x

مصطفى: لولا «الكوريك» و«المسطرين» مكنتش أخدت الماجستير

الأحد 20-04-2014 20:27 | كتب: ولاء نبيل |
مصطفي يضبط الحائط بميزان الخيط مصطفي يضبط الحائط بميزان الخيط تصوير : إسلام فاروق

«المؤهل ليسانس حقوق.. الدرجة العلمية ماجستير فى القانون الجنائى..المهنة بنا»، ذلك هو التعريف الذى قدم به مصطفى محمد نفسه، ممسكاً بشهادته فى يد وفى الأخرى المسطرين والكوريك، اللذين كانا سبباً فى حصوله على تلك الدرجة العلمية.

هنا فى «عزبة خير الله» إحدى المناطق العشوائية فى قلب القاهرة، التى نزحت إليها آلاف الأسر، بحثا عن مأوى لهم ولأطفالهم، بعد أن فشلت الدولة فى توفير السكن الملائم. من بين 6 صبية نشأ «مصطفى» على يد أم ربة منزل وأب يعمل فى حرفة البناء، لا يتقن غيرها، لكنه كان يعى أن الدولة التى عاشت لعقود من الزمن تدير ظهرها لتك الأسر البسيطة لن تلتف لها فجأة ليسعد حالها، فما كان أمام الأب سوى اصطحاب الصغير فى سن مبكرة للعمل معه فى تلك المهنة الشاقة:«هتكون أحن عليه من قسوة الزمن».

تعلم «مصطفى» أصول المهنة حتى احترفها، ومن أجره كان ينفق على دراسته حتى حصل على ليسانس الحقوق عام 2011، شعر وقتها بأنه انتقل لمكانة أفضل، تؤهله للعمل بشهادته الجامعية. على مدار 4 شهور تدريب فى عدة مكاتب للمحاماه، كان اقصى ما حصل عليه هو 300 جنيه فى شهر، منها مصروفاته الشخصية وانتقالاته، الأمر الذى حال دون قدرته على مساعدة أهله مثلما اعتاد، كما أنها كادت تقضى على حلمه فى تكملة مسيرته البحثية، فقرر البحث عن عمل فى شركات القطاع الخاص كما ترقب الإعلانات الحكومية، لكنها محاولات باءت كلها بالفشل، فقرر العودة للعمل فى حرفته.

يومية تتراوح بين 100 و130 جنيها يستيقظ «مصطفى» من أجلها مع دقات السادسة صباحا موصلاً عمله حتى السادسة مساء:«مرتب عمرى ما كنت هلاقيه فى أى وظيفة ده إذا جت». واصل «مصطفى» العمل فى حرفته ليل نهار، لم يكن يرفض طلب زبون، أو يأخذ يوم راحة، فرحلة البحث العملى تحتاج الكثير، حتى وإن جاء على حساب صحته، التى أرهقها كثرة حمل الطوب فوق كتفيه، وأدت إلى إصابته بمشاكل صحية فى فقرتين بالعمود الفقرى، ولم يعد بمقدوره السير أو العمل دون ربط حزام الظهر فوقهما.

«كله يهون المهم الواحد يقدر يكمل الحلم اللى رسمه لنفسه ويتحدى الضياع اللى الدولة بتحاول تفرضه عليه»، هكذا كان يهون «مصطفى» على نفسه مشقة مهنته. قرر مصطفى البدء فى تحضير رسالة الماجستير، التى تزامن وقتها مع التحاقه بالخدمة العسكرية، ولحسن حظه تم توزيعه فى سلاح حرس الحدود، الذى منحه وقتا أعانه على استكمال تحضيره للرسالة التى تحمل عنوان:«وسائل وأساليب تطوير المنظومة العقابية فى مصر». حاول «مصطفى» من خلال الرسالة إيجاد وسيلة تجعل المسجون يشعر بأنه غير منعزل عن العالم الخارجى وأنه شخص منبوذ، خاصة فى السجون شديدة الإجراءات كسجن العقرب.

يقول:«الدراسة كلفتنى فلوس كثيرة ما بين زيارات للسجون وطبع وتصوير ورق وأبحاث، وشراء مراجع للقانون الجنائى، اللى بأعشق دراسته، ومصاريف للانتقالات وحوارات مع نماذج كثيرة جدا لمسجونين، وعلشان كده كنت باستغل إجازات الجيش وأرجع اشتغل فى البناء، علشان أوفر الفلوس».

يتذكر «مصطفى» ملامح الفرحة التى غمرت عين والديه يوم حصوله على الماجستير قائلاً:«كانت الفرحة مش سايعة والدى، ويومها خلانى قعدت جنب أخويا الكيميائى والثالت مهندس التعدين، وحتى اللى حصل منا على دبلومات وفضل يبص لنا كأنه بينظر لحصاده ونتيجة شقا عمره، أما والدتى فبطبيعتها البسيطة ما كنتش مستوعبة قيمة الرسالة لكن فرحتها كانت نابعة من إحساسها بأن الشهادة دى هترفع مستوانا وإنى بعدها هسيب البنا واشتغل فى مهنة تناسبنى، كان عندها أمل إنى هرتاح».

تقدم «مصطفى» بالماجستير فى أكثر من وظيفة حكومية وخاصة، إلا أنه كان يفاجأ بقبول مؤهلات أقل درجات علميه منه:«دول حتى ما هنش عليهم يردوا يقولوا طلبك مرفوض، والظاهر كده إن المهنة دى هتفضل أحن علينا من الدولة ومؤسساتها اللى حالفة ما يسودها غير الروتين والفساد».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية