x

الشبيهان: الصندوق الأسود لمبارك وبن على

السبت 12-04-2014 21:02 | كتب: عصام الشرقاوي |
غلاف كتاب « الشبيهان » غلاف كتاب « الشبيهان » تصوير : اخبار

عاش، كارم يحيى، لذة الكتابة على حافة الخطر، حال شروعه فى تأليف كتابة، الشبيهان سيرة ذاتية مزودجة لمبارك وبن على، قامر بمستقبله فى جريدة الأهرام، وغامر بمستقبل أسرته الصغيرة، ولم يعبأ بالمخاطر المحيطة به، وأجراس الإنذار، التى دقت من حوله، ونصائح الأصدقاء والمقربين، الذين طالبوه بإرجاء مشروعه، خوفا عليه من سلطة غاشمة، ورغم شعوره بالخطر المحيط به، إلا أنه ازداد إصرارا وعنادا لخوض المغامرة، مهما كلفه الأمر، وشرع فى الكتابة فى اليوم التالى لهروب الرئيس التونسى زين العابدين بن على، بينما كانت أبواق السلطة فى مصر تردد: «مصر ليست تونس.. مبارك ليس بن على»، وعندما انتهى كارم يحيى من كتابة الفصل الأول بدأ يسأل نفسه: «ترى من يملك جرأة النشر فى عهد مبارك، طرق أبواب دور النشر، فوجدها موصدة فى وجهة، وفى نهاية المطاف تلقى مكالمة من إحدى الدور الكبرى، وأبدت ترحيبا بالفكرة واستعدادا للنشر، إلا أن هذا الأمل سرعان ما تبخر، عندما اعتذر له الروائى الكبير، صاحب الدار، عن النشر، بزعم أن الوقت غير ملائم، لطرح الفكرة، ولم تصب الصدمة المؤلف بالإحباط، ولاح له شعاع أمل جديد، حينما أبدى موقع البديل استعداده لنشر فصول الكتاب، فور الانتهاء منه، إلا أنه عند نشر الفصل الأول، لم يتوقف رنين هاتفه، ليتلقى سيلا من المناشدات عبر أصدقائه يرجونه التوقف عن النشر، لشعورهم بالخطر على حياته،

ورغم صلابة وعناد «يحيى»، الا أنه تسرب إلى قلبه «شىء من الخوف»، فبدأ فى تنفيذ خطة لحماية ما بحوزته من وثائق ومعلومات ومستندات، خشية مداهمة أجهزة الأمن منزله واعتقاله والاستيلاء على مشروعه الوليد؛ فأعد رسائل نصية على هاتفه، تفيد باعتقاله لاستخدامها لحظة القبض عليه، وأودع نسخة من كتاب «صديقنا الجنرال زين العابدين بن على»، الذى جلبه من باريس، وأودعه لدى صديق، لاعلاقة له بالسياسة أو الصحافة، وأخفى نسخة من مخطوط كتابه، والوثائق والمعلومات والصور والأرشيف، داخل ثلاجة منزله، ومعها فلاشة تحتوى نسخة مما كتبه.

وزيادة فى الحرص أودع لدى صديقه المقرب، علاء العطار، مدير تحرير الأهرام، نسخة إلكترونية مما كتبه، وسلمه خطة مالية لإدارة شؤون بيته، حال اعتقاله، ليواصل نشر الفصل الثانى قبل اندلاع ثورة يناير بيوم واحد، غير عابئ بالمخاطر.. هكذا ولد كتاب «الشبيهان» فى ظل ظروف قسرية تشبه ظروف الحرب والمقاومة السرية، وفى ظل حكم استبدادى غاشم، لا يعرف سوى غطرسة السلطة، ومن خلال كتابه الشبيهان، يضع كارم يحيى جثتى مبارك وبن على على مشرحة جراح ماهر، ليقارن بين فساد حكمهما، من خلال تجربة جديدة عبر الكتابة بالتوازى،عن المخلوع والهارب، ليكشف لنا الكواليس الخفية للحاكم الديكتاتور، ودور الحزب والحاشية والعائلة والأقارب والأصهار والذيول والأتباع فى مصر وتونس، ويكشف الكتاب عن جهد شاق بذله المؤلف، فى الحصول على الوثائق والمستندات والصور والمعلومات، التى جمعها، عبر رحلات مكوكية بين القاهرة وتونس وباريس ولبنان وغيرها من البلدان، رحلة استغرقت نحو سنتين، ليقدم لنا المؤلف مقارنة موثقة لفساد حكم الشبيهين، منذ إلقائهما الخطاب الاول لهما، حال توليهما الحكم، حتى «النفس الأخير»، أفصد الخطاب الأخير قبل الهروب أو الخلع.

والكتاب بمثابة الصندوق الأسود لمبارك وبن على، ويكشف علاقات النفوذ الحرام فى بلاطهما، ويعرى الصفحات المجهولة لكليهما، ويغوص فى سنوات طفولتهما، وطريقهما للصعود والخلفية الاجتماعية والثقافية لكليهما، وطريقهما للصعود، ودور العائلة المقدسة فى الحكم، وتوغل الحزب الواحد الأحد فى شرايين الدولة، ويفضح دور الأجهزة السرية التى أحاطت بهما، ودور «كدابين الزفة»، فى مديح السلطان وتسويقه عبر أبواق الإعلام الحكومى، باعتباره الحاكم الواحد الأحد.

مغامرة تلك الرحلة، بقدر ما كتب لصاحبها النجاة، فهى تزيح ستاراً أسود كثيف الصمت، أسدله صناع الأكاذيب، الذين يعودون الآن بصخب إلى مقدمة المشهد.

الشبيهان

سيرة مزدوجة لمبارك وبن على

تأليف: كارم يحيى

الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة، سلسلة كتابات الثورة

2014

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية