أعربت جبهة الإبداع المصري، عن «بالغ استيائها» من موقف الأزهر والتصريحات الواردة عنه بشأن الفيلم العالمي الذي يجسد حياة النبي «نوح»، مؤكدة أن «دور الأزهر إن رأى في العمل معصية، أن ينهى الجمهور عن رؤيته، لا سيما أن الأمر محل اجتهاد ولا يوجد نص قرآني أو حديث مثبت يحرم تجسيد الأنبياء». كما أعلنت استعدادها للاشتراك في مناظرة فكرية مع أي من الشيوخ «أصحاب فكر المنع» للمجابهة بالرأي والرأي الآخر.
وقالت في بيان صادر عنها، مساء الخميس، بخصوص موقف الأزهر من عرض فيلم «نوح» بدور السينما المصرية إنها تلقت «ببالغ الاستياء» التصريحات الصادرة عن الأزهر بشأن الفيلم، ومطالبته بمنعه من العرض في مصر «بينما الفيلم يعرض في العالم كله»، وكذلك «محاولتهم التعدي على دور جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، وهي الجهة الرسمية المخول لها قبول ورفض عرض أفلام».
وخاطب البيان شيوخ الأزهر بالقول «إن فكرة تحريم تصوير وتجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية، ما زالت حتى الآن لا تتعدى اجتهادًا من الشيوخ والفقهاء، ولا يوجد نص قرآني واحد أو حديث شريف مثبت بشكل واضح ينهى عن ذلك بوضوح، وإن وجد نعتقد أن على شيوخنا الأجلاء أن يخرجوه لنا كي يتم تأكيد أن الله قد نهى عن ذلك بوضوح».
وأضاف: «وإن كان اجتهادا في التأويل، فربما كان على شيوخنا الأجلاء مناقشة هذا الاجتهاد مع المجتمع والمفكرين، باعتبار أن باب الاجتهاد مفتوح منذ انقطاع الوحي»، معلقًا بالقول «ناهيك عن أنك لا تستطيع المنع فعليًا، لأننا شئنا أم أبينا فالفيلم يتحول الآن لوسيط ينتقل عبر أثير الإنترنت لا يستطيع كائنًا من كان أن يمنع مواطن من مشاهدته».
وتابع البيان بالقول إن «دور الأزهر الشريف إن رأى في هذا العمل معصية، أن ينهى الجمهور عن رؤيته أو يحذر منها أو يقول إن من يشاهد الفيلم عاصٍ للدين الحنيف، مما يُدخل الأمر في نطاق (الدعوة) وليس (المحاكمة)»، معقبًا «ففهمنا لدور الأزهر أو الكنيسة أو المؤسسات الدينية أنه الدعوة للدين لا إقامة ما يرونه صحيحًا بالقوة».
وواصلت «جبهة الإبداع» ردها، قائلة «لا نعتقد أنه في القرن 21 سيرى مواطن في الشارع راسل كرو (بطل الفيلم(فيسجد له معتقدًا أنه سيدنا نوح شخصيًا، وإلا كان مكان هذا المواطن هو مصحة نفسية»، معتبرة ذلك «التعامل الصحيح، وليس منع الفيلم عن ملايين الأصحاء ذهنيًا المدركين لماهية السينما».
وأضافت، فيما يتعلق بشخصية النبي نوح، أنه «في تلك الحالة خصوصًا، الحديث يدور عن سيرة نبي توراتي معترف به في الإسلام، لكنه كذلك يخص كلا من الطائفتين المسيحية واليهودية كذلك، وكلاهما لا يحرمان ظهور الأنبياء في الصور والأعمال الفنية»، متساءلة: «فهل سيطالب الأزهر بعد ذلك مثلاً بمنع بيع الأيقونات الدينية التي تصور المسيح؟ أو منع عرض مسرحيات الكنائس؟».
وأردفت بالقول «أليس واجبًا على الأزهر أن يحترم الاختلاف في الرؤيا ما بين الأديان المختلفة، بما نص عليه الدستور من الاعتراف بتلك الديانات الثلاثة، وقبول عرض الفيلم مع النهي عن رؤيته احترامًا لتعددية المجتمع، وأن هذا العمل الذي يرفضونه دينيًا ليس مرفوضًا لدى المليارات من حاملي الديانات الأخرى المعترف بها؟ أليس النهي هنا أفضل من المنع، وحل أكثر احترامًا لثقافة الآخر؟».
وأشارت إلى تصريح قالت إنه «صدر عن أحد شيوخ هيئة كبار العلماء بوجوب حرق السنيمات التي ستعرض الفيلم»، قائلة «إن عودة فكر القرون الوسطى على يد أمثال هذا الشيخ وزميله السابق في هيئة كبار العلماء (القرضاوي)، هو ما يجعل الإنسان المعاصر يبتعد عن دينه بسبب التنفير الذي يمارسونه، ولكنه بالتأكيد لن يبتعد عن دينه لأنه شاهد راسل كرو يؤدي دور سيدنا نوح».
واختتمت الجبهة بإبداء استعدادها لعقد مناظرة فكرية في أي وقت مع أي من الشيوخ «أصحاب فكر المنع»، «للمجابهة بالرأي والرأي الآخر في هذا الموضوع».