x

الدكتور مصطفى النجار هل خان حزب النور الإخوان؟ الدكتور مصطفى النجار الجمعة 28-03-2014 20:46


لم يكن السلفيون على وفاق مع جماعة الإخوان قبل ثورة يناير كما قد يتوهم البعض فقد كان الإخوان يرون أن نظام مبارك يُمكن السلفيين على حسابهم لسحب البساط من تحتهم خاصة أن السلفيين كانوا بعيدين عن السياسة ويتبنون آراء دينية تروق للسلطة حيث يرون عدم جواز الخروج على الحاكم وبعضهم يحرم الانتخابات واستمر هذا موقف السلفيين حتى تنحى مبارك ثم فوجئ الجميع بتحرك سياسي جديد غير متوقع للسلفيين أسفر عن تأسيس حزب النور ليكون أكبر الأحزاب السلفية تعبيرًا عن مدرسة سلفية الإسكندرية ومن يتبع نهجهم وبجواره تأسست أحزاب سلفية صغيرة لم تتفق معه في كثير من الرؤى.

وكانت المفاجأة الأكبر هي فوز حزب النور السلفي بنحو ربع مقاعد البرلمان ليصبح الحزب الثاني عقب الإخوان وتوافقت كثير من مواقف حزب النور مع الإخوان داخل البرلمان، واختلفت بعضها خاصة أثناء أزمة سحب الثقة من حكومة الجنزوري ورفض حزب النور لذلك وتلاقى الطرفان في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية رغم جلوس قيادات حزب النور مع الفريق شفيق قبل يوم التصويت، وعقب تولي مرسي الرئاسة حرص على أن يختار من بين مستشاريه بعض قيادات حزب النور لضمان ولائهم واستمر تحالف الإخوان مع حزب النور ومحاولتهم تجميع الصف الإسلامي بكل تنويعاته في معسكر واحد ضد القوى المدنية التي وحدها الإعلان الدستورى المشؤوم ضد الإخوان.

وأيد حزب النور الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي وتحفظ على المادة الثانية منه الخاصة بالتحصين كما جاء في بيانه حينها وجاء فيه بتصرف:
(يعلن الحزب عن قبوله العام للإعلان الدستوري الصادر في 22/ 11/2012 رغم تحفظه على ما ورد بالمادة الثانية منه من إضفاء العصمة والحصانة الكاملة والشاملة للقرارات الرئاسية وإننا نؤيد عموم الإعلان الدستوري ومواده التي انتصرت للحق والعدالة واستجابت للمطالب الشعبية، ونطالب جموع الشعب المصري الوقوف خلف سيادة الرئيس وتفويت الفرصة على المتربصين بالوطن).

ثم شارك الحزب مع الإخوان والقوى الإسلامية في مليونية الشريعة ودعم الشرعية أمام جامعة القاهرة وحشد الحزب للتصويت بنعم لدستور 2012 الذي قالوا إنه أفضل دساتير مصر وإنه نصر الشريعة، وظهر الفيديو الشهير للشيخ ياسر برهامي وهو يتحدث على أنهم استطاعوا خداع القوى السياسية وتمرير مواد الشريعة كما أرادوا، ومع زيادة الاحتقان ضد حكم الإخوان بدأ حزب النور يبتعد تدريجيا عن مواقف الإخوان وأعلن عن مبادرة للمصالحة بين الإخوان وجبهة الإنقاذ ورحبت القوى المدنية بمبادرة حزب النور واحتضنتها، لكن رفضها الإخوان واعتبر الإخوان أن السلفيين يحاولون إمساك العصا من المنتصف في براجماتية سياسية، ولم يشارك الحزب في تظاهرات 30 يونيو وانتظر النتيجة النهائية ليظهر ممثله جلال المرة في مشهد عزل مرسي يوم 3 يوليو بجوار قادة الجيش والآخرين معلنا موافقة حزب النور وتأييده لخارطة الطريق التي أعلنها السيسي.

شعر الإخوان بمرارة شديدة تجاه حزب النور الذي خذلهم، وفي نفس الوقت وعقب عزل مرسي بدأت سهام التخوين والتشكيك تطال حزب النور من القوى المدنية ولكنه استمر في موقفه القريب من السلطة وعقب فض اعتصام رابعة وسقوط مئات الضحايا انتظر الإخوان موقفا مغايرا لحزب النور، ولكن خرجت تصريحات رئيس الحزب تحمل المسؤولية لقيادات الإخوان التي ورطت المعتصمين ثم هربت وتوالى القصف الإعلامي بين الطرفين.

اتهمت جماعة الإخوان المسلمين قيادات حزب النور السلفي بالعمالة لجهاز أمن الدولة المنحل، مشيرة إلى أن موقف الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية من هدر الدماء «انحطاط أخلاقي»، وقال هاني الديب المتحدث باسم الجماعة في لندن إن «قادة حزب النور عملاء لأمن الدولة والفريق (شفيق)، والجميع يعلم جلساتهم ولقاءاتهم السابقة به» مضيفًا: «ولا نتعجب من مواقف الحزب السلفي، لكن من موقف الدكتور ياسر برهامي، من الدماء التي هدرت، لأن موقفه يمثل انحطاطا أخلاقيا».وأشار «الديب» إلى أن «قادة الحزب جميعًا تجاهلوا الدماء والقتلى الذين سقطوا في (رابعة العدوية) و(النهضة)، وخرجوا لتفويض القتلة، وهم بذلك شركاء في كل الدماء التي أهدرت منذ (3 يوليو) إلى الآن».

من جانبه، قال محمد المصري، القيادي بحزب الحرية والعدالة: «كنا ننتظر من حزب النور إدانة القتل على أقل تقدير، إلا أن موقفه جاء مخزيًا للجميع ولم يتحل قادته بخلق الإسلام ولا حتى الإنسانية» وعلى الأرض شهدت بعض مقار حزب النور هجومًا من شباب الإخوان وكذلك تظاهرات أمام بعض منازل قيادات الحزب وعنف لفظي شديد.

بينما قال حزب النور إن الدعوة السلفية لم تدافع عن جماعة الإخوان المسلمين لدفع تهمة الإرهاب عنها لأن خطاب القيادات الحالية في الجماعة تكفيري، وعليهم أن يتوبوا إلى الله أولاً من الفكر المنحرف، ثم ندافع عنهم.

وصرح رئيس حزب النور الدكتور يونس مخيون بأن «جماعة الإخوان تسعى للانتقام من المصريين، على خلفية ما حدث في (30 يونيو) ونزول ملايين المصريين لإسقاط حكمهم»، مضيفًا أن«الجماعة تريد أن تصل بمصر إلى نفس السيناريو الذي تفعله (داعش) في العراق وسوريا ووصف الإخوان بأنهم أضاعوا الشريعة.

وشارك حزب النور في لجنة الخمسين وقاد حملات دعائية لدعوة المصريين للتصويت بنعم وأثنى مرة أخرى على الدستور الجديد وقال إنه أفضل دستور عرفته مصر، وبعد إقرار الدستور بدأت حملات مضادة تهمش من شعبية حزب النور وتأثيره على الحشد وتدعو لحله لأنه حزب ديني ودافع حزب النور بشراسة عن موقفه وقال إن الانتخابات البرلمانية ستؤكد شعبيته، ووافق حزب النور على قانون الانتخابات الرئاسية رغم صيغته التي لاقت اعتراضات واسعة، وقبل الاستفتاء على الدستور قال ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في مقابلة مع وكالة «رويترز» للأنباء إن دعم الفريق أول عبدالفتاح السيسي للرئاسة «يتوقف على تفسير كامل تقدمه الحكومة لمقتل مئات من مؤيدي الرئيس المعزول، محمد مرسي». وعلق «برهامي» حول ما إذا كان «السيسي» سيحصل على تأييد حزب النور والدعوة السلفية إذا رشح نفسه للرئاسة، بقوله: «فيه مشاكل بالنسبة للفريق السيسي مع كثير من التيار الإسلامي وهي قضية فض رابعة وما تلاها، والدماء التي سالت». وهذا مهم بالنسبة للقواعد، وما حدث يحتاج إلى توضيح.

وفى نهاية يناير 2014 صرح برهاميبأن الفريق السيسي غير مسؤول عن الدماء التي سالت في رابعة وأنه لم يأمر بقتل أحد وقال إن خيرت الشاطر أخبره عقب تولي السيسي وزراة الدفاع بأن السيسي أفضل ضباط الجيش تدينا ومعاملة، واتهم برهامي «الإخوان المسلمين» بأنهم كانوا حريصين على زيادة أعداد الضحايا فقط للمتاجرة بهم قائلا: «إذا علمتَ أنه كان هناك مَن يريد زيادة أعداد القتلى، لكي تُلهب المشاعر أكثر، وحثَّ الناس على الثبات الوهمي بصدور عارية أمام طلقات الرصاص مما هو شرعًا مِن سبيل الغواية لا من سبيل الهداية، ويدل على الاستخفاف بالدماء والأرواح مِن أجل تشويه صورة الخم».

وعقب إعلان وزير الدفاع ترشحه للرئاسة صرح نادر بكار مساعد رئيس حزب النور بأن الحزب يرحب بترشيح المشير عبدالفتاح السيسي وقال إن السيسي مرشح (مدني) وطني مرحب به، وكشفت مصادر إسلامية محسوبة على التيار السلفي لبعض وسائل الإعلام أن حزب النور حسم موقفه بشكل شبه نهائي وسيدعم السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة لافتة إلى أن ترحيب الحزب بإعلان المشير ترشحه بمثابة خطوات للإعلان عن دعمه في الانتخابات بشكل رسمى .وأشارت المصادر إلى أن حزب النور سيطلق حملة لدعم السيسي، كما أنه سيعقد مؤتمرات في أغلب محافظات مصر يبرز فيها أسباب دعمه للمشير، وأوضحت المصادر أن حزب النور والدعوة السلفية سيعلنان دعم المشير السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة رسميًّا عقب إغلاق باب الترشح وإعلان القائمة النهائية التي ستضم جميع الأشخاص الذين سيخوضون الانتخابات الرئاسية.

ومن جانبه، قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية إن المشير السيسي يمتاز بقدرته على إدارة المؤسسة التي كان يتولى رئاستها وذكائه وقدرته على اكتساب حب الناس الأكبر والأصغر منه، إضافة إلى أن له شعبية كبيرة وفرصته أكبر من غيره، وقال الشيخ سامح عبدالحميد القيادى بالدعوة السلفية: «لعل المشير عبدالفتاح السيسي ينهض بمصر بسبب هيبته التي يتسم بها سواء داخل مصر أو خارجها».

من وجهة نظر الإخوان فإن حزب النور خان الإسلاميين بشكل عام بسبب موقفه المؤيد للسلطة الحالية رغم كل ما نال الإسلاميين منها هم وغيرهم من معارضين سياسيين للإخوان وللسلطة معا، ويقول الإخوان إنه بمجرد تنصيب السيسي رئيسًا فإن حزب النور سيطاله ما طال الإخوان من تنكيل بعد انتهاء دوره كمحلل سياسي يمثل تيار الإسلام السياسي الذى لا بد من تمثيله – مؤقتا - في المشهد بأي شكل من الأشكال لإرسال رسائل طمأنة خارجية وداخلية.

وأبدى الكثيرون شماتتهم عقب أمر النائب العام المستشار هشام بركات مؤخرا بفتح تحقيق في التصريحات التي أدلى بها الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، في إحدى القنوات الفضائية حول حظر ترشيح المواطن القبطي لمنصب رئاسة الجمهورية، بما يعد مخالفة لأحكام ونصوص الدستور المستفتى عليه من قبل الشعب طبقا للبلاغ المقدم ضده.

أما قيادات حزب النور فيرون أن الإخوان هم السبب في كل ما حدث من انتكاسات بسبب عنادهم وعدم قراءتهم للواقع وأن مواقف حزب النور الحالية مواقف توازن بين المتاح والمأمول وأنه ليس من الحكمة مناطحة السلطة وتحديها بل الأفضل ضمان استمرار التواجد وتحسين الظروف الحالية بالتدريج.

بين هؤلاء وهؤلاء يبقى حزب النور رقمًا لا يمكن تجاهله ولكن لا يدري أحد هل سيكمل حزب النور رحلته السياسية ويحوز الكتلة البرلمانية التي حققها في البرلمان الماضي أم ستنتهى رحلته على يد السلطة كما ينتظر الإخوان، أم ستكشف الأيام أن الحزب قد فقد قواعده التي اصطفت بجوار الإخوان وانفصلت عن قياداتها، الشهور القادمة ستعيد تشكيل المعادلة السياسية في مصر بالكامل وسنرى ماذا يحمل المستقبل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية