بدأ الاتحاد الأوروبى سلسلة من الإجراءات لإعادة فتح الحد الأقصى من خطوط الطيران بعد 4 أيام من الشلل الناجم عن سحب الرماد المنبعثة من بركان أيسلندا، الذى أدى إلى بقاء ملايين الركاب عالقين فى مطارات عبر العالم، وسط تصريحات لمسؤولين وتوقعات حول استئناف 30% من الرحلات المتوقفة حول العالم أمس، واحتمال وصول النسبة إلى 50% سريعا، ومؤشرات على تراجع سحب البركان. إلا أن الرماد واصل انتشاره فى العديد من الدول الجديدة التى أغلق بعضها مطارته، بينما أبقت دول أخرى على حظر الطيران رغم تجارب الطيران التجريبية الناجحة.
وتزامنت هذه التطورات مع تخفيف القيود فى عدة دول مثل: المطارات الإسبانية والكرواتية وفى جنوب فرنسا والتشيكية والسويد والنرويج، حيث أعلنت المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية أن 30% من الرحلات المعتادة جرت أمس فى أوروبا، مشيرة إلى أن أمس الأول شهد تسيير 4000 رحلة طيران داخل أوروبا فقط، بينما كان العدد قبل ذلك 24 ألفا، وتوقع الاتحاد الأوروبى أن تصل نسبة المتوقع من الرحلات إلى 50%.
وعلى الرغم من مؤشرات التحسن الأخيرة، فإن سحابة الرماد واصلت زحفها على دول أخرى، إذ وصلت السحابة بالفعل إلى تركيا التى أعلنت عن إغلاق المطار الجوى فى 3 محافظات شمالية، وسط توقعات بأن تبلغ السحابة كلاً من كندا وكوريا الجنوبية اليوم (الثلاثاء).
بينما ذكرت منظمة «يوروكونترول» أن إجمالى عدد الرحلات الجوية التى تم إلغاؤها بلغ 63 ألف رحلة.
وعقد وزراء النقل فى دول الاتحاد الأوروبى محادثات عبر الدائرة التليفزيونية المغلقة لبحث الوضع الناجم عن غمامة الرماد البركانى التى عمت أوروبا، وذلك بضغط من عدة شركات طيران تعتبر القيود التى فرضت فى الأجواء الأوروبية «مفرطة».
وقال وزير النقل البريطانى أندرو أدونيس إن الوكالات الأوروبية والدولية تجرى محادثات طارئة فى محاولة لتخفيف الفوضى، وقال: «نريد أن نتمكن من استئناف الرحلات فى أسرع وقت ممكن، لكن السلامة تبقى الهاجس الرئيسى».
وعلى صعيد آخر، أعلن الاتحاد الدولى للنقل الجوى أن الحكومات الأوروبية لم تبد احترافية كافية فى إدارة تقييم مستويات الخطورة الناجمة عن سحابة الرماد البركانى التى تغطى أوروبا، وقال رئيس الاتحاد جيوفانى بيسيجنانى: «لم يكن هناك تقييم للمخاطر أو مشاورات أو تنسيق أو قيادة»، مضيفا أنه ينبغى إعادة فتح المجالات الجوية سريعا، بمجرد الكشف عن الحقائق القائمة على التجارب.
كان العديد من شركات الطيران - مثل شركة الطيران الفرنسية «إير فرانس» والخطوط الجوية الملكية الهولندية «كيه.إل.إم» وشركة الخطوط الجوية الألمانية «لوفتهانزا» قد نظمت رحلات تجريبية مطلع الأسبوع الجارى ووجدت أن الرماد البركانى لم يضر بأداء طائراتها.
وأوضح بيسيجنانى أن حجم الخسائر فى عائدات شركات الطيران يصل إلى 200 مليون دولار على الأقل يوميا، فيما يكلف إغلاق المجالات الجوية الاقتصاد الأوروبى «خسائر تقدر قيمتها بمليارات الدولارات فى مختلف الأعمال».
وفى النرويج، انتقد بيورن كيوس، مؤسس شركة الخطوط الجوية النرويجية منخفضة التكلفة، عمليات الإغلاق الهائلة للمجالات الجوية، ورحب بقرار صدر أمس (الاثنين) بإعادة فتح المجال الجوى النرويجى، واستأنفت شركة الخطوط الجوية النرويجية ومنافستها الإسكندنافية «ساس» استئناف رحلاتهما الداخلية أمس. وتم فتح جزء من المجال الجوى فى السويد المجاورة أيضا، وهبطت بعض الرحلات الدولية التى عدلت عن مسارها فى المطارين الرئيسيين فى أوسلو واستوكهولم.
وبدأ العديد من الحكومات الأوروبية، بينها الحكومة البريطانية، سبلا بديلة لنقل المسافرين العالقين، حيث بدأت إنجلترا فى بحث إمكانية استخدام أسطول المملكة فى نقل الركاب العالقين فى الخارج كما أجرت لندن محادثات مع مدريد لإقامة مكان تجمع فى إسبانيا حيث أعيد فتح المجال الجوى.
واقتصاديا، قال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو إنه أمر بإجراء دراسة شاملة لتقييم آثار الوضع الذى خلفه الرماد البركانى على الاقتصاد، لا سيما على صناعة الطيران، خاصة مع إعلان دول مثل بريطانيا وألمانيا نيتها الاإقاء على إغلاق مجالها الجوى حرصا على سلامة الركاب.
تأتى تصريحات باروزو وسط تراجع كبير فى أسعار أسهم شركات الطيران الأوروبية وصل إلى 4-5% بسبب الخسائر التى تتكبدها الشركات بفعل الرماد.
يأتى هذا بينما تصاعدت انتقادات شركات الطيران للإغلاق الكامل الذى تفرضه الحكومات الأوروبية على مجالاتها الجوية، بسبب ما تتكبده تلك الشركات من خسائر، إلا أن وزير النقل الألمانى بيتر رامساور رفض هذه الانتقادات، معتبرا أن أى قرار آخر كان سيعتبر «غير مسؤول».
وعلى صعيد متصل، أكد وزير البنية التحتية الإسبانى خوسيه بلانكو أن إسبانيا عرضت استخدام مطاراتها كمركز للرحلات الجوية عبر المحيط، فى الوقت الذى تستمر فيه سحب الرماد البركانى القادمة من أيسلندا فى عرقلة حركة الطيران.
وأضاف بلانكو إن إسبانيا يمكن أن تمثل مركزا لـ«الترانزيت» خاصة بالنسبة للرحلات عبر المحيط، مشيرا إلى أنه يجرى بذل جهود حتى يتمكن 70 ألف شخص من السفر من أمريكا الشمالية إلى بريطانيا عن طريق إسبانيا.
وفى هذا الوقت يبدو أن ثورة بركان ايفافجول لم تهدأ، فيما حذر خبراء من أنه قد يستمر لعدة أسابيع، خاصة أن سمك طبقة الجليد فوق قمة البركان لا يتعدى 200 متر فقط، وهو ما يقل كثيرا عن العديد من البراكين الأخرى التى ثارت فى العصر الحديث، ويؤشر لوجود كمية أقل من المياه لإطفاء ثورة بركان أيسلندا.