مصرع عدد من الشباب وإنقاذ البعض منهم فى حادث سانت كاترين فى سيناء حيث تعرضوا لعاصفة ثلجية مفاجئة فى ذلك المكان، وكانوا يقومون برحلة، والتعليقات على هذا الحادث، تعبير عن حالة من «السيولة» العقلية فى ردود أفعال عدد كبير من الشباب فى مصر، خاصة أولئك الذين يعيشون فى عالم الإنترنت، وكأنه عالم منفصل عن العالم الذى نعيش فيه.
لا يمنع حذر من قدر كما يقال فى الأمثال الشعبية، ولكن الشباب الذين قاموا بالرحلة افتقدوا الحذر على كل المستويات، وأهم ما عبرت عنه أغلب التعليقات ذلك الاستعداد لاتهام الجيش والشرطة بالتقصير فوراً، ولكن دون تفكير أو ترو أو تحقيق. وأى إنسان عاقل ومتحضر لا يجب أن يتردد فى إدانة أى تجاوزات أو إفراط فى استخدام القوة من قبل الجيش أو الشرطة، وأى تقصير فى أى مؤسسة من مؤسسات الدولة، ولكن من دون الخلط بين إدانة التقصير وهدم المؤسسة، ومن دون الخلط بين إدانة التجاوز أو الإفراط فى استخدام القوة، وبين حقيقة أن سلاح الجيش والشرطة السلاح الشرعى الوحيد فى أى دولة، وأن الجيش والشرطة فى مصر الآن فى معركة بكل معنى الكلمة مع جماعات سياسية مسلحة.
لقد أصبحت الجنازات العسكرية لشهداء الجيش والشرطة من المشاهد المتكررة حتى إنها أصبحت «عادية» رغم أنها ليست عادية بكل وأى المقاييس. ومن السيولة العقلية حقاً ذلك الغضب من حادث مؤسف مثل حادث سانت كاترين، واعتبار قتل جندى أو ضابط لا يستدعى حتى قدراً متساوياً من الغضب على المجرمين الذين قتلوه. ثم ألا يعنى إنقاذ عدد من شباب تلك الرحلة المشؤومة أن هناك من عمل على إنقاذهم.
كان الواجب إنقاذهم جميعاً من دون شك، ولكن البيروقراطية تكبل كل مؤسسات الدولة فى مصر، وهى عدو حقيقى للشعب المصرى يحول دون حل مشاكله وتقدمه واللحاق بالعالم المعاصر، وتستحق اللعنة والغضب كل يوم وكل ساعة. والقضية الوحيدة فى حادث سانت كاترين ما تردد عن أن هناك فرقاً بين التحرك للإنقاذ إذا كان هناك أجانب وإذا كانوا جميعاً من المصريين. ومن الواجب على المتحدث الرسمى باسم الجيش أن يوضح هذا الأمر لأنه إن كان صحيحاً فلابد من إنشاء سفارة للمصريين فى مصر.