x

«أبو العلا».. الشيخ الذي أفتى بخلع الخديو فحُكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص

الخميس 24-04-2014 15:47 | كتب: ميلاد حنا زكي |
 محمد أبوالعلا محمد أبوالعلا تصوير : اخبار

«الخديو توفيق قد مالأ الأجانب، إنه لا يصلح للجلوس على العرش ويتحتم خلعه، لأنه مارق على الوطن»..هكذا أفتى الشيخ محمد أبوالعلا الخلفاوى سنة 1881، فتوى هزت أرجاء الوطن فى وقت كان يحتاج فيه الوطن إلى إرادة قوية للتغيير ضد حكم الخديو توفيق، ما زاد غضبه، فأمر بإعدامه.

وترجع تفاصيل القصة إلى الثورة العرابية ونضال رفاق أحمد عرابى، والذى كان الشيخ «أبوالعلا» واحداً منهم، حيث كان فى ساحة عابدين يشرح لزملائه علماء الأزهر ضرورة الانضمام إلى الحركة العرابية التى تستهدف تحقيق إرادة المصريين ورغباتهم فى حكم بلادهم.

وبلغت حماسة هذا الشيخ حتى دعا زملاءه العلماء إلى مؤتمر كبير عقده فى الأزهر، وقال فيه إن الخديو توفيق قد مالأ أعداء البلاد، وأصبح غير صالح لحكمها وتبوؤ عرشها، ثم اقترح على المؤتمرين أن يصدروا فتوى بخلعه من عرشه، وقبل أن يوافق العلماء، تسلل شيخ من الجامع إلى قصر عابدين أبلغ الخديو نبأ هذه الفتوى، فزاد غضبه وطلب من رجال حاشيته أن يضموا اسم المفتى الشيخ أبوالعلا إلى قائمة الذين سينزل لهم أشد العقوبات عندما تستقر الأمور ويعود للخديو ما كان له من نفوذ وجبروت.

واتصل الخديو بمفتى مجلس الأحكام لوقف المؤتمر، ولكنه كان قد أصدر الفتوى التى أوردنا نصها، وذاع أمرها فى جميع أنحاء البلاد، وقابلها الناس بالإعجاب والثناء على شجاعة المفتى ووطنيته، بينما قابلها الخديو بالثورة والغضب وتوعد الشيخ بالشنق.

ولما فشلت الثورة العرابية، قبض الإنجليز على زعيمها أحمد عرابى ورفاقه العسكريين، وألقى القبض على عدد غير قليل من المواطنين المدنيين الذين كانوا يؤدون دور الثوار، وتقررت محاكمتهم أمام المجلس العسكرى، واتهم الشيخ «أبوالعلا» أمام المحكمة بتهمتين هما أنه هتف بحياة عرابى وأصدر فتوى بخلع الخديو عن عرش آبائه وأجداده، وكانت إحدى هاتين التهمتين كفيلة فى هذا الوقت بأن تؤدى بأى مصرى وطنى إلى حبل المشنقة أو الإعدام رميا بالرصاص.

وأصدر المجلس العسكرى أحكامه طبقا لمشيئة الخديو ووفقا لإرادته، وكانت الإعدام رميا بالرصاص للمفتى، مع تجريده من إنجازاته العلمية، ومصادرة أملاكه، ولم يهتز الشيخ «أبوالعلا» أمام هذا الحكم، وقال «إن الأرض سوف تحملنا بغير إرادتك.. وإن السماء سوف تظلنا بغير رعايتك.. وسأنطق بأذيالك يوم القيامة وأقول: يارب هذا ظلمنى، فاقتص لى منه»، ولكنه لم يمض وقت طويل وأصيب «أبوالعلا» بالشلل وكان قد بلغ 62 عاما، وأصدر الإنجليز أوامرهم إلى الخديو بأن يخفف جميع أحكام الإعدام الصادرة من المجلس العسكرى على عرابى ورفاقه، فنفذ توفيق هذه الأوامر، وقرر نفى الشيخ إلى جزيرة ميلان، ولكن نظرا لمرضه تقرر سجنه فى بلدته «ميت خلف» بمركز شبين الكوم، ومنع أى أحد من أقاربه من رؤيته، وظل فى السجن خمس سنوات يقاسى عذاب السجن ويعانى آلام المرض، حتى شعر بأن أجله قرب، فطلب رؤية أبنائه الأربعة وزوجته، فلم يسمح له برؤيتهم، ومات دون أن يراهم ويتلقوا منه وصيته.

وينتظر أحفاد الشيخ «أبوالعلا» وسطنا الآن تحقيق ثورتهم التى بدأت منذ 133 عاما، ودفع أبوهم وغيره من الوطنيين حياتهم ثمنا، ولا تزال الثورة مستمرة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية