من الطوائف الأخرى، بحسب عدة تقاريرعراقية.

وفيما يتعلق بسنة العراق، فما زالت احتمالات فوزهم فى الانتخابات ضعيفة جدا، بسبب تشرذم المكون السنى وانفراط عقده، وصعوبة مشاركة الناخبين السنة بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة فى عدد من المناطق، فضلا عن مشاركة نحو 1.5 مليون عسكرى يتوقع أن يمنحوا صوتهم للمالكى الذى يسيطر على الجيش.

وتزداد الصورة تشوها فى محافظة كالأنبار، أكبر المناطق السنية، يعيش بها نحو مليونا نسمة، بلغ عدد المصوتين فيها بانتخابات عام 2010 على سبيل المثال 3775 مواطنا فقط. وهو الأمر المرشح للتكرار هذه المرة بسبب أجواء الحرب السائدة هناك ضد تنظيم القاعدة فى بلاد العراق والشام «داعش»، فضلا عن قيام جيش المالكى بتدمير مدنهم، وتحولهم إلى نازحين، وصدور العديد من الفتاوى الدينية والعشائرية التى تمنع السنة من المشاركة بالانتخابات.

فى المقابل، يبدو الأكراد أفضل حالا من غيرهم فى المشهد السياسى العراقى المُفكك. حيث يظهرون أكثر تماسكا واستقرارا مقارنة بالشيعة والسنة. وفى ظل التراشق السياسى بين المالكى ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزانى، يعول الأكراد على أن تأتى نتائج الانتخابات لصالحهم عبر التخلص من المالكى. وإذا لم يحدث ذلك سيبحث الأكراد بقوة عن شخصية أخرى للتوافق معها عند تشكيل الحكومة. ولكن الأمر يزداد خطورة حين يعلن بارزانى فشل التجربة الفيدراليّة، وضرورة توجّه العراق نحو الكونفيدرالية، وهو ما يعنى عمليا تفكيك العراق على أساس طائفى إلى 3 دول.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية