الواحات اشتهرت قديما بأنها سلة غلال مصر والعالم فى العصور التاريخية المختلفة، هذا الواقع تغير الآن وبات سرابا، يحاكيه واقع مأساوى فى عملية توريد وتخزين القمح فى الوادى الجديد.
ومع بدء عملية توريد القمح، اخترقت «المصرى اليوم»، الشون المخصصة لاستقبال القمح من المزارعين وتخزينه، للتعرف على أبرز المشكلات وأوجه الفساد التى تفتك بهذا المحصول الاستراتيجى، بعدما تحولت إلى مرتع للفئران والقوارض تحصد القمح قبل وصوله إلى المستهلكين.
وأكد السيد إمبابى، 50 سنة، حارس الشونة الخاصة، بشركة مطاحن مصر الوسطى، بالخارجة، أن مشكلة الطيور، خاصة الحمام، من بين أبرز المشكلات التى تهدد عملية تخزين القمح، بالشونة، وتزيد من الكميات المهدرة من القمح، نظرا لأن الشونة غير مغطاة ويتم تخزين القمح فى العراء.
وأضاف محمود يوسف، أمين الشونة، أنها الشونة الوحيدة للشركة فى الخارجة، وتستوعب حتى 4 آلاف طن من القمح، لافتا إلى أن طول عملية التخزين وارتفاع الحرارة يتسببان فى زيادة الفاقد من المحصول وتعرضه للتلف والتسوس.
وفى الشونة الخاصة ببنك التنمية والائتمان الزراعى، بالخارجة، فجر أحمد عبدالحميد، مندوب البنك، بالشونة، مفاجأة، بقوله إن الشونة مقامة منذ الستينيات، ولم يتم تطويرها، بل تحولت إلى مخزن للخردة والمهمات الحكومية التالفة الخاصة بالبنك. ولفت، إلى أن الشونة تسع لنحو 1500 طن من القمح، بالرغم من أن مساحة الشونة تتعدى 4 أفدنة، ولا يوجد عمالة بالشونة، حيث يتولى المزارع جلب المحصول وتفريغه من السيارة لوزنه على ميزان بدائى «الجردل»، بالرغم من الحاجة الشديدة إلى ميزان بيسكول. وطالب نور دانيال، أكبر موردى القمح، بالخارجة، بضرورة تعويض المزارعين لمصروفات نقل المحصول إلى الشون.
وأشار، إلى أن غالبية الكميات الموردة من المزارعين لا تحصل على درجة النقاوة 23.5، وأن تحديد درجة النقاوة يتم احتسابها تقديريا دون وجود لجنة مخصصة تتولى تحديد درجة النقاوة.
وأكد سعيد هريدى، مدير عام بنك التنمية والائتمان الزراعى، بالوادى الجديد، أنه من المتوقع توريد 200 ألف أردب هذا الموسم بزيادة قدرها 20 % عن الموسم الماضى، وأنه تم الانتهاء من توزيع 22 ألف فارغ على المزارعين لتعبئة القمح، الذى يتم صرف ثمنه خلال 24 ساعة، دون النظر إلى مديونيات المزارعين لدى البنك.
وأوضح المهندس صلاح السيد، وكيل وزارة التموين، بالمحافظة، أن الوضع السيئ لتخزين القمح سيستمر خلال الموسمين الحالى والمقبل، لحين الانتهاء من إنشاء أول صومعة لتخزين القمح على مساحة 20 كيلو مترا، وبطاقة استيعابية تصل إلى 45 ألف طن وبتكلفة 90 مليون جنيه، مؤكدا أن تنفيذ الصومعة يستغرق مدة 21 شهرا، وسيبدأ العمل فى تنفيذها مايو المقبل.
وكشف الدكتور محسن عبدالوهاب، رئيس القطاع الزراعى، فى الوادى الجديد، أن 16 شونة ومندوبية، تابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعى، بالمحافظة، تحتاج إلى تطوير عاجل ورفع كفاءة لتخزين القمح بالصورة السليمة، مشيرا إلى أن الوادى الجديد تحقق الاكتفاء الذاتى من القمح سنويا.
ولفت، الى أن المساحات المنزرعة بالقمح هذا الموسم بلغت 137 ألف فدان بزيادة قدرها 11 ألف فدان عن الموسم الماضى، وأن هناك 50 جمعية زراعية تتولى نقل القمح من المزارعين إلى أماكن التخزين فى الشون والمندوبيات، بأجر يقدر بـ 13 جنيها للطن، مما يتسبب فى عزوف الجمعيات عن نقل المحصول، لأنها تلحق بها خسائر فادحة، والأمر يحتاج إلى حل فورى حرصا على انتظام توريد القمح. وأكد، أن القطاع الزراعى على أتم استعداد لمكافحة القوارض والفئران داخل الشون، فى حالة إذا طلب بنك التنمية ذلك.
وقال عبدالصبور آدم، مدير مطحن السلندرات، بالوادى الجديد، إنه من الخطأ تخزين القمح فى هذه الشون بهذه الكيفية لتعرضها للتلف والإصابة بالحشرات والقوارض، فضلا عن تلف الأجولة، نتيجة تعرضها لأوقات كبيرة لأشعة الشمس.
وتابع: «عدم وجود صوامع للتخزين، يفرض على المحافظة استخدام هذه الشون»، مشيرا إلى أن المطحن يعمل بطاقة 94 طن قمح فى اليوم، ويعانى كثيرا من تلوث كميات من القمح بالأتربة.
وأضاف، أنه حصل على موافقة وزير التموين السابق لإنشاء 3 صوامع، بمراكز الخارجة والداخلة والفرافرة، إلا أن صلاحيات المحافظ لا تسمح له بتخصيص الأراضى اللازمة لإقامة هذه الصوامع.
وأوضح المهندس سيد عطية، رئيس الإدارة المركزية لشؤون المديريات، بوزارة الزراعة، أن نسبة الفاقد فى محصول القمح نتيجة تخزينه فى الشون تصل إلى 20%، بالإضافة إلى تعرض القمح إلى الإصابة بالحشرات والقوارض، لافتا إلى أن وزارة الزراعة انتهت من إنشاء 25 صومعة بطاقة 30 ألف طن للصومعة الواحدة، ويجرى حاليا إنشاء 25 صومعة أخرى من خلال الشركة القابضة للصوامع، كما وافقت دولة الإمارات العربية على إنشاء 25 صومعة إضافية بطاقة 60 ألف طن للصومعة الواحدة، علاوة على 58 صومعة ينفذها القطاع الخاص، مؤكدا أنه بانتهاء إنشاء هذه الصوامع ستزيد الطاقة الاستيعابية للقمح فى مصر بنحو 5.5 مليون طن من القمح.
وأضاف، أن الاستثمار فى مجال إنشاء الصوامع فى الوادى الجديد عديم الجدوى الاقتصادية وغير مربح للقطاع الخاص، نظرا لضعف استهلاك سكان الواحات من القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتى منه داخل الواحات، الأمر الذى يؤدى إلى نقل الفائض من قمح الواحات إلى المحافظات المجاورة.