x

« المصرى اليوم » تنشر حيثيات حكم سيارة ترحيلات أبوزعبل

الجمعة 04-04-2014 19:58 | كتب: منصور كامل |
تصوير : الأناضول

تنشر «المصرى اليوم»، حيثيات حكم مقتل ٣٧ مسجونا داخل سجن أبوزعبل، بعد أن تم نقلهم إلى السجن من قسم شرطة مصر الجديدة مع 6 آخرين خرجوا أحياء بعد أن تم احتجازهم جميعا داخل سيارة الترحيلات مكدسين، حيث لا تسع سوى 24 شخصا فقط.

وقضى المستشار محمد عبدالله، رئيس محكمة الخانكة والعبور، حضوريا على المتهم الأول عمرو فاروق محمود أبوالنجا، بالحبس عشر سنوات مع الشغل والنفاذ المؤقت، وعلى المتهمين الثانى إبراهيم محمد المرسى نجم، والثالث إسلام عبدالفتاح حلمى السيد، والرابع محمد يحيى عبد العزيز سلامة، بالحبس لمدة سنة، وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا، وذلك عن التهمتين للارتباط والمصروفات، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات.

وتشير الحيثيات التى حملت عنوان «مسودة بأسباب ومنطوق الحكم فى الجنحة رقم 15025 لسنة 2014، جنح مركز الخانكة، والمقيدة برقم 35 لسنة 2013، حصر تحقيق المكتب الفنى، أنه بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة الشفوية، حيث أسندت النيابة العامة للمتهمين أنهم فى يوم 18 أغسطس 2013، بدائرة مركز الخانكة، محافظة القليوبية، تسببوا خطأ فى موت المجنى عليه ممدوح سيد عبدالله حسين، و36 مجنى عليه آخرين، المبينة أسماؤهم بالتحقيقات وبالكشف المرفق، وكان ذلك ناشئا عن إهمالهم ورعونتهم وعدم احترازهم وعدم مراعاتهم القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة، وإخلالهم إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم، ذلك بنقلهم المجنى عليهم و8 آخرين، والبالغ عددهم الإجمالى 45 شخصاً داخل صندوق الحجز الحديدى لسيارة ترحيلات قسم شرطة مصر الجديدة، واستبقوهم مكدسين به حال كونه لا يتسع سوى لـ24 شخصاً فقط دون مراعاة لآدميتهم لمدة جاوزت 6 ساعات منذ الساعة 7.30 من صباح يوم 18 أغسطس 2013، حتى الساعة 13:30 مساء، دون تهوية كافية لهذا العدد فى ظل طقس حار، ثم أطلقوا عليهم غازا مسيلا للدموع داخل ذلك الصندوق الحديدى فأصابهم اختناق تنفسى من جراء الغاز المطلق والظروف المحيطة المساعدة على زيادة تأثير الغاز فى حيز ذلك الصندوق، ونكلوا عن مساعدتهم بامتناعهم عن فتح باب الصندوق لهم، وإخراجهم منه بعد إطلاق الغاز مده تزيد على 10 دقائق، مما أودى بحياتهم وذلك على النحو المبين بالتحقيقات وتقارير الصفة التشريحية المرفقة، وكذلك التسبب خطأ فى إيذاء المجنى عليه أحمد سامى عبداللطيف أحمد، و7 آخرين.

وقالت الحيثيات: وحيث إن الواقعة تخلص فيما أثبته المقدم عمرو فاروق، نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة، بمحضره المؤرخ 18 أغسطس 2013، الساعة من أنه مكلف من قبل مديرية أمن القاهرة، ومعه عدد كاف من الضباط بترحيل 45 متهما من قسم مصر الجديدة إلى سجن أبوزعبل العسكرى، وبالوصول إلى السجن تم ترك سيارة الترحيلات أمام باب السجن الخارجى فى حراسة الضباط والأفراد المرافقة والتوجه لإنهاء إجراءات التسليم للمتهمين إلا أنه فوجئ من قبل أحد الأفراد يبلغه بأن سيارة المأمورية فيها حالة من الهياج ومحاولة لخلع الباب الداخلى لها، وعند قيام الملازم أول محمد يحيى، وبصحبته عدد من الأفراد بفتح باب السيارة لاستطلاع الأمر، تم جذب الضابط إلى داخل الصندوق واستمرت حالة الهياج، فحاولت القوة المرافقة تخليص الضابط بإطلاق غاز الرادع الشخصى من خلال النوافذ الجانبية للسيارة، وتم إخراج الضابط والأفراد المتواجدين بصحبته من السيارة وسرعة غلق الباب الخارجى للسيارة، وتم السيطرة على الموقف وهدوء المتهمين، ونتج عن ذلك إصابة الضابط بكدمات متفرقة بالجسم وكذا إصابة كل من الرقيب بهنس خميس بهنس، بكدمة بالجبهة، الرقيب عبدالعزيز ربيع عبدالعزيز، بجرح بسيط بالجبهة، وحدوث تلفيات بالباب الداخلى لصندوق السيارة، وبعمل كردون لفتح باب الصندوق لتسليم المتهمين تبين أن عددا كبيرا منهم فى حالة إعياء ومغمى عليهم، وأن 6 منهم بحالة جيدة، وتم إنزال 3 آخرين بحالة إعياء شديد توفت إحدى الحالات أثناء إسعافه، وهو المجنى عليه عبدالمنعم محمد مصطفى حسانين، وتم نقل الحالتين الأخريين للمستشفى، وأن باقى المتهمين المرحلين توفاهم الله.

وأكدت الحيثيات أنه بتاريخ 20 أغسطس 2013، تم سؤال الرقيب شرطة عبدالعزيز ربيع عبدالعزيز، الذى قرر أنه من ضمن قوة التأمين لسيارة الترحيلات، وأنه كان يركب فى ذات السيارة من الخلف فى المكان المخصص للحراسة، وأن المأمورية تتكون من 4 ضباط هم الضباط المتهمون، و10 أفراد، وأكد أن العدد الذى تم ركوبه بالسيارة كبير على حجمها، وأن الشفاطات الكهربائية بالسيارة لا تعمل، وأنه أثناء التحقيق انتابه بكاء شديد، وقال إنه يخشى على مستقبله ومستقبل أولاده، وأكد أن حقيقة الأمر هى أنه تم قيد جميع المتهمين كل اثنين فى قيد حديدى، والتحرك من قسم شرطة مصر الجديدة الساعة السابعة صباحاً، وأن الطقس كان حاراً جداً، وأن المكان هو فى الصحراء، وتم جلوس الضباط على مسافة 10 أمتار أسفل مظلة، وإيقاف المحرك للسيارة، وبدأت الشكوى من المساجين المرحلين لوجود حالات مرضية، وطلبوا شرب المياه، وبإخطار الضباط بالشكوى رفضوا الاستجابة، وفى حدود الساعة العاشرة والنصف حضر الضباط وتبين أن المفتاح الخاص بالقفل الموجود على الباب مفقود، وتم كسر القفل بمعرفة الملازم أول محمد يحيى، وتم إعطاء المساجين مياها، والحالة العامة لهم جيدة، لكن هناك رائحة كريهة، وعقب ذلك أمر قائد المأمورية المقدم عمرو فاروق، المتهم الأول بإعادة غلق الباب مرة أخرى بقيد حديدى، وتم خلعه من أحد المتهمين، وأنه طلب من قائد المأمورية ترك باب السيارة مفتوحا وذلك مثل باقى السيارات التى تواجدت بذات المكان، إلا أنه رفض ذلك، وأن الباب لم يفتح مرة أخرى فى حضوره وحتى الساعة الثانية مساء، وأن المرحلين اشتكوا فى الفترة من الحادية عشرة صباحاً وحتى الثانية مساء، ثلاث مرات، والأفراد كانت تقوم برش المياه عليهم من شبابيك السيارة وفتحات التهوية، وعند فتح الباب بمعرفة ملازم أول محمد يحيى، لم يتمكن من فتحه وتم التهديد بأنه سيتم إحضار طفاية حريق، وذلك باعتقادهم أن المتهمين داخل السيارة يرفضون فتح الباب، وتم إحضار جهاز كهربائى من السجن لفتح الباب وتم فتحه بزاوية صغيرة، ودلف إلى السيارة الملازم أول محمد يحيى، وطلب المساعدة، وتم إنزال 7 أو 8 من المرحلين كانوا على قيد الحياة، وبدلوفه إلى داخل الصندوق تبين أن المتهمين فوق بعضهم البعض والرائحة كريهة، وتم إنزال البعض منهم وفك القيد الحديدى الخاص بهم، وحدث نوع من الفوضى، وقام قائد المأمورية بجمع القوات، وطلب من اثنين من الأفراد بإحداث إصابه بجسدهم، وأكد ذلك أمين شرطة يدعى رمزى، وتم اختياره هو والرقيب بهنس، لإحداث إصابتهم، وقام الأمين رمزى، بالتعدى عليه فى البوكس، وكان يرتدى خاتم بيده فأحدث إصابته وتم إحداث إصابة بهنس، كذلك، وطلب منهم قائد المأمورية، المتهم الأول، التوجه للقسم لإحضار جواب تحويل للمستشفى لعمل تقارير طبية، والمحقق أثبت تلك الإصابة فى ملحوظة بمناظرته.

وأضاف أن طبيب السجن قام بتوقيع الكشف الطبى على من تم إنزالهم من السيارة، وأكد أنهم ماتوا أثناء قيامه بإنزال المتهمين من السيارة اشتم رائحة غريبة وعلم من أحد الأفراد أن هناك من قام برش سيلف ديفينس، من شباك الصندوق، وأن الضابط محمد يحيى، والفردين محمد شوقى ومنير حسن، ذهبوا للمستشفى رغم أن الفردين لم يبصروا شيئا، وأنهم كانوا بداخل السيارة التى بجوار سور السجن عند البوابة الرئيسية، وأن الدافع من إحداث إصابته هو والرقيب بهنس، هو إبعاد المسؤولية عن الضباط والأفراد، وانصرف هو والعريف بهنس، إلى القسم للتوجه للمستشفى، وصباح اليوم التالى، التقوا مع المأمور ونائب المأمور، وكان بصحبته العريف بهنس وباقى زملائه، وتم توجيه اللوم للأفراد والقوة من قبل المأمور، وأكد أن ما حدث مسؤولية الكل من ضباط وأفراد لعدم قيامهم بالاتصال به عند حدوث المشكلة، وأنه تقابل مع المأمور ونائبه مرة أخرى صباح يوم 20 أغسطس 2013 بمكتبه، وتم إبلاغهم أن ما حدث وما سيقال فى النيابة أن المتهمين جذبوا الضابط محمد يحيى، داخل صندوق السيارة وتمت محاولة إخراجه، وإنه تمت إصابته جراء ذلك وإعطاؤه صورة من المحضر الذى تم تحريره بمعرفة نائب المأمور، وأنه قرر عدم قراءته وأنه سيشهد بما حدث وبما يرضى ربه، ونفى تماماً أن يكون الملازم أول محمد يحيى، تم جذبه داخل السيارة وأنه لم يحدث. وبسؤال الرقيب بهنس خميس بهنس، أكد بسلامة التحقيقات وقرر بمضمون أقوال سابقه.

وبسؤال محمد عبدالمعبود إبراهيم أحمد، من ضمن المجنى عليهم المصابين والمرحلين داخل السيارة، قرر أنهم كانوا متكدسين محشورين داخل السيارة، وبالوقوف داخل السجن وبعد مرور ساعتين بدأ الإعياء على المتواجدين داخل السيارة وفقد البعض منهم الوعى، وبدأت الشكوى من قبلهم بالطرق على صاج السيارة، ولم يتم الرد عليهم، بل كانوا يقوموا بالرد عليهم بالسباب حتى الساعة الثالثه عصراً، وبمحاولة فتح الباب لم يتمكنوا من فتحه، وذلك لوجود أشخاص فاقدين الوعى خلف الباب، وظن من يقوم بفتحه أن من بالداخل يرفض فتح الباب، وأنه فى تلك اللحظة اشتم رائحة غاز مسيل للدموع، وتمكنوا من فتح الباب جزءا أكبر، وتم إخراجه من السيارة والتعدى عليه بالضرب وإدخاله داخل السجن ومعه 5 آخرون، وتم استجوابهم ونقلهم إلى سجن آخر، وأكد أن الباقين من المسجونين المرحلين كانوا جميعاً فاقدى الوعى، وأن الغاز تم إطلاقه من باب الحجز للسيارة، وأنه غاز بلا دخان أطلق من قبل الشرطة على أساس أنهم اعتقدوا أن من بالداخل يرفض فتح الباب ولم يبصر مطلق الغاز، وأنكر ما جاء بأقوال المتهم الأول المقدم عمر فاروق بالتحقيقات، من أن الغاز تم إطلاقه من فتحات التهوية للسيارة، وكذلك نفى واقعة الملازم أول محمد يحيى، والتعدى عليه وإدخاله داخل السيارة أو التعدى على أى من أفراد المأمورية.

وأشارت الحيثيات، إلى أنه كان الثابت للمحكمة أن التهم جاءت ثابتة فى حق المتهمين ثبوتا يقينيا وفقا لما ساقته النيابة العامة من أدلة اتهام بدأت بشهادة المجنى عليهم الأحياء، وجميعهم قرروا بأنهم وضعوا فى صندوق سيارة الترحيلات وعددهم 45 شخصا محشورين ومتكدسين بداخله لمدة لا تزيد على 6 ساعات فى ظل جو وطقس شديد الحرارة وتعرضهم لاستنشاق مادة ذات رائحة كريهة لا يعرفون كنيتها ليؤدى ذلك فى النهاية إلى إصابتهم ووفاة من كانوا معهم بالسيارة، وما قرره العقيد حازم عبدالسلام، رئيس إدارة عمليات الترحيلات أن المسؤول عن ترحيل هذا العدد الكبير من المتهمين فى سيارة ترحيلات واحدة من نوع السيارة التى كانت محلا للواقعة هو المأمور، ويجوز أن ينيب غيره، وبالفعل فإن مأمور قسم مصر الجديدة العميد سيف زغلول عند سؤاله بالتحقيقات قرر أنه أناب عنه المتهم الأول ولم ينكر المتهم ذلك فى التحقيقات.

وأضاف مدير إدارة الترحيلات فى التحقيقات أن وضع هذا العدد من المتهمين داخل سيارة الإفكو هو لا يمكن له القيام به وكان من أبسط الأشياء فتح باب السيارة الفاصل بين كابينة الحراسة وصندوق الحجز عقب الوصول، مع أنه كان فى إمكانه أخذ سيارة صغيرة أخرى موجودة بالقسم لنقل هذا العدد من المتهمين المرحلين، رغم أنه قد أبلغ المتهم الأول بأن كل التجهيزات فى القسم تحت إمرته وأن السيارة لا تسع لهذا العدد وأن جميع الضباط مسؤولون عما وقع لسوء تقديرهم إضافة إلى ذلك ما أكده تقرير خبير وزارة العدل الذى انتهى إلى نتيجة مؤداها عدم مطابقة السيارة للمواصفات القياسية لنقل عدد 45، وأن العدد الواجب الالتزام به هو 24 شخصا مع الأخذ فى الاعتبار الظروف الجوية والمساحة اللازمة للتنفس، وأن ما ساقه المتهم الأول من رواية سانده فيها عدد من الأفراد والضباط المتهمين لا يعدو إلا أن يكون مجرد رواية مختلفة للإفلات من المسؤولية. ومن كل ما تقدم فإن المتهم الأول المقدم عمرو فاروق، وهو قائد المأمورية، انطبق على أفعاله الركن الثانى لجريمتى الإيذاء والقتل الخطأ تمثل فى صور عدة أولها الإهمال والرعونة وعدم الاحتراز وعدم مراعاة القوانين واللوائح والأنظمة، وأدى ذلك إلى تحقق ركن القتل الخطأ والإيذاء وهو ما أكدته تقارير الصفة التشريحية للطب الشرعى والذى انتهى جميعه إلى نتيجة مؤداها أن وفاة المجنى عليهم نتيجة إسفكسيا الاختناق باستنشاق غاز (c.s) وتعرضهم له لفترة طويلة وأن كثرة عدد المرحلين داخل السيارة فى ظل الجو الحار وعدم كفاية التهوية كلها عناصر اجتمعت وتكاملت وأدت إلى الوفاة، وهو ما شهد به الأطباء الشرعيون المختصون بفحص الجثث عند سؤالهم عن تقاريرهم بالتحقيقات، وأكد ذلك ما تم العثور عليه من غاز (c.s) بعينات دم المجنى عليهم المتوفين كما جاء بتقرير المعمل الكيميائى المرفق بالأوراق، فضلا عن كل ما تقدم فإن قائد المأمورية لم يحمى المرحلين المجنى عليهم من إطلاق الغاز عليهم من الشخص المجهول، وهو أمر بديهى بالنسبة له وتفرضه عليه أصول وظيفته وتحقق الركن الثالث وهو علاقة السببية بين الخطأ والقتل والإيذاء حيث أنه لولا ان أركب هذا العدد فى السيارة ما كانت لتحصل تلك النتيجة وهو ما أكده الأطباء الشرعيون عند سؤالهم، أن العدد الكبير من المتهمين داخل السيارة فى ظل ظروف الجو الحار وعدم التهوية الكافية مع إطلاق الغاز داخل السيارة كلها تكاملت وأسهمت فى النتيجة وهى وفاة المجنى عليهم، إذ أن الغاز الذى أطلق وحده لا يؤدى للوفاة بل تكامل كل العناصر السالف بيانها أدى لوفاة العدد الكبير وإصابة الباقين، وهو الأمر الذى تطمئن إليه المحكمة فى إدانته بعد فحص الأوراق عن بصر وبصيرة، وتقضى المحكمة بمعاقبته على نحو ما سيرد بالمنطوق وفقا لنص المادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية ولا ينال من ذلك ما برره المتهم ووافقه فيه المتهمون الآخرون وعدد من أفراد القوه المرافقة من رواية لا تطمئن إليها المحكمة والذى تعده المحكمة ضربا من ضروب الدفاع للتنصل من المسؤولية، إذ إن الأفراد لا حول لهم ولا قوة فى اتباع الأوامر من رؤسائهم وإجابة ما طلب منهم ليدلوا به فى التحقيقات، إذا تعد المحكمة هذا نوع من أنواع الإكراه للشهادة بما يملى عليهم من أوامر، ويؤكد ذلك ما قررته المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية حيث قررت (يحكم القاضى فى الدعوى حسب العقيدة التى تكونت لديه بكامل حريته وما ذلك لا يجوز له أن يبنى حكمه على دليل لم يطرح أمامه فى الجلسة وكل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد به يهدر ولا يعول عليه)، ومن ثم فإن المحكمة تهدر أقوال المتهمين ومن وافقهم من الأفراد فى روايتهم عن الواقعة تنصلا من المسؤولية ولا تعول عليه وفقا لنص المادة سالفة البيان.

ولفتت الحيثيات إلى أنه فيما يتعلق بالمتهمين الثانى والثالث والرابع، فإنه تبين للمحكمة من مطالعة أوراق الدعوى وما حوته مستنداتها أن مسؤوليتهم تحددت بتأمين المأمورية فقط، إلا أنه قد نالهم جزء من الخطأ تمثل فى عدم منعهم للشخص المجهول فى الأوراق من إلقاء قنبلة الغاز داخل السيارة والمجنى عليهم بداخلها، والذى يعد صورة من صور ركن الخطأ فى شكل الإهمال وهى الصورة التى اتخذوا فيها موقفا سلبيا بعدم اتخاذ الحيطة والحذر والتبصر بالعواقب فأدى إلقاء الغاز داخل السيارة إلى نتيجة وهى قتل المجنى عليهم وإصابة الباقين، إلا أنه ثبت للمحكمة أن هذا الخطأ ليس هو السبب الوحيد فى إحداث تلك النتيجة بل إن الخطأ الجسيم للمتهم الأول، بإخلاله إخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول مهنته ووظيفته ونكوله عن مساعدتهم رغم مطالبته بذلك وفقا لما قرره الشهود بالتحقيقات وما سبق بيانه فى تلك الأسباب اجتمع مع هذا الفعل السلبى من جانب المتهمين الثانى والثالث والرابع، هو الذى أدى إلى النتيجة وكانت علاقة السببية بين الخطأ فى صورة الإهمال الواقع من المتهمين الثانى والثالث والرابع وبين النتيجة وهى وفاة أغلبهم وإصابة الباقين هو إهمالهم لما تفرضه عليهم أصول مهنتهم ووظيفتهم وهو حماية هؤلاء المجنى عليهم من أى ضرر يلحق بهم وفقا لما تفرضه عليهم وظيفتهم وهو ما أكدته محكمة النقض المصرية فى حكم لها بأنه (لا يلزم لتوقيع عقوبة المادة 238 عقوبات أن يقع الخطأ الذى يتسبب عنه الإصابة بجميع صوره التى أوردتها المادة بل يكفى لتحقق الجريمة أن تتوافر صورة واحدة منها وعلى ذلك فلا جدوى للطاعن من النعى على الحكم فساده بعدم وجود رخصة قيادة لديه ما دام الحكم قد أثبت عليه صورة أخرى من صور الخطأ وهى قيادة سيارة بسرعة شديدة وهى ما يكفى لحمل قضاء الحكم» الطعن رقم 1357 لسنة 31 ق جلسة 7/5/1962، كما أكدت أيضا فى حكم لها (أن الشارع إذا عدد صور الخطأ فى المادة 238 من قانون العقوبات اعتبر كل صورة من هذه الصور الخطأ قائما بذاته يترتب عليه مسؤولية فاعلة ولو لم يقع منه خطأ آخر، (الطعن رقم 166 لسنة 54 ق جلسة 6/12/1954).

ومما تقدم فإن التهمة ثابتة فى حق كل من المتهم الثانى والثالث والرابع، ثبوتا يقينيا وفقا لما تقدم، إلا أنه لما كان الثابت من تقارير الصفة التشريحية للطب الشرعى التقارير المرفقة بالأوراق للمصابين، فإنه عند سؤال الأطباء الشرعيين بالتحقيقات والتى أكدوا فيها أن الغاز وحده لا يؤدى إلى الوفاة وأن حرارة الجو والإجهاد والعدد الكبير للمجنى عليهم بوضعهم داخل السيارة وعدم التهوية المناسبة لهم والذى تبين للمحكمة من مطالعة الأوراق أن الشفاط الخاص بالسيارة لم يتم تشغيله وهى مسؤولية المتهم الأول قائد المأمورية، وفقا لما توصلت إليه النيابة العامة فى التحقيقات، كل هذه العناصر تكاملت وأسهمت لإحداث نتيجة وفاة المجنى عليهم وإصابة بعضهم الأمر الذى يضعف من مسؤوليتهم عن وفاة المجنى عليهم وإصابتهم إلا أن هذا الأمر لا ينفى تلك المسؤولية.

ونوهت الحيثيات بأنه لما كانت المادة 55 من قانون العقوبات قررت أنه يجوز للمحكمة عند الحكم فى جناية أو جنحه بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر فى نفس الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو من سنه أو الظروف التى ارتكبت فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود لمخالفة القانون ويجب أن تبين فى الحكم أسباب إيقاف التنفيذ ويجوز أن يكون الإيقاف شاملا لأى عقوبة تبعية ولجميع الآثار المترتبة على الحكم، (كما نصت المادة 56/1 من ذات القانون بأنه يصدر الأمر بالإيقاف لتنفيذ العقوبة بالإيقاف لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذى يصبح فيه الحكم نهائيا)، وحيث إنه من المقرر قضاء أن (الحكم بإيقاف التنفيذ أمر موضوعى بحت يدخل تحت سلطان قاضى الموضوع وتقديره يقرره لمن يراه مستحقا لذلك من المتهمين بحسب ظروف الدعوى وحالة كل منهم شخصيا على حدة، «الطعن رقم 1300 لسنة 28 ق جلسة 15/12/1958 – مكتب فنى 9»، وحيث إنه من المقرر فقها أنه كثيرا ما يبدو للقاضى أن الجانى قد تورط فى ارتكاب جريمة وأن ماضيه الحسن والظروف التى ارتكبت فيها الجريمة لن يجعله يعود لهذا الإجراء وأن توقيع العقوبة عليه قد ينتج عنه ضرر أكثر منها كما أن للقاضى أن يأمر بالإيقاف بالنسبة لأحد المتهمين دون الباقين.

وأضافت الحيثيات، أنه لما كان ما تقدم من نصوص وقواعد قانونية وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى إدانة المتهمين الثانى والثالث والرابع، بعد فحص الأوراق عن بصر وبصيرة، ونظرا للظروف التى أحاطت بالواقعة من بدايتها والوضع السيئ الذى وضعهم فيه المتهم الأول وفقا لم تقدم بيانه فى الأسباب وصغر سنهم وقلة خبرتهم فى تلك الظروف الأمنية التى تشهدها البلاد وهى لا تتناسب بالطبع مع خبرة المتهم الأول، وما أكده الأطباء الشرعيون عند سؤالهم بالتحقيقات من عملية التكامل للعوامل التى أسهمت فى وفاة وإيذاء المجنى عليهم كان المتهم الأول هو صاحب الدور الرئيسى فى الوصول إلى تلك النهاية المأساوية الأمر الذى ترى معه المحكمة أنه لا فائدة من تنفيذ عقوبة الحبس على المتهمين الثانى والثالث والرابع والقضاء بحبسهم مع الإيقاف على نحو ما سيرد بالمنطوق وفقا لنصوص المواد 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية والمادتين 55 و56 من قانون العقوبات.

وقالت حول الدعوى المدنية، إن المادة 309 / 2 من قانون الإجراءات الجنائية «ومع ذلك إذا رأت المحكمة أن الفصل فى التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبنى عليه إرجاء الفصل فى الدعوى الجنائية فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة بلا مصروفات».

وكان الثابت للمحكمة أن الدعوى المدنية تحتاج إلى تحقيق خاص نظرا للعدد الكبير للمدعين بالحق المدنى واختصامهم للمسؤول عن الحقوق المدنية فالمحكمة تقضى بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات على نحو ما سيرد بالمنطوق.

وحيث إنه وعن مصروفات الدعوى الجنائية فالمحكمة تلزم بها المتهمين متضامنين وفقا لشأن المادة 317 من قانون الإجراءات الجنائية على نحو ما سيرد بالمنطوق، ولهذه الأسباب حكمت المحكمة بهذا الحكم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية