رغم الظروف الصعبة التى تعيشها مصر، والتى لم يسبق لها مثيل فى تاريخها المعاصر، أثبت الرئيس عدلى منصور كما يثبت كل يوم أنه هدية من السماء ليعبر بالبلاد هذه المرحلة، وأن مصر «محروسة» حقاً، عندما لم تمنعه المسؤوليات الجسام التى يتحملها عن الاستجابة لرغبة المجتمع السينمائى فى منح الجنسية المصرية للمخرج فنان السينما الكبير محمد خان يوم الأربعاء الماضى.
كانت «قضية» حصول الفنان على الجنسية من القضايا التى كتبت عنها مرات عديدة فى «الجمهورية» فى الثمانينيات، بل طلبت فيها وساطة الزميل الكبير والصديق العزيز مكرم محمد أحمد مع الرئيس حسنى مبارك، وتدخل بالفعل، ووعده الرئيس، ولكن شيئاً لم يحدث، وعندما أخرج محمد خان فيلم «أيام السادات» واستقبله الرئيس مبارك مع طاقم الفيلم عادت القضية من جديد، وكتب عنها العديد من نقاد السينما، ولكن شيئاً لم يحدث أيضاً، وبدت أقرب إلى اللغز المحير. فقد ولد محمد حامد حسن خان فى القاهرة فى 26 أكتوبر عام 1942 لأسرة باكستانية، وعاش طفولته وصباه فيها، وقضى مطلع شبابه فى لندن حيث درس السينما، وحصل على الجنسية البريطانية، ثم بدأ إخراج الأفلام فى مصر منذ عام 1980.
أقول دائماً إن لكل فيلم هوية قانونية، أى بلد منشأ الإنتاج، وهوية ثقافية، أى الثقافة التى يعبر عنها أياً كانت هوية المخرج، أو جواز السفر الذى يحمله. ومن أول فيلم كانت هوية محمد خان مصرية، وظلت كذلك حتى أحدث أفلامه «فتاة المصنع» وهناك من المصريين من يحلمون بالحصول على جواز سفر أوروبى، بل يدفعون الأموال الطائلة لتحقيق ذلك، ولكن محمد خان لم يحلم سوى بالحصول على جواز سفر مصرى، لقد منحته أفلامه الهوية المصرية الثقافية، والآن منحه الرئيس عدلى منصور جواز السفر.
ومن المصادفات اللافتة أن يصدر القرار الجمهورى فى نفس يوم بدء عرض فيلم «فتاة المصنع»، وقد قلت لبرامج السينما التليفزيونية يوم العرض الخاص أن يوم عرض هذا الفيلم يتضمن ثلاثة أحداث: عودة مخرج كبير وبداية منتج جديد هو محمد سمير ومولد نجمة شابة هى ياسمين رئيس، ولكن الرئيس منصور أضاف حدثاً رابعاً للفنان الذى تجاوز السبعين، ولكنه ظل على الشاشة بحيوية فتى السينما الذى عرفناه فى الثمانينيات.. مبروك له ولمجتمع السينما ولمصر الحضارة التى تجمع كل الأصول والأعراق والأديان والعقائد.