x

د. ياسر عبد العزيز العائدون من الدوحة.. أو «فرق العُملة» د. ياسر عبد العزيز السبت 19-04-2014 21:26


لست من هؤلاء الذين اعتبروا أن الاجتماع الخليجى الذى عُقد الخميس الماضى، فى الرياض، أنهى، من دون رجعة، السياسات القطرية الرامية إلى إشاعة الفوضى ودعم الإرهاب فى مصر.

لقد ناقش الاجتماع بالفعل سبل استعادة لحمة مجلس التعاون الخليجى، وتجاوز الخلاف العميق بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، وتوقف تلك الأخيرة عن دعم «الإخوان»، وعدم ممارستها سياسات من شأنها المساس بأمن دول الخليج واستقرارها.

وصرح مسؤولون خليجيون بأن الاجتماع أسفر عن التزامات من شأنها أن تنهى الخلاف، وبالتالى فقد توقعوا أن يعود سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى الدوحة قريباً، بعدما تكون قد أوفت بالتزاماتها إزاء بقية دول المجلس.

يبدو أن الدوحة تأكدت من خطورة الأزمة هذه المرة، وأنها على وشك أن تُعزل وتُحاصر من قِبَل أهم دول مجلس التعاون الخليجى، وبالتالى فقد أظهرت مرونة، وقبلت بأن تعلن الالتزام مجدداً بالكف عن سياساتها «التخريبية»، وفى القلب منها بالطبع سياساتها ضد مصر.

لا يمكن الجزم بأن الدوحة ستتوقف عن دعم الإرهاب والفوضى فى مصر ودول أخرى فى المنطقة، لأنها ستستطيع أن تفعل ذلك فى الخفاء أو دون ترك أدلة قاطعة وراءها، لكن سيمكننا توقع اتخاذها بعض الخطوات التى من شأنها إعطاء الانطباع بتجاوبها مع مطالب الدول الخليجية، والتزامها باتفاق الرياض الأخير.

تريد قطر أن تستعيد وضعها كدولة خليجية، وأن يعود إليها السفراء الثلاثة، وأن يكف الجميع عن استهداف سياساتها، بعدما تأكد جيرانها من نهجها المعادى للأمن والاستقرار وإرادة الشعوب، وتريد أيضاً أن تقنع شعبها بأنه لا يتعرض للنبذ والإقصاء من أشقائه الخليجيين بسبب مواقف حكومته المتطرفة، لذلك فهى ستعمد إلى بعض الإجراءات، الشكلية فى أقل تقدير، لإعطاء الانطباع بأنها ترغب فى حل الإشكال.

من بين أهم الإجراءات التى ستتخذها الدوحة فى هذا الصدد أنها ستقوم بإبعاد العناصر «الإخوانية» المطلوبة التى تعيش فى الأراضى القطرية، وستمنع من سيبقى من «الإخوان» ومناصريهم لديها من استهداف الدولة المصرية علناً، كما ستخفف تدريجياً من أداء قناة «الجزيرة»، ولن تسمح لكثير من المهيجين والمحرضين والشتّامين، الذين تستخدمهم، بالاستمرار فى لعب أدوارهم، سواء كانوا من ضيوف القناة أو العاملين فيها.

قبل أسابيع، نشرت مواقع التواصل الاجتماعى صورة لعاصم عبدالماجد يتناول إفطاره فى أحد الفنادق الفاخرة فى الدوحة، وقبل أيام، نشرت تلك المواقع صورة للداعية المناصر لـ«الإخوان» وجدى غنيم وأمامه وجبة «كبسة ضأن» فاخرة، فيما يشير بعلامة «رابعة» بكلتا يديه، حيث قال بعض تلك المواقع إنه «ينعم بالغذاء الفاخر فى الدوحة، فى وقت يترك فيه الشباب الذى يحرضه على ممارسة العنف يواجه السلطات والغضب الشعبى وحده».

يبدو أن تناول «الكرواسون» أو حتى «كبسة الضأن» على موائد الدوحة سيكون عزيزاً فى الأيام المقبلة، أو على الأقل لن يكون بوسع «الإخوان» وأنصارهم المجاهرة بما «سيتناولونه» لاحقاً.

سيشكل «العائدون من الدوحة» فصيلاً معتبراً، قوامه إرهابيون فاجرون، ودعاة مأفونون، ومثقفون مأجورون، وإعلاميون فاسدون، وعملاء واضحون، و«إخوان» متورطون.

لكن بين هؤلاء وأولئك ثمة من اختلط عليه الأمر، أو تورط تورطاً محدوداً، ثم ساخت أقدامه فى الرمال المتحركة، أو سال لعابه على المال السهل الوفير، أو أعماه طموحه المهنى الجانح عن رؤية المستنقع الذى سقط فيه، أو ساقته عاطفة رعناء إلى التمترس ضد أهله ومصالح بلاده.

سيمكن لهؤلاء أن يتداركوا جزءاً مما فاتهم، لو عادوا فوراً، واعتذروا، وأعلنوا التوبة، وإلا فإنهم سيكونون كـ«فرق عُملة» يضيع فى عملية مقايضة أكبر من عقولهم المأزومة الصغيرة، وأفسد من نزعاتهم المريضة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية