x

«المصرى اليوم» داخل منزل ضحية الأمطار فى سوهاج

الجمعة 14-03-2014 20:11 | كتب: اخبار |
نزوح جماعى لمئات الأسر بأسيوط جراء السيول نزوح جماعى لمئات الأسر بأسيوط جراء السيول تصوير : إبراهيم زايد

رغم بعد بيته عن الجبل، وعدم وقوعه فى طريق مخر السيول، فإن مصيبته كانت أكبر من كل الخسائر التى تكبدها المواطنون خلال موجة السيول القاسية التى ضربت البلاد، الأحد الماضى، إذ إن هطول المطر وتجمعه فوق سطح بيته المسقوف بجريد النخل والطين، أدى لانهياره فوق حجرة ابنتيه، ليودى بحياة ابنته، هانم، 15 سنة، ويصيب شقيقتها الكبرى سعاد، 18 سنة.. هكذا حال محمد عبدالرازق، فلاح، من قرية العتامنة، مركز طهطا محافظة سوهاج، وهو أب لـ 6 أبناء: ابنتين و4 أولاد.

كانت هانم تشعر بالخطر، بسبب نومها أسفل سقف متصدع مصنوع من الخوص وجريد النخيل ومغطى بالطين، لحماية البيت من اختراق الأمطار له، إلا أنه حال هطول الأمطار، تجمعت المياه فوق حجرتها، ما أدى لانهيار السقف فوق رأسيهما هى وشقيقتها، ما أدى لوفاتها وإصابة سعاد.

حال هطول الأمطار، ظلت هانم تنظر للسقف، وتحذر شقيقتها الكبرى من انهياره، مرددة كلمات: «أنا خايفة والله السقف ده يقع علينا!»، طالبة منها ترك الغرفة، وسحب أغطيتهما، ليناما جوار والديهما فى فناء المنزل بالطابق الأرضى. لم تكترث الشقيقة الكبرى لكلام شقيقتها، لعدم مقدرتها على القيام من سريرها. كانت سعاد منهمكة طوال اليوم فى نزح مياه الأمطار المتجمعة فى فناء منزلهم، يوم الحادث، وطلبت سعاد من هانم أن تنام فى هدوء.

ونامت هانم نومتها الأخيرة، واستيقظ الأب مفزوعا، فى الحادية عشرة مساء يوم الأحد، بعد أن غطى تراب سقف حجرة ابنته فرشته.

قال عبدالرازق: «أول ما وقع التراب على رجلى، جريت طلعت فوق للبنات، علشان اطمئن عليهم، لقيت السقف وقع فوق سريرهم، ولم أر شيئا سوى رأس سعاد، أما هانم فقد غطاها التراب».

وأضاف: «صرخت وناديت على الجيران.. الحقونى يا خلق.. وجت الناس، وماحدش عرف يدخل الأوضة من الباب، لإن السقف المنهار أخد معاه جزء من الأرض، ونزلت على الدور الأول، نطت الناس من فوق للأوضة، طلعوا سعاد، وماكانتش قادرة تتحرك، أما هانم فقد ماتت، بمجرد ما وقع السقف عليها».

وأوضح الأب أن هانم كانت طالبة بالصف الثالث الإعدادى بالمعهد الأزهرى فى القرية، وكانت من حفظة القرآن، ومن الطالبات المتفوقات والمؤدبات والمحبوبات من مدرسيهن.

تعيش عائلة هانم كابوسا، لم تفق منه حتى الآن، بعد تركهم منزلهم، وسكنهم فى قطعة أرض زراعية مقابلة لمنزلهم، يفترشون الأرض، يحتمون بالبطاطين، ورغم شدة البرودة، فإنهم يعتبرونه أرحم من شبح الموت، الذى يطاردهم فى كل لحظة، وخطف منهم هانم.

والدة هانم لا تتفوه بأى كلمة سوى الحمد لله.. تسيطر عليها حالة من النوم المتواصل، أغلب الوقت، ربما هربا من مواجهة الموقف أو كرها للحياة، بعد أن خطف الموت ابنتها، بينما تركت سعاد المنزل، وتوجهت للإقامة فى بيت عمها، تنام على كنبة، توخزها الكدمات التى خلفها الحادث، كلما تقلبت يمينا أو يسارا، تتعالى صرخاتها من وقت لآخر: «الحقوا السقف بيقع»، وسرعان ما يتولى أهل البيت تهدئتها، لتخلد للنوم مرة أخرى. الغرفة المنهارة كانت تحتوى على جهاز زواج سعاد وشبكتها، إذ كان أهلها يعدون لعرسها، نهاية العام الجارى.

وقالت سعاد: «دهبى راح، والشوار اللى والدى تعب علشان يجيبهولى ضاع تحت الأنقاض، وكل ده أنا مش حزينة عليه، لأن حزنى الأكبر على شقيقة عمرى اللى راحت وأخدت معها أجمل الذكريات».

لا ترى العائلة ذنبا ارتكبته فى هذا الحادث سوى فقرهم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية