وصلتنى رسائل عديدة تناقش موضوع الفحم. رسائل ترفض استخدامه. رسائل مؤيدة تنتقد الهجوم على توظيفه الآن. هنا ثلاث رسائل منها. لكلٍّ زاويتها المختلفة فى التناول. بعضها لا يقف عند موضوع الفحم. يتناول قضايا أخرى بمناسبة الفحم.. خصوصا الرسالة الأخيرة.
أبدأ برسالة الأستاذ محيى الدين الدفراوى. قال: «عزيزى نيوتن لك منى كل التقدير، وأجد سعادة كبيرة فى قراءة عمودك يوميا. منذ يومين كتبت عن رسالة وصلتك من السيدة حبيبة رمضان التى تؤيد استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت، وهذا يأتى ضد توصية الدكتورة ليلى إسكندر، وزيرة البيئة، وأنا أقدر موقفها عند نقاش استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت، ووقفت ضد رأيى رجال الأعمال ورئيس الوزراء، وكذلك فأنا أجد أن توصية السيدة رمضان خطأ- نشرت رسالتها منذ يومين- مع التكنولوجيا الحديثة التى تصنع الثورة الصناعية الثالثة التى هيأت وسائل أخرى للحصول على الكهرباء من الطاقة المتجددة، واستخدام هذه الكهرباء فى تسخين الفرن لصناعة الأسمنت إما مباشرة أو باستخدام طريقة غير مباشرة مثل استخدام الليزر، وبالتالى نكون قد تخلصنا من استخدام المواد البترولية، ولا داعى لاستيراد الفحم، وتخلصنا من آثاره المسيئة للبيئة.
لو أن المسؤولين عن الطاقة بدأوا من اليوم فى تصنيع الألواح الشمسية وإنشاء مزارع طاقة شمسية تنتج مئات من الميجاوات فى كل محافظة لحصلنا على الكهرباء التى تحل محل استخدام المواد البترولية والفحم إلى الأبد، ولتحولت مصر دولة خضراء فى مقدمة بلاد العالم». انتهت الرسالة الأولى. الرسالة الثانية من السيد فرناس الحكيم. صاحب مصلحة. مسؤول العلاقات الحكومية فى شركة تنتج الأسمنت. كونه صاحب مصلحة لا يمنع قراءة رأيه. يقول: «بالفعل لقد (وجدتها) أنت يا أستاذى العزيز.. لماذا لا نجربه. إيمانا من الشركة.. بملاءمة استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت دون أى أضرار بيئية حقيقية وغير وهمية، ودون الدخول فى نقاشات أغلبها مع الأسف مغلوطة علميا ومن الجانبين.. فقد انتهت الشركة من إقامة منشآت حرق الفحم بأفران الشركة، وأرسلنا خطابا لمعالى رئيس الوزراء، مقترحين عليه عمل تشغيل عملى للمنشآت فى مصنعنا بالعين السخنة فى وجود خبراء وزارة البيئة أو أى خبراء عالميين للقيام بجميع القياسات للانبعاثات ومقارنتها بالحدود القصوى ليس فقط بالقانون المصرى، ولكن أيضا بأى قانون أوروبى أو عالمى. والشركة على أتم استعداد لتحمل كافة التكاليف والمصروفات. ولكننا للأسف لسنا على استعداد لتحمل توقف المصنع لعدم وجود غاز كما هو الحال الآن ومنذ عشرة أيام سوف تمتد إلى آخر الشهر على الأقل، حسب إشارة الشركة القابضة للغازات، وفى إطار احتدام الأزمة خلال الصيف الذى لم يبدأ بالفعل. طلبنا هذا فى مكتب معالى رئيس الوزراء.. فهل يستجيب؟ ونحن فى أشد الاحتياج إلى مناشدتكم معاليه للموافقة من خلال منبركم المستنير».
انتهت الرسالة الثانية. الرسالة الثالثة من الدكتور عبدالوهاب غباشى من الإسكندرية. يقول فيها: «قرأت مقالتك فى (المصرى اليوم) بخصوص الموضوع وما تضمنته رسالة الباحثة السيدة رمضان.. ومخاطباتها مع السيدة أولجا فيليبوفا، المسؤولة بالبنك الأوروبى للتعمير.. ولا أخفيك أننى فعلا تألمت أشد الألم لما وصل إليه الحال فى مصر.. ليس الآن فقط ولكنه هكذا منذ الأزل.. فلا أحد يسمع ولا أحد يقرأ.. ولا أحد يريد أن يتحاور مع الآخر أو حتى يسرق أفكاره.. وينسبها لنفسه.. فى سبيل مصلحة هذا الوطن العزيز.. الذى يتهاوى يوما بعد يوم.. أدعوك.. يا سيدى لأن تتصل بالسيد رئيس الجمهورية المؤقت فلربما.. ولعل وعسى.. وهذا طبعا إذا لم تنجح محاولاتك مع رئيس الوزراء.. الذى يسبح الجميع فى إعلامنا بحمده وسرعته وحزمه فى اتخاذ القرار.
الغريب فى الموضوع أننا لم نسمع عن قرار جرىء من معاليه.. يخرجنا من أزمة الزبالة الطاحنة التى نتنفسها كل يوم.. رغم أننا ندفع رسوم جمعها بانتظام، ومقدما مع فواتير الكهرباء غير الموجودة أصلا، والمنقطعة بانتظام تحسد عليه إدارات الهيئة الموقرة.. مع أن الحل بسيط ولا يكلف الدولة مليما واحدا.. ويكمن فى تسديد مبالغ جمع القمامة للشركات المتعاقَد معها لهذا الغرض، والحد من سرقة التيار الكهربائى علنا فى الشوارع من أعمدة الإنارة وأكشاك المحولات المفتوحة عمدا.. عن طريق الباعة الجائلين والفرسان الجدد من البلطجية وأصحاب فاترينات الموبايل المتنقلة وبيع النظارات والسلع المضروبة على نواصى الشوارع ومتعهدى حفلات الزفاف أو سرادقات العزاء.. وعندها لن تكون هناك أحمال زائدة كما يدعون.. المشكلة كما يراها الخبراء تتلخص فى معالجة الأسباب وليس النتائج.. ولكن أصحاب القرار لا يؤمنون بهذه النظرية.. رغم أنها صائبة.. فغلاء المنتجات الزراعية كالخضر والفاكهة سببه ارتفاع تكلفة الإنتاج، ولا يقتصر الحل على طرح سلع رديئة بأسعار منخفضة بقدر ما يكمن فى توفير الأسمدة والمبيدات للمزارعين بأسعارها الرسمية بعيدا عن السوق السوداء.. والأمثلة كثيرة، ولكننى فعلا متألم، وليتك تقوم بما طلبته منك، فنحن فى مصر فى أزمة ضمير، ووحوش تتفنن فى نهب البلد بكل ما أوتيت من قوة، وعذرا على الإطالة».