x

علي السيد قاض من الجماعة علي السيد الأربعاء 02-04-2014 21:05


ما من قاض التقيته خلال الفترة الماضية إلا وكان حكم أو قرار محكمة جنايات المنيا طاغياً على الحوار. لم أجد قاضياً واحداً لم يعتبر الحكم باطلاً، وأنه سيلغى فى النقض. وبعيداً عن كون القرار غريباً وعجيباً دعنا نسأل: من المستفيد من قرار ستلغيه محكمة النقض وفق إجماع من قبل عشرات القضاة الذين التقيتهم؟

الحكم شكل صدمة اجتماعية، ولم يلق أى ترحيب أو تعاطف وهاجمته وسائل الإعلام وانتقدته عشرات المقالات، وتحول إلى مادة ساخرة على مواقع التواصل «غير الاجتماعى». ورغم أن الحكم ليس نهائياً إلا أنه تحول إلى فضيحة كبرى للقضاء المصرى فى شتى أنحاء الدنيا، ما جعل جماعة الإخوان تعود إلى قلب الواجهة على مستوى العالم. وبدا الحكم كأنه دلالة دامغة على مدى الظلم الواقع على الجماعة. ورغم أن قرار إحالة ٥٢٩ متهماً إلى فضيلة المفتى لأخذ رأيه فى إعدامهم بسبب اتهامهم بقتل ضابط شرطة إلا أن زوجة الضابط القتيل قالت إن القاتل ليس من بين المحكوم عليهم.. إذن نسأل: لماذا صدر الحكم بهذه الطريقة؟ ولماذا لم يتمكن دفاع المتهمين من ممارسة حقه الطبيعى والقانونى فى الدفاع عن المتهمين؟ ثم لماذا لم تهاجم جماعة الإخوان القاضى الذى اتخذ القرار، بل لم توجه له تهديداً كما فعلت مع غيره؟

قرار الإعدام هذا أرضى جماعة الإخوان وجعلها تعود إلى سيرتها الأولى من أنها جماعة تتعرض للظلم والاضطهاد، وهكذا جاء رد فعل العالم، فـ«مارى هارف»، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، قالت: «نشعر بقلق عميق، وبصدمة قوية من هذه العقوبة». وطالبت كاثرين آشتون، الممثلة العليا للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبى، مصر بضرورة ضمان حقوق المتهمين فى محاكمة عادلة بناء على اتهامات واضحة وتحقيقات سليمة ومستقلة، والوصول والاتصال بالمحامين وأفراد الأسرة. أما ويليام هيج، وزير الخارجية البريطانية، فأعرب عن قلقه من القصور فى الإجراءات القضائية.

وعن موقف منظمات حقوق الإنسان حدث ولا حرج، فمنظمة العفو الدولية اعتبرت الحكم مثالاً فى القصور والطبيعة الانتقائية للقضاء المصرى، وأن المحاكم المصرية تعاقب مؤيدى محمد مرسى، وتتجاهل انتهاكات الشرطة لحقوق الإنسان. ثم إن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رأى أن الحكم «خرق للقانون الدولى»، ونشرت مئات الصحف مقالات وتحليلات وكلها ترفض الحكم وتعتبره جريمة ضد أنصار «محمد مرسى»، فهل هناك خدمة قدمت لجماعة الإخوان منذ فض اعتصامى رابعة والنهضة وحتى الآن كتلك القضية؟ بالطبع لا يوجد، ولا يمكن اعتبار الأمر مجرد «قرار» ينتهى فى محكمة النقض، فرد فعل إلغاء القرار وإعادة المحاكمة لن يكون له رد فعل كهذا القرار، ولن يخرج لأجل الإشادة به متحدثون رسميون أو وزراء أو منظمات حقوقية دولية.. وبعيداً عن الكلام البايخ عن رفض التدخل فى شؤوننا، وأن قضاءنا مستقل، ينبغى أن نعترف بأن هناك قرارات تتسبب فى طعن مصر من ظهرها.. ينبغى أن نعترف بأن هذا القرار أعطى للجماعة ما لا تستحق. لا أريد أن أتحدث عن مواءمات قضائية للظروف السياسية، فهذا أمر لا يجوز ولا يصح، لأن القضاء المصرى بالفعل مستقل.. لكن لا يمكن إغفال هوى السياسة أو الانحياز عند فئة قليلة.

الرصاصة التى أطلقها هذا القرار أصابت هدفها بدقة متناهية.. القرار حقق هدفاً منشوداً.. لا أقول إن من «قرر» كان من الجماعة لكنى على يقين أن الأيام المقبلة ستكشف ذلك.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية