الحياد الإعلامي في أوقات الحرب يعتبر جريمة ويؤذي الوطن، وبرامج التوك شو يجب أن توقف المكلمة وتعيد البطولة للصورة التليفزيونية، وأبومازن لا يصلح لقيادة حركة التحرر في فلسطين، والجاليات المصرية عليها دور كبير في الدفاع عن مصر في الخارج.. كانت هذه مجموعة من العبارات، التي قالها الإعلامي وائل الابراشي، في حواره مع «المصري اليوم» أثناء زيارته السريعة إلى لندن .
«الإبراشي» قال إن برامج التوك شو عليها أن تعيد حساباتها بعدما أصابت المشاهد بالملل، مؤكدا أنه سيبدأ بنفسه وسيقوم بتحويل برنامجه ليصبح تحقيقًا تليفزيونيًا من مواقع الأحداث بعيدًا عن الاستديوهات المكيفة لتعود البطولة للصورة التليفزيونية وليس لكلام مكرر من ضيوف مكررين.. وإلى نص الحوار:
• كيف ترى الدور الذي يجب أن تلعبه الجاليات المصرية في الخارج؟
- أرى أن الجاليات المصرية في الخارج لها دور مهم جدًا في المرحلة الحالية والقادمة لأن المعركة في الخارج أقوى من الداخل، ففي الداخل نجد فكرة الصدام المسلح مع السلطة تعد فكرة فاشلة ومستحيلة، صحيح أنها تؤدي إلى خسائر ولكن الدولة ستنتصر في النهاية، والمشكلة في الخارج أن الإخوان يشوهون الصورة بمعاونة دول وأجهزة لدول كبرى ويصورون للناس أن الجيش هو الذي يقتل المعتصمين والمتظاهرين، ويحاول الإخوان في كل العالم إرسال رسالة بأنهم يمثلون الشعب المصري ويحاولون توصيل تلك الرسالة ومفادها أن الشعب يريد عودتهم للحكم وهذا ليس صحيحا، وبالتالي فالمعركة في الخارج مهمة وكبيرة ودور الجاليات المصرية فيها مهم، وهو دور قوي لتغيير هذه الصورة ونقل الصورة الحقيقية أن مصر تخوض حربًا شرسة ضد إرهاب جماعة الإخوان بعد ثورة 30 يونيو، التي تلاحم فيها الشعب مع الجيش لإسقاط حكم الإخوان .
• ما الدور المحدد للجاليات المصرية الذي ينبغي عليها عمله؟
- تستطيع الجاليات مواجهة محاولات الأخونة لأنهم يتحدثون باسم مصر في الخارج، الجاليات فقط تستطيع أن تقول لهم: لا تتحدثوا باسم الشعب المصري، ولذلك حرصت على حضور اجتماع اتحاد الجاليات المصرية في أوروبا، والحقيقة أنني استمعت لأفكار رائعة لعل أبرزها إرساء نواة أولية لتكوين لوبي مصري عالمي إضافة إلى أفكار أخرى كلها جيدة.
• نريد أن نعرف كواليس مشكلة استضافتك للقيادي الفلسطيني محمد دحلان؟
- لا شك أن الحوار انطلق من قواعد مهنية بعد أن وجه أبومازن، الرئيس الفلسطيني، اتهامات في غاية الخطورة لـ«دحلان»، عضو مجلس التشريع الفلسطيني ورئيس جهاز الأمن الوقائي سابقًا بقطاع غزة، وهو رجل لديه أحلام تتعلق بالوصول لرأس السلطة في رام الله، والاتهامات بالخيانة والعمالة وبيع القضية الفلسطينية وتنتهي بالفساد والقتل، ومن بينها اتهامات تخصنا في مصر منها أن «دحلان» يستخدم اسم السيسي بعد أن قابله اكثر من مرة واتهامات ببيع أسلحة إسرائيلية لسيف الاسلام القذافي، وكان لابد من حمل هذه الاتهامات ومواجهة «دحلان» بها في برنامجي إلا أنني فوجئت بأن أبومازن والسلطة الفلسطينية تعاملوا مع الحوار باعتباره أزمة سياسية عاصفة، واحتجوا لدى وزارة الخارجية وأرسلوا لنا خطاب احتجاج في القناة، وزعموا ان هذا الحوار يمثل إساءة للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، ولا أحد يستطيع أن يقول إن حوارا تليفزيونيا يسيء للقضية الفلسطينية، والذي يضر بالقضية هو التستر على الفساد، فليردوا على اتهامات دحلان فيما أسماه بـ«فساد أبناء أبومازن»، والعلاقات الوطيدة مع قطر، وما قاله دحلان عن أبومازن فيما يتعلق بالتهاون في القضية الفلسطينية، ووصفه لذلك بأنه اغتيال بطئ للقضية الفلسطينية، وما يهمني هو كشف وقائع الفساد ووقائع اغتيال القضية الفلسطينية، وقد أديت واجبي المهني تجاه ذلك الموضوع.
• هل تدخل أبومازن فعلًا لمنع تلك الحلقة؟
- نعم، أنا فوجئت بسعي أبومازن من خلال جهات سيادية لمنع إذاعة ذلك الحوار لأنني سجلته في الصباح وأذعته في المساء، وهو عرف من خلال بروموهات أذعناها، واتصل بجهات سيادية في مصر للمنع، واتصلت بي تلك الجهات ليس للمنع ولكن للاستيضاح فقط، لكن لم يطلبوا منع الإذاعة لأن هذا ليس من حقهم، وبعد إذاعة الحوار فوجئت بهجوم شديد على السلطة في مصر.
• وهل تدخله كان مجرد طلب أم إصرار بتكرار الطلب للمنع؟
- إصرار لدرجة أنه قال للجهات السيادية: (أنا أعاونكم في حربكم ضد حماس، وأنتم تفعلون معي ذلك؟)، فقالوا له إن هذا لا علاقة له ببرنامج تليفزيوني يعبر عن رأي صاحبه إلا إنه اصر على منع الحوار ولما فشل كان مصمما على عقاب المحطة وعقاب المذيع وهذا غريب فعلا من رجل يحاول استعادة أرضه، لأن البرنامج التليفزيوني يمكن الرد عليه ببرنامج مثله، لكن أبومازن قام بتحويل الموضوع لأزمة سياسية عاصفة ثم أرسل المتحدث باسم «فتح» لكي يرد على دحلان، لكني رفضت لأنه ليس لائقًا، والذي يرد على دحلان هو أبو مازن وطلبت منه أن نجري الحوار ولكنه رفض وبدأ يتحدث عن المؤامرة، التي تهدف لإفشال مفاوضاته في واشنطن، والحقيقة أنه هو الذي اختار التوقيت.
• ولماذا هاجم أبو مازن المهندس نجيب ساويرس؟
- أبومازن اتهم ساويرس بأنه اتفق مع دحلان على نهب أموال الشعب الفلسطيني من خلال صفقة الاتصالات، التي بيعت بأقل من ثلث قيمتها الحقيقية، لكن ساويرس رد عليه قائلًا: (لقد كسبتم الكثير من ورائي ووصلت أرباحكم إلى مبلغ ضخم)، والمبلغ المتبقي تم إيقافه بمحكمة أمريكية لاتهام المنظمة وقتها بأنها إرهابية، ومع ذلك سدد ساويرس هذا المبلغ من خلال محاكم مصرية.
• ولماذا يضع أبومازن كل خصومه في سلة واحدة؟
- لا أعرف ربما هي فكرة المؤامرة، أبومازن يتحدث الآن عن مؤامرة سياسية يشترك بها نجيب ساويرس ومحمد دحلان وقناة دريم من خلال برنامجي، وهو كلام عبثي وتحولت بسببه المسألة إلى أزمة، انتهت بأن الرئيس الفلسطيني يصمم على توجيه الاتهامات لكل أطراف الحوار التليفزيوني، والجهات السيادية لم تتدخل، هم فقط قالوا: (لا داعي لأن نخسر أبو مازن)، فقلت لهم إن الذي يضعف أمام برنامج تليفزيوني لا يمكن ان يقود حركة تحرر، كما أنه يصر على تجييش إعلامه ضد مصر، وأنا لا أتحدث باسم مصر فلماذا يهاجم هو مصر؟.. أنا تناولت الموضوع بقواعد مهنية.
• ننتقل إلى زيادة عدد برامج التوك شو في مصر.. هل هي ظاهرة صحية أم كيف تراها؟
- التوك شو لابد أن يتطور لأن الذي سيبقى على الساحة هو الذي سيقدر على تغيير الشكل والمضمون لأن التليفزيون فن مرئي، لكن للأسف تحولت برامج التوك شو في معظم الفضائيات إلى مكلمة تليفزيونية، والمشاهد تشبع من هذا الشكل ولابد من تطوير هذا الشكل بطريقة تعيد البطولة للصورة التليفزيونية وليس للكلام، وبالإضافة لذلك فالمشاهد سيفرز في النهاية لأنه وحده في يده الريموت كنترول، وبالتالي فزيادة عدد التوك شو لا يزعجني، الذي يزعجني هو عدم التطوير ولابد أن نعيد البطولة للصورة المرئية، ولا يجب أبدا أن يكون التوك شو التليفزيوني عبارة عن مكلمة.
• على مستوى برنامجك هل لديك خطة محددة للتطوير؟
- بالتأكيد، لدي إصرار على إلغاء نظام المكلمة نهائيا من عندي، وأهتم بالتحقيق التليفزيوني ليكون فنًا مرئيًا وليس مسموعًا، وقد بدأت في التنفيذ بالفعل أخطط لإلغاء الاستديو وتحويل البرنامج إلى مواقع الأحداث بعيدًا عن الاستديوهات المكيفة لأن المشاهد فعلًا بدأ يصاب بالملل، خاصة مع انتقال نفس الضيوف من برنامج إلى آخر، بالإضافة إلى المكلمة المملة، وسأبدأ الشكل الجديد بعد انتخابات الرئاسة لأننا للأسف لن نستطيع تطبيقه الآن لأننا لازلنا اسرى الحدث، والحدث اليومي لابد أن تتعامل معه بشكل يومي، لكن بعد انتخابات الرئاسة سوف ألغي الاستديو وسيتحول برنامجي لتحقيق تليفزيوني من مواقع الأحداث، والبطولة ستكون للصورة التليفزيونية وليس للكلام.
• كيف ترى مسألة التشويش على برنامج باسم يوسف؟
- الهجوم على باسم يوسف بهذا الشكل فيه ازدواجية كبيرة، لأننا هللنا لباسم يوسف عندما ساهم في إسقاط دولة الإخوان، فلماذا إذن نهاجمه حينما يستخدم نفس الأدوات ونفس اللغة التليفزيونية وهي الانتقاد والسخرية؟.. هذه ازدواجية شديدة وعلينا أن نفهم فن السخرية، وعلينا أن نتعامل مع برنامج باسم يوسف بمنطق حرية الرأي، الذي نؤمن به وندعو له، ولا يجب ملاحقته قانونيا ولا التشويش عليه، ولا يجب أن ننسى دوره في إسقاط حكم الإخوان، فأنا اكاد أجزم أن الدور، الذي لعبه باسم هو أضعاف الدور، الذي لعبناه نحن الإعلاميين جميعًا لأن السخرية تصل للناس بشكل أسرع، واذا كان باسم أخذ موقفا ما لا يعجبنا فهو حر وهذا رأيه، وعلينا أن نرد عليه بالحجة وليس بالهجوم والتشويش والتخوين ومحاولات المنع.
• هل ترى أن واقعة سرقة باسم يوسف لمقال أجنبي سيؤثر على شعبيته؟
- لم أتابع تلك القضية ولكن على باسم يوسف أن يرد على تلك الاتهامات وتفنيدها، والمهم ألا يكون هدفنا من مناقشة ذلك هو اغتيال باسم معنويا، ممكن ننتقده ولكن لا نضخم مشكلته لاغتياله معنويا.
• الإعلام الآن منقسم فيما يتعلق بقضية أحمد عز وزينة فبعض الإعلاميين ينحازون لطرف والبعض ينحاز للطرف الآخر فهل ترى تلك الطريقة مناسبة للتعامل مع ذلك النوع من القضايا؟
- أنا شخصيا لم أتناول هذه القضية بالمرة لكن رأيي أنه لا يجب أن تسقط البرامج التليفزيونية في فخ (هذا حزب أحمد عز) و(هذا حزب زينة)، فهذا النوع تحديدا من القضايا، الذي يتعلق بنسب أطفال وشرف عائلات يجب التعامل معه بمنطق طبي وقانوني أكثر من إعلامي، وكنت أتمنى أن للشخصية الفنية الناجحة أن تنأى بنفسها عن تحويل حياتها الخاصة إلى معركة إعلامية بهذا الشكل.
• هل أنت متفائل بمستقبل الإعلام ومستقبل السياسة في مصر؟
- أنا متفائل دائمًا لأن التفاؤل يمنحني طاقة أمل للاستمرار لكن المشكلة أن البعض يتعامل مع الإعلام باعتباره الشماعة، التي تعلق علييها دائما كل الأخطاء والخطايا، بينما ينسون أن هذا الاعلام هو الذي ساهم في نجاح ثورة 30 يونيو، الإعلام يخطئ ويصيب وفيه الجيد والردئ، وأنا متفائل بمستقبل الإعلام وإذا صدر قانون تداول المعلومات، الذي يتيح للصحفيين الحصول على المعلومات بسهولة سوف تختفي معظم أمراض الإعلام، التي نعاني منها الآن، فالإعلام يحتاج أيضا لميثاق شرف جديد تكون فيه مواد تتعلق بالعقاب لمن يخالف قواعد المهنة، وكل هذا سيصحح مسار الإعلام، وما يعنيني أكثر هو ضرورة أن يبدأ الإعلام بتطوير نفسه، ولابد أن نحمي الإعلام من استغلال رأس المال له، فأحيانا يستخدمون السلطة للبطش بالإعلام وهذا يجب أن يتوقف.
• البعض يرى أن الحياد الإعلامي في أوقات الحرب يكون خطأ وضد الوطنية فكيف ترى تلك المسألة؟
- أساسا الحياد الإعلامي مصطلح وهمي وغير موجود في أي وقت، ناهيك عن أوقات الحرب كل وسيلة إعلام لها موقف، لكن المهم أن نسمح لجميع وجهات النظر أن تعبر عن نفسها، وعلى المذيع ألا يلوي عنق الحقائق ليقدم وجهة نظره، ولكنك لن تستطيع أن تمنعه من إظهار كل مواقفه، إذن الحياد غير موجود، وفي زمن الحرب بالتحديد اعتبر الحياد خيانة، فلا حياد مع الفساد مثلًا، ولا حياد مع دماء المصريين، التي تسال أمام الاتحادية من أجل حماية مرسي ومنعهم من التظاهر، فأنت أمام فصيل مشكلته الأساسية أن ولاءه للجماعه أهم من ولائه للوطن، ولا حياد أمام قضية العبارة مثلا أمام غرق المصريين، فالإعلام يجب أن ينحاز للقوات المسلحة وللشعب وللشرطة ولمؤسسات الدولة، فنحن في حالة حرب، والذي يحاول أن يبدو محايدا يؤذي الوطن بهذا الحياد، فيجب الانحياز لللإرادة الشعبية ولمؤسسات الدولة.