ذكرت صحيفة «التيليجراف» البريطانية، في تقرير أعدته مؤخرا، أن تهديد روسيا لشبه جزيرة القرم، والتي تعد واحدة من طرق التصدير الرئيسية في أوكرانيا لملايين الأطنان من الحبوب، فضلا عن أنه يهدد السيادة الإقليمية للمنطقة، فإنه سيولد مخاطر كبيرة تتعلق بالأمن الغذائي العالمي.
أخبار متعلقة
وفي هذا الشأن، يحذر الخبراء، من ارتفاع تكلفة الخبز، خاصة في الدول الأوروبية، في حالة اختناق ميناء شبه جزيرة القرم الاستراتيجي «سيفاستوبول» أو ميناء «أوديسا» على البحر الأسود، وتقول «التيليجراف» أن أوكرانيا تعتبر ذات أهمية حيوية لإمدادات الغذاء العالمية، فهي تأتي بعد الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة في إنتاج الحبوب، حسب بعض التقديرات.
وفضلا عن غزارة إنتاجها، فالحبوب الأوكرانية تمتاز بأنها تقطع مسافة قصيرة داخليا، قبل أن يتم شحنها إلى الأسواق الدولية، مما يجعلها ذات أهمية خاصة لتلبية الإمدادات الغذائية العالمية على المدى القصير.
وتقول كونا الحق، رئيسة قسم أبحاث السلع الزراعية في بنك «ماكواري» الأسترالي: «إن شبه جزيرة القرم ذات أهمية كبيرة، حيث يتم تصدير معظم الحبوب في أوكرانيا عبر موانئها، وأضافت أن أوكرانيا، وفق بعض التقديرات، تعتبر مصدر الحبوب الثاني على مستوى العالم».
وفي إشارة تاريخية لأهمية المكان، أوضحت «التيليجراف» أن موانئ البحر الأسود تحمل أهمية استراتيجية كبيرة، الأمر الذي دفع الملكة فيكتوريا لإرسال الجيش البريطاني إلى المنطقة لمواجهة روسيا في عام 1854، وهناك إشارة أخرى على أهمية المنطقة، حيث ذكرت وسائل الإعلام مؤخرا أن الصين وقعت اتفاقا استراتيجيا في يناير الماضي لإنشاء تسهيلات ومرافق الموانئ في المنطقة، اللازمة لتصدير الحبوب، والذي يأتي كجزء من الجهود العالمية لبكين لتأمين الأصول الزراعية والغذائية .
وأضافت «الحق»: إذا تزايد التوتر في المنطقة، فسيكون الأمر له تأثير كبير جدا على سوق الحبوب العالمية.
وطبقا لـ«التيليجراف»، فإن الإنتاج الزراعي له أهمية اقتصادية كبيرة في أوكرانيا، إذ أنه يمثل نحو 24% من إجمالي صادرات البلاد، ويمثل أكثر من 5% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا.
ومن المتوقع، وفقا لـ«ماكواري»، أن تنتج أوكرانيا في الموسم الزراعي لعام 2015 نحو 44.5 مليون طن من الحبوب، وهو مقدار أقل 16% من 2013، وتتوقع أيضا انخفاض إنتاج الذرة، لأنه لم يعد مربحا كما هو الحال في الموسم السابق، بينما توقعت وزارة الزراعة الأوكرانية أن يبلغ إنتاج الحبوب في 2015 نحو 51.4 مليون طن.
وتقول «الحق»: الأسعار في اتجاهها للصعود، ولكن ربما أكثر قليلا مما هو معروف في أحوال المخاطر السياسية، وتضيف أن هناك علاوات تدفع في الوقت الراهن على صادرات الحبوب الأوكرانية، الأمر الذي يضغط في النهاية على إنتاج الولايات المتحدة.
ووفقا لـ«ماكواري»، فإن الزيادة في أسعار التصدير، بجانب مشاكل التمويل المصرفي للصفقات الزراعية في أوكرانيا، أضعفت شهية الأجانب على السلع الأوكرانية، وخاصة الذرة، وقد ساهم ذلك في ارتفاع الطلب على صادرات الذرة الأمريكية.
وفي وقت سابق، ذكرت وكالة «بلومبرج» الاقتصادية، أن أسعار الذرة ارتفعت إلى حوالي 225 دولار للطن في أوكرانيا، أي ترتفع بنحو 7 دولار،عما كانت عليه في الأسبوع الأول من شهر فبراير.
وعلى الرغم من المخاوف القادمة من أوكرانيا، فإن أسعار الحبوب لا تزال عند مستوياتها الطبيعية، في ظل التوقعات بارتفاع الناتج الأمريكي من الحبوب.
وفي نفس السياق، المشبع باضطراب أسواق السلع الزراعية، تقول«التيليجراف» إن بريطانيا قد تعرضت لأسوأ فيضانات على الإطلاق خلال يناير الماضي، مما سبب تلف الأراضي الزراعية في مختلف أنحاء جنوب إنجلترا، وكذلك فإن البرازيل تعرضت لموجة من الجفاف، مما جعل المحللين يراجعون توقعاتهم بشأن أسعار السلع الزراعية لعام 2014، وفي هذا السياق، قد ارتفعت أسعار البن بنحو 50% تقريبا في الأسابيع القليلة الماضية، بسبب موجة الجفاف في البرازيل، والتي تزرع نحو 40% من البن في العالم، وفي ظل هذه الاضطرابات سواء كانت تتعلق بعوامل طبيعية أو سياسية، فإن أسواق السلع الزراعية سبتدو أكثر اضطرابا في 2014.
