فى وقت أصبحت فيه صورة مروان البرغوثى، الأسير الفلسطينى منذ 8 أعوام، مكبلا بقيوده رافعا يديه بعلامة النصر، رمزا لأكثر من 7000 أسير فلسطينى فى سجون الاحتلال، يقبع برغوثى آخر هو «نائل»، فى معتقل «بئر السبع» المركزى، منذ أكثر من 33 عاما ليدخل موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية من أوسع أبوابها العام الماضى، كأقدم أسير سياسى فى السجون على مستوى العالم.
لكن لا تتمنى عائلة البرغوثى أن يواصل نائل (53 عاما) تحطيمه لهذا الرقم القياسى، ويقول شقيقه عمر «نحن نفخر بنائل الذى صبر كل هذه السنوات فى سجنه رغم القهر، لكننا لا نتمنى أن يصل أى أسير فلسطينى ولا فى العالم إلى هذا القدر فى السجن».
وكان نائل قد اعتقل فى 4 أبريل 1978 من منزله فى قرية «كوبر»، وخلال 120 يوما، مارس الاحتلال عليه شتى أنواع التعذيب، وحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة.
ويستعرض عمر البرغوثى أشد لحظات أسر شقيقه الذى شاركه سجنه 20 عاما متقطعة، قائلا «كنا فى بعض الأوقات أنا وأبى ونائل فى السجن إلى جانب شقيقتى الوحيدة وأمى، وكانت أشد الأوقات ألما عليه حين مات أبى وأمى ولم يتمكن من رؤيتهما».
ويصف عمر شقيقه نائل بقوله «بعد 33 عاما، زادت ثقافته وقناعاته بالسجن وزاد تعلقه بالأرض والحجر والشجر والناس، والأهم أن عزيمته تصلبت، وطباعه الإنسانية تنامت وأصبح أكثر رقة وحنانا وحبا لكل فلسطين وأهلها».
وفى مقارنة بين المستقبل الذى كان يرسمه لنفسه نائل الشاب والواقع الذى يعيشه الآن، يقول عمر إن الصورة الأولى كانت لطالب فى الثانوية العامة يعشق الموسيقى، أما الصورة الحالية فهى لرجل «انتصف عمره وتجعد وجهه وغارت عيناه، وتتطلع عائلة نائل للإفراج عنه فى أى صفقة تبادل، إلا أن هذه الفرحة - برأى البرغوثى- ستكون منقوصة، فالوالد والوالدة والعم والعمة والخالة والخالات توفوا ولم يبق أحد.