x

450 عامًا على ميلاد «شكسبير»

الخميس 24-04-2014 16:17 | كتب: نبيل فرج |
شكسبير يتوسط عائلته شكسبير يتوسط عائلته تصوير : اخبار

يعد وليم شكسبير الذى مرت ذكرى ميلاده رقم 450 فى 23 إبريل الماضى، من الكتاب الخالدين الذين احتفلت بهم الثقافة العربية أكثر من احتفالها بأى كاتب عالمى آخر، وإلى جانب العروض المسرحية التى قدمتها الفرق منذ مطلع القرن العشرين، والترجمات المكبرة لأعماله بأقلام طانيوس عبده وخليل مطران وأحمد زكى أبوشادى، فلم تتوقف منذ هذا التاريخ العروض المسرحية لشكسبير على خشبات المسرح المصرى ولا توقفت المطابع عن نشر ما يترجم أو يكتب عنه.

وقليل من يعرف اليوم أن الفنان الكوميدى بشارة واكيم ترجم بالعامية مسرحية شكسبير «ترويض النمرة» وأن الشيخ سلامة حجازى أدى دور البطولة فى «هاملت»، وكان جورج أبيض وراء ترجمة «عطيل» ومن المعاصرين الذين ترجموا مسرحيات شكسبير محمد عنانى، ومحمد مصطفى بدوى، وجبرا إبراهيم جبرا.

أما من أصدروا عنه الكتب فيمكن أن نذكر منهم عباس محمود العقاد، وفاطمة موسى، ولويس عوض، ورمسيس عوض، وألفريد فرج، ورجاء النقاش، ونهاد صليحة، وقبلهم فى الأربعينيات صدر فى العدد 17 من سلسلة «اقرأ» كتاب شكسبير لمحمد فريد أبوحديد وزكى نجيب محمود وأحمد خاكى.

والاحتفال بشكسبير لم يقتصر فى تاريخنا الثقافى على ترجمة أعماله وعرضها وتأليف الكتب عنه، وإنما شمل أيضا إقامة الاحتفالات به فى ذكراه.

وربما كان أهم هذه الاحتفالات احتفال الجامعة المصرية سنة 1916 بالذكرى الثلاثمائة على وفاته فى 1616، وهو احتفال نظمته كلية الآداب، وشارك فيه عدد كبير من الأساتذة والباحثين، وفيه قرأت أشعار شكسبير بلغته الانجليزية، وبالعربية، والفرنسية، وألقيت عنه وعن أعماله القصائد بمختلف اللغات، ونشرت المقالات التى تنوه بوحدة الفكر الإنسانى الذى لا يفرق بين شرق وغرب، ودعى فيها إلى إقامة احتفالات مماثلة بالأدباء العرب فى ذكرى ميلادهم ورحيلهم.

وبعدما يقرب من أربعين عاما على احتفال الجامعة المصرية بشكسبير، قامت لجنة الثقافة بجامعة الدول العربية فى خمسينيات هذا القرن، أثناء رئاسة طه حسين لها، بترجمة عدد كبير من مسرحياته، وإعادة طبع ما نفد من الطبعات السابقة ذات القيمة.

ومع هذا وجد من يعترض على هذا المشروع الثقافى العظيم، مفضلا عليه ترجمة العلوم، ومن ندد بأدب شكسبير بدعوى أنه ينتمى إلى عالم الملوك والارستقراطية، لا إلى الشعب وغمار الناس.

غير أن طه حسين تصدى فى أربعة مقالات متتالية فى جريدة الجمهورية لهذا «العبث» - على حد تعبيره- ودافع دفاعا مجيدا عن التراث العالمى، قائلاً إن الآداب والعلوم الإنسانية نشأت كلها فى ظل أو تحت رعاية الملوك والأرستقراطية، ولم يقلل هذا من قيمتها وأن الأمم لا تحيا بالعلوم وحدها، وإنما بالعلوم والآداب، وليس من اللائق المفاضلة فى عصرنا بينهما، مؤكدا أن الثقافة العربية الجديدة بمصر والأقطار الشقيقة تنمو وتزدهر بالاطلاع على الثقافات الأجنبية التى تجمع بين الأدب والعلم والفلسفة والتاريخ.. على اختلاف مذاهبها واتجاهها ولحسن الحظ لم يهاجم أحد أدب شكسبير الحافل بقصص الحب والغرام لمنافاته للأخلاق الشرقية، كما حدث فى أول القرن العشرين، عند أول لقاء بأدبه، سواء فى الكتب المترجمة أو فى العروض المسرحية، وذلك نتيجة تطور المجتمع وتحديثه بفعل الثقافة والزمن.

ووليم شيكسبير (1564 – 1616) من المسرحيين القلائل الذين لم يحفلوا بالتعبير عن أفكاره ومشاعره خارج فنه المسرحى ولا سبيل إلى معرفة الأفكار والمشاعر التى تشكل رؤية متكاملة للحياة والفن إلا بالعودة إلى نصوصه التى تتألف من 37 مسرحية، منها عشر مسرحيات كوميدية، تفيض كلها بالمعانى الإنسانية التى صاغها، وكانت بمثابة تمهيد لعصر جديد يتخلص فيه الإنسان من ضيقاته، ومن كل صور الظلم والطغيان، تطلعاً لعالم من البراءة، يقوم على العدل والحرية، ولا غنى فيه عن الفن والجمال.

ولو أننا قارنا شكسبير بكاتب مسرحى آخر من معاصريه مثل بن جونسون (1572-1637) سنجد الفرق واضحا، حيث لجونسون كتابات نثرية عديدة كمقدمات لمسرحياته، أو كخطب وأحاديث ورسائل، يستطيع القارئ لها أن يستخلص منها الأفكار أو الفلسفة التى يؤمن بها، وعبر عنها فى مسرحه.

أما بالنسبة لشكسبير فليس له كتابات مماثلة تمكننا من معرفة القضايا والأحداث والشخصيات والمواقف والتجارب التى تعرض لها أو شغلته على المستوى النظرى، وأدى بعضها إلى تشكيل مفاهيمه وقيل فى تفسير عزوف شكسبير عن هذه الكتابات النثرية إنه لم يكن قارئا نهما، يخوض عباب الثقافات والنظريات الفكرية.

ولهذا خلت مسرحياته التى تصور الدنيا بكل ما تنطوى عليه من ألوان، من الإشارات إلى الفلسفات القديمة، أو إلى الفلاسفة والعلماء قبل الميلاد وفى العصور الوسطى، فيما عدا أسماء قليلة جدا ترد عرضا فى مسرحه، بصورة عابرة لا تنم عن علم غزير ولكنه من ناحية مقابلة استقى بعض مسرحياته من الكتب التاريخ، ومن القصص والأشعار والمسرحيات السابقة، بما يعنى أنه لم يكن بعيدا عن الكتب والمجلدات ولأن الكثير من المسرحيات التى طبعت فى حياة شكسبير لم تكن تحمل اسم مؤلفها، فقد كان لشكسبير نصوص مسرحية لم يكتب عليها اسمه، ربما ثقة منه بأنه كاتب خالد ليس بحاجة إلى كتابة اسمه، فهو ليس بالكاتب المجهول أو غير المعروف فى عصره، حتى يضع الاسم على كل ما يكتبه.

وتذكر الروايات عنه أنه كان حسن السمعة، مستقيم السلوك، تتميز شخصيته بالصدق وسعة الخيال، كأدبه الشاعرى الخالى من الزخرفة، ومن التقاليد البالية، والصور المحفوظة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية