تستعد إندونيسيا، لإجراء الانتخابات البرلمانية، الأربعاء، وذلك بعد أسابيع من حملات الدعاية للمرشحين والتي حفلت بالشعارات الوطنية، وبالآمال بدخول وجوه جديدة إلى الحكومة التي سيتم تشكيلها.
وتعد هذه الانتخابات الرابعة من نوعها، التي تجرى منذ إجبار الرئيس الشمولي سوهارتو على الاستقالة عام 1998، وسط قلاقل واسعة النطاق في هذه الدولة الأرخبيل التي تضم أكثر من 17 ألف جزيرة.
ووصف المحلل السياسي، بول رولاند، الذي راقب 3 انتخابات إندونيسية سابقة، انتخابات الغد بأنها «تمثل عملية لوجستية ضخمة، كما أنها تعد رائعة نظرًا لأنها لم تشهد أي حادث كبير خلال المرات الثلاث التي أجريت فيها سابقًا».
وقد ضخ حزب النضال الديمقراطي الإندونيسي المعارض دفعة جديدة في حملته الانتخابية الشهر الماضي، عندما اختار حاكم جاكارتا الذي يتمتع بالشعبية جوكو ويدودو مرشحًا له للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 9 يوليو المقبل.
ويرى المحللون أن ترشيح «ويدودو» من المرجح أن يزيد من فرص الحزب المعارض في الانتخابات البرلمانية.
وأشارت عدة استطلاعات للرأي العام إلى تمتع «ويدودو» بالشعبية، حيث تصل نسبة التأييد له ضعف نسبة أقرب منافس له، وهو الجنرال السابق برابو سوبيانتو.
وكان «ويدودو» قد برز على الساحة السياسية عندما كان عمدة لمدينة سولو في وسط ولاية جاوا، حيث نفذ مجموعة من السياسات الشعبوية، من بينها إتاحة الرعاية الصحية والتعليم بالمجان.
ثم فاز في انتخابات حاكم جاكرتا عام 2012، ومنذ ذلك الحين حصل على سمعة طيبة باعتباره زعيمًا يتسم بالقدرة والكفاءة، ويتمتع بالشعبية من خلال زياراته المتكررة للضواحي الفقيرة بالعاصمة.
ولا يستطيع الرئيس الحالي سوسيلو بامبانج يودهويونو الترشح مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، بعد أن أمضى فترتين في منصبه، ومن المتوقع أن يتأثر حزبه الديمقراطي الحاكم سلبًا بعد سلسلة من فضائح الفساد تورط فيها عدد من السياسيين البارزين في الحزب.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في الكشوف الخاصة بالانتخابات البرلمانية 186 مليونًا تقريبًا، ومن المتوقع أن تبلغ نسبة المشاركة في هذه الانتخابات نحو 80%.
وتتراوح أعمار نحو 56 مليون ناخب، أو ما نسبته 30%، من إجمالي عدد الناخبين المسجلين ما بين 17 إلى 29 عامًا، ويدلي الكثير منهم بأصواتهم للمرة الأولى في حياتهم.
ويتنافس في انتخابات الغد 15 حزبًا سياسيًا، من بينهم 3 أحزاب محلية تتنافس على مقاعد برلمانية في إقليم آتشيه.
كما يتنافس أكثر من 235 ألف مرشح على 560 مقعدًا بمجلس النواب، و132 مقعدًا في الغرفة الأعلى بمجلس النواب الإقليمي، و2137 مقعدًا في المجالس التشريعية للولايات، و17560 مقعدًا في المجالس البلدية والمحلية.
ولكي يكون قادرًا على تسمية مرشح للرئاسة، يجب على الحزب أو الائتلاف المكون من عدة أحزاب أن يحصل على ما نسبته 20% من مقاعد البرلمان، أو ما نسبته 25% من أصوات الناخبين.
وتتنوع البرامج الانتخابية للأحزاب المتنافسة، إذ يعلن حزب «جولكار»، وهو حزب الرئيس السابق سوهارتو، عقيدته «الوطنية الجديدة»، التي تتكون من 3 محاور: النمو والتوزيع العادل للثروة والاستقرار السياسي.
ويسعى الحزب إلى الحفاظ على نمط الحياة الإندونيسي من الغزو الثقافي الأجنبي، وفقًا لما يقوله رئيس الحزب المرشح الرئاسي أبو الرضا البكري.
بينما يتعهد حزب جريندرا الذي ينتمي إليه سوبيانتو، ويأتي في المرتبة الثالثة بعد حزب جولكار في العديد من استطلاعات الرأي، بإقامة نظام اقتصادي يراعي المطالب الجماهيرية، وتزويد المزارعين بالتكنولوجيا لزيادة إنتاجية مزارعهم.
غير أن المحللين يرون أنه من المتعذر على الناخبين التمييز بين برامج الأحزاب السياسية المختلفة، وبالتالي فمن المتوقع أن يقوموا بدلًا من ذلك باختيار المرشحين على أسس شخصية.
وتوقع المحللون أداءً سيئًا للأحزاب الإسلامية في الانتخابات البرلمانية، حيث يبتعد الناخبون عن السياسات التي ترتبط بالهوية.
وكانت الأحزاب الدينية فازت مجتمعة بما نسبته 29% من الأصوات في انتخابات عام 2009، وتشير استطلاعات الرأي العام التي أجريت مؤخرًا إلى أنه من غير المحتمل أن تحصل هذه الأحزاب على أكثر من 21% من إجمالي الأصوات في انتخابات الغد.
ويعبر عن هذا التوقع توبياس باسوكي الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فيقول: «إن الأحزاب الإسلامية في تراجع، بينما يتزايد اتجاه التصويت العقلاني».