حالة من القلق تسود الأوساط المالية العالمية من فشل قمتى الثمانى والعشرين اللتين تعقدان فى كندا حاليا بسبب مدى التناقضات فى الرؤى والأهداف بين الاتحاد الأوروبى من ناحية والولايات المتحدة من ناحية أخرى، وبينهما مواقف دول العالم الثالث التى ترفض أن تدفع ثمن الصراع بين الجانبين.
تجاوز الألمان والفرنسيون خلافاتهما الواضحة حول كيفية مواجهة الأزمة المالية الأوروبية بعد التوصل لحل وسط قامت فيه ألمانيا بقبول فكرة إقامة حكومة اقتصادية أوروبية تضم جميع دول الاتحاد الأوروبى، مقابل قبول فرنسا للمطالب الألمانية بحظر البيع على المكشوف وفرض ضرائب على البنوك والمعاملات المالية، ليوحد الأوروبيون أنفسهم وراء الرؤية الألمانية - الفرنسية التى عكسها الخطاب الرسمى المشترك للرئيس ساركوزى والمستشارة ميركل المقدم لستيفن هاربر، رئيس وزراء كندا، رئيس قمة العشرين.
إلا أن الخلافات الأوروبية الأمريكية تبدو جوهرية ومتعارضة أحيانا، فبينما يطالب الأوروبيون بالتحكم فى الأسواق المالية العالمية وكبح الاستدانة والدين الخارجى من خلال التقشف وترشيد النفقات، يطالب الأمريكيون بعدم كبح حرية الأسواق والاتجاه إلى زيادة الاستهلاك والإنفاق لدفع عجلة النمو وتعزيز الانتعاش الاقتصادى.
وفى تصريح خاص لـ«المصرى اليوم»، أشار البروفيسور «هانز فيرنر زن» رئيس معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية إلى المسؤولية الرئيسية للولايات المتحدة عن الأزمة المالية العالمية، مضيفا أنها تؤكد تعرض الرأسمالية لانتكاسة كبيرة مع تهاوى النظام المالى، وأشار إلى عدم وجود بديل عن التوصل لنظام مالى جديد يعتمد على تحقيق أفضل الشروط لغالبية الدول المشاركة فيه.
على الجانب الآخر ورغم سعى ميركل وساركوزى إلى إقناع قمة العشرين بمواقفهما مثل السعودية وكوريا، بل وحتى دول غير أعضاء مشاركة فى القمة مثل مصر، فإن هناك تحفظات عديدة من قبل كوريا الجنوبية والبرازيل والهند والصين والتى قامت من جانبها برفع قيمة عملتها النقدية اليوان مقابل الدولار، لتنزع هذه الورقة من على جدول أعمال القمة، ليتم التركيز على مواجهة الأزمة المالية الأوروبية والعالمية.
انتقادات الدول النامية فى قمة العشرين لا تقتصر فقط على سعى الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبى على فرض خطوات تحقق مصالح أى منهما على باقى العالم الذى لا يعانى بالضرورة نفس مشاكلهما، بل أيضا على كيفية اتخاذ القرار نفسه، والدليل الأكبر على ذلك عقد قمة الثمانى التى تضم فقط الدول الصناعية السبع وروسيا، قبيل ساعات من قمة العشرين التى باتت تعرف بالحكومة الاقتصادية للعالم، خاصة أنها تضم الصين والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا، باعتبار ذلك إشارة إلى أن القرارات الجوهرية ستتخذ فى قمة الثمانى ثم يتم إجبار قمة العشرين على اتباعها، مما دعا البعض لاقتراح عقد قمة خاصة للدول النامية قبيل قمة العشرين فى المستقبل.