لا أعرف ما هو بالضبط الشىء المطلوب منا، كمواطنين، عندما نقرأ للدكتور حازم الببلاوى، رئيس مجلس الوزراء، صباح أمس، كلاماً يقول فيه إن دعم الطاقة وصل إلى 128 مليار جنيه، سنوياً، وإن هذا خطر على الدولة؟!
د. حازم.. هذا كلام كنا نسمعه، ونقرؤه، طوال أيام حسنى مبارك، وعندما نأتى الآن لنسمعه هو نفسه، دون أى تغيير، فليس لهذا إلا معنى من اثنين: إما أنك لا تعرف بالقدر الكافى أنك رئيس وزراء البلد، أو أنك تعرف طبعاً، وهذا هو الاحتمال الغالب، ولكنك لا تعرف ماذا عليك أن تفعل وأنت فى موقعك!
د. حازم.. أنت اقتصادى كبير، وأنت رجل صاحب أفكار مهمة كنا نسمعها منك، ونقرؤها لك، طوال سنوات ما قبل رئاسة الحكومة، وهى أفكار لا نجد لها أثراً فى موقعك هذه الأيام، وكأن هذا البلد مكتوب عليه أن يكون رئيس حكومته، مفكراً بامتياز، وهو خارج المنصب، ومعلماً بلا منافس، قبل مجيئه إلى الموقع، فإذا ما جاء إليه تحول بقدرة قادر إلى موظف مُعتبر!
د. حازم.. إما أن تتقدم برجولة، تكلمت أنت عنها، أمس، فى لقائك مع رؤساء تحرير الصحف، لتغير هذا الخلل الذى تصفه، وتدفع هذا الخطر الذى ترسم ملامحه، وإما أن تتوقف عن الكلام فى ملف حفظنا جميعاً تفاصيله، وأصبح يصيبنا بالسأم والملل.
أنت يا دكتور حازم، تقول إن مواجهة وضع من هذا النوع تحتاج إلى رجولة، أو بمعنى أدق هو ملف لابد أن نواجهه برجولة، ولا أظن أن هناك خلافاً على ذلك، ليبقى أن الذى عليه أن يواجه ملفاً بهذه الأهمية، وبرجولة، هو رئيس الحكومة، وأعضاؤها، وليس نحن، كمواطنين، لا حول لهم ولا قوة!
الرجولة المطلوبة للمواجهة تقتضى منك أن تصارح نفسك، وتصارح الناس، بما إذا كانت مواجهة كهذه، سوف ترتب أعباء إضافية على الغالبية من المصريين، محدودى الدخل، أم لا؟! فإذا كانت الإجابة سوف تكون بنعم، وإذا كانت مواجهة من النوع الذى تدعو إليه، سوف ترتب مثل هذه الأعباء، فالحكمة تقول إن هذا ليس وقته، وأنت ترى كثيرين فى كل ركن يتظاهرون ويطلبون عوناً من الحكومة.
د. حازم.. أنت تعرف أن جزءاً لا بأس به، بل الجزء الأكبر من الـ128 مليار جنيه، يتم إهداره سنوياً، لأنه يذهب إلى أشخاص أغنياء لا حق لهم فيه، ومع ذلك فالحكومة تسكت، أو أنها تقدم رجلاً وتؤخر الأخرى، وهى تعرف أن خزانتها العامة فى حاجة إلى كل جنيه واحد من هذه المليارات المهدرة!
ولذلك، فالأصل أن تخرج على الناس، وأن تقول لهم إن الـ128 ملياراً مُقسمة على النحو الفلانى، وأن استمرار إنفاقها بالصورة الحالية مستحيل، وأن خطة حكومتك إزاءها إنما هى على النحو العلانى، وإنه لا بديل آخر أمامنا، وإنه إذا كان هناك مَنْ سوف يعانى جراء إجراء كهذا، فليحتمل مؤقتاً من أجل بلده الذى يحتاج إلى أن يتعامل معه الجميع، من أبنائه، فى ظروفه الحالية، برجولة، حقاً.. د. حازم: أنت أصبت فى اختيار الكلمة المعبرة عن المعنى فعلاً، وهى «الرجولة»، غير أنه يبقى أن تبدأ من ناحيتك بها، وأن تضرب المثل من خلالها، وأن تتحلى بالرجولة فى كل خطوة تخطوها حكومتك، وليس فى خطوة الدعم وحدها، وساعتها، سوف تجد كل مصرى عوناً لك، لا عبئاً عليك!