x

معتز نادي عبيد الصحافة معتز نادي الأحد 30-03-2014 20:12


قبيل أيام من انتخابات نقابة الصحفيين عام 2013، سأل الإعلامي عمرو الليثي، في برنامجه «90 دقيقة» على قناة «المحور»، المرشح المنافس على مقعد نقيب الصحفيين، ضياء رشوان: «إزاي هاتحل أزمة تعيين الصحفيين الشباب؟»، فكان رده، آنذاك، أن هؤلاء الشباب «70% من الصحافة قائمة على أكتافهم»، واصفًا إياهم بـ«عبيد الصحافة».

وقتها انبرى «رشوان»، صاحب شعار «لا مهنة بدون كرامة» في انتخابات نقابة الصحفيين، في انتقاد الوضع، الذي يتعرض له شباب المهنة، والذي وصفه بـ«السُخرة»، نظرًا لعملهم بعد تخرجهم في الجامعة داخل صحيفة خاصة أو قومية بأجر هزيل أو دونه على الإطلاق ومن غير تعيين، وبعدها تباغت الصحيفة هؤلاء «العبيد» بالاستغناء عنهم.

وكشف «رشوان» أن لديه مسودة لحل مثل هذا الأمر، نظرًا لأن النقابة لا ولاية لها على هؤلاء الشباب، لكنه سيسعى بعد تمرير تلك المسودة وحصولها على صك الظهور للنور لأن تتدخل نقابة الصحفيين للوقوف على أسباب فصل هؤلاء الشباب غير «المعينين»، وزاد من الشعر بيتًا يشير إلى أن النقابة بعلاقاتها واتصالاتها مع المؤسسات الدولية من الممكن أن تقيم معهدًا للتدريب الصحفي لتطوير مهارات المنتسبين للمهنة ورفع كفاءتهم.
وأنهى «رشوان» إجابته: «الشباب هما المستقبل ومش ممكن يكون فاتهم القطر في السياسة وفي النقابة»، وفاز بعدها بمنصب النقيب، وبقي «العبيد» كما وصفهم في أماكنهم يطاردون حلم التعيين في مؤسساتهم الصحفية، أملًا في الحصول على عضوية النقابة، وبقيت المسودة والمقترحات، التي تحدث عنها في طي النسيان.

**
مر عام على ولاية «رشوان» في منصب النقيب، ولم تخرج المسودة للنور، وربما تكون حجته عدم وجود مجلس تشريعي ينظر إليها بعين الرضا، ولكن ما الدور الذي قدمته لهؤلاء؟ أم لأنهم لا ينتمون للنقابة فلا يجب خدمتهم رغم عملهم في نفس المهنة؟

هل سعيت مرة وأنت في مكتبك للتفكير في مصير عمل هؤلاء ومدى التزام مؤسساتهم بحقوقهم، التي أبسطها التعيين؟

هل تساءلت عن مصيرهم وقت مشاركتهم في تغطية الأحداث الميدانية من مظاهرات واشتباكات تغطي مصر منذ ثورة 25 يناير؟

هل تساءلت عن مدى التزام تلك المؤسسات باشتراطات السلامة المهنية الخاصة بالمنتسبين إليها أثناء العمل في تلك المناطق الخطرة؟

مؤكد أنك بحكم منصبك اطلعت على تقارير دولية تشير إلى أن مصر أصبحت ثالث دولة بعد سوريا والعراق من حيث ارتفاع عدد القتلى من الصحفيين، فهل قررت وقتها رفع هاتفك للاتصال بمجلس النقابة لعقد اجتماع طارئ يبحث هذا الأمر والوقوف على مدى توفير المؤسسات الصحفية من ملابس وأدوات تتمثل في خوذة وسترة واقية من الرصاص وضمادات لمواجهة الصدمات وغيرها من أبسط قواعد الحفاظ على عامليها وقت نزولهم لتغطية ما شابه من اشتباكات ومظاهرات ومسيرات تنتهي غالبًا بصراع يؤدي إلى موت؟

قد يرى البعض أن هذه الأدوات رفاهية أو غالية الثمن، لكن أيهما أغلى هي أم حياة الإنسان الصحفي؟

**
أدوات حماية الصحفي ليست بدعة أو رفاهية في ظل دائرة العنف، التي تلاحق عمله أثناء تواجده في تلك المناطق، وهي أمور اشترطت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين ومعها الاتحاد الدولي للصحفيين توفيرها لكل من يعمل في تلك المهنة، بالإضافة إلى توصيات الهيئة العامة للأمم المتحدة الخاصة بعمل الصحفيين بضرورة توفير كل أوجه الحماية لهم وتكون الدولة مسؤولة عن ذلك.

هل فعلت هذا يا نقيب الصحفيين؟

هل ألزمت المؤسسات الصحفية بضرورة تدريب عامليها داخل النقابة على أبسط قواعد السلامة المهنية عند النزول إلى أماكن يتوقع حدوث عنف فيها؟ هل ألزمت النقابة بضرورة التأمين على صحفييها ضد مخاطر تلك الأحداث العنيفة حفاظًا على حياتهم؟

هل عرفت أن هناك مجموعة لا بأس بها في العديد من المؤسسات الصحفية غير معينة وتكون على خط النار في تلك المناطق وتخرج إما مقتولة أو مصابة إذا كان في عمرها بقية؟ وإذا عرفت ذلك فما رد فعلك وقتها؟

فاتك القطار إن لم تفعل، وإن لم تعرف كل هذا منذ وصولك لمنصب النقيب، فليست النقابة متوقفة على زيادة البدل الخاص بصحفييها ودعم مواردهم المادية فقط، بل تعتمد على توفير الكرامة لهم كما كنت تنادي في شعارك الانتخابي، كرامة العمل بتعيينهم في مؤسساتهم، كرامة التأمين عليهم وتوفير الرعاية الصحية لهم، كرامة أن يكونوا ممثلين لشعار «السلطة الرابعة» دون الاعتداء على حقوقهم.

**
النقابة يجب ألا تقف مكتوفة الأيدي بينما الرصاص يحصد شبابها وآخرهم ولن تكون الأخيرة الزميلة، ميادة أشرف، التي نحسبها شهيدة، والله حسيبها.
في أي حادثة يتعرض لها صحفي أو صحفية تتحمل المسؤولية بحكم منصبك كما تتحمل أي مؤسسة صحفية المسؤولية عن الدفع بصحفييها إلى ساحات الحرب دون توفير أبسط قواعد التدريب والحماية والتأمين لهم.

ربما تتساءل عن سبب موافقة صحفي على النزول لساحات الحرب أو «إيه اللي يرميه في التهكلة؟»، فتتنوع الأسباب بين الإيمان بـ«حلم كشف الحقيقة»، و«نقل الخبر بدقة إلى القارئ»، لكن تأتي الأولوية لإجابة بعينها تقول إن سبب الموافقة على الوقوف في الصفوف الأولى لخط النار هو «التعيين في الجريدة والحصول على عضوية النقابة».

يجب ألا يكون نقيب الصحفيين مثل رجل الإطفاء يذهب إلى مكان الحريق، محاولًا إخماد نيرانه، فيكون في كل مرة صاحب رد فعل لا أن يكون صاحب الفعل نفسه بالدفاع عن المهنة لكل العاملين فيها سواء كانوا أعضاءً في النقابة أو لا ينتسبون لها بحكم شروط لجنة القيد، التي تطلب منك بحكم القانون أن تكون معينًا في صحيفة ما، وغالبًا تنال حظ التعيين بعد طلوع الروح كي تنال شرف الانضمام إلى الصحفيين، بينما دراستك للإعلام لا تشفع لك للانضمام إلى النقابة أسوة بخريجي الهندسة والحقوق والطب في نقاباتهم الشهيرة على سبيل المثال.

**
ليس ذنب «عبيد الصحافة» حبهم لمهنتهم، التي قد تزهق أرواحهم، وليس ذنبهم السعي وراء حق أو«فرصة عادلة» فيكون نصيبهم اغتيال حقهم مع سبق الإصرار والترصد ويخرج المسؤول دون حساب.

**
اللهم أخرجنا من مهنة الصحافة سالمين.. وإذا لاحقنا الموت أثناء خدمتنا لها فأبعد عنا شر المتاجرة بدمائنا.. ولا تجعل صورنا الأخيرة في يد السفهاء.

**

روابط تمت الإشارة إليها:

لقاء ضياء رشوان على قناة «المحور».

خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين

لقاء ضياء رشوان على قناة «ONTV LIVE»

سوريا ومصر والعراق أكثر البلدان دموية بالنسبة للصحفيين

دليل السلامة المهنية للصحفيين الميدانيين
**

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية