كشفت صحيفة «السفير» اللبنانية، في عددها الصادر السبت،عن جهود وصفتها بالمكوكية جرت الجمعة، بقيادة الزعيم الدزري، وليد جنبلاط، لإنقاذ مفاوضات تشكيل الحكومة اللبنانية بعد أن واجهت عقبة رفض «حزب الله» لترشيح تيار «المستقبل» لمدير قوى الأمن الداخلي السابق، اللواء أشرف ريفي، لتولى منصب وزير الداخلية، باعتباره اسمًا استفزازيًا.
وذكرت الصحيفة إنه فور انتهاء رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، من خطابه في الذكرى التاسعة لرحيل والده والذي وصفته «السفير» بأنه عنيفًا بوجه «حزب الله»، حتى سرى انطباع بأن مشروع الحكومة قد طوي نهائيًا، لكن «جنبلاط» قرر أن يطرق باب «الحريري» هاتفيًا، معزيًا، وفي الوقت نفسه، منوهًا بمواقفه الداعية إلى الاعتدال والحوار، وتمنى منه التراجع عن خيار «ريفي»، فكان وعد من «الحريري» بالمعالجة، وقال له إنه لم يقفل الأبواب إلا مؤقتًا، لكنها ستكون مفتوحة «دائمًا إن شاء الله».
وأشارت الصحيفة إلى أن من وصفته بأحد «الغيارى» بعد لقاء استقبال خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، للحريري بادر إلى مصارحة زعيم تيار المستقبل، بالآتي، «لو كان كل العالم يتحمل مسئولية التعطيل الحكومي، سيقال غدًا، سعد الحريري وملك السعودية أجهضوا حكومة تمام سلام، لقد عبرت يا شيخ سعد بموقفك من لاهاي (إعلانه الاستعداد لمشاركة حزب الله بالحكومة) الكثير من الجبال والوديان، فلا تفوت الفرصة على بلدك وجمهورك، حتى لو اقتضى الأمر تقديم بعض التنازلات الشكلية».
ووفقًا للصحيفة، رد «الحريري» إيجابًا، فتم اقتراح إبقاء «ريفي» في الوزارة، على أن تسند له حقيبة العمل، لكن «ريفي» بدا مترددًا، بين أن يقبل أو أن يرفض أي بديل للداخلية، غير أن قيادة «المستقبل» بدت حريصة على وجود «ريفي» لأسباب رمزية لا تخصه، في ضوء الحملة التي تعرض لها، نتيجة اقتراحه للداخلية، وهي النقطة التي لم تكن قد حسمت حتى ساعة متأخرة ليلاً.
وأضافت «السفير» أن أخر سيناريو تم تداوله في بيت الوسط مقر تيار المستقبل، قضى بإعادة طرح النقيب المحامي، رشيد درباس، لوزارة العدل (بديل طرابلسي وشمالي لريفي)، مع ما قد يقتضيه ذلك من إعادة توزيع للحقائب في أكثر من اتجاه.
وعلى هذا الأساس، طرحت أسماء جديدة للداخلية، من قبل النائب «جنبلاط»، أبرزها النائبان نهاد المشنوق وجمال الجراح (تيار المستقبل)، فكان جواب «فريق 8 آذار» إيجابيًا، في انتظار أن يأتي الاقتراح بشكل رسمي من تيار المستقبل.
وأشارت إلى أنه قد عقد اجتماع مطولاً في «بيت الوسط» شارك فيه رئيس كتلة المستقبل، فؤاد السنيورة، و مستشار رئيس تيار المستقبل، نادر الحريري، وأفضى إلى تبني اسم «المشنوق»، على أن يتم إبلاغه رسميًا، صباح السبت، إلى رئيس الحكومة المكلف، وباقي مكونات الحكومة.
ومن جانبها، ذكرت صحيفة «النهار» أن «فيتو» حزب الله، على تولي اللواء «ريفي» وزارة الداخلية أثار موجة تساؤلات وشكوكًا إضافية عما إذا كان ثمة قرار ضمني بمنع تشكيل الحكومة، ذلك أن المعنيين جميعًا بأخر التفاصيل التي وضعت في التشكيلة الحكومية كانوا قد وافقوا على طرح تيار «المستقبل»، اسم اللواء «ريفي» لوزارة الداخلية وتحديدًا الرئيس اللبناني، ورئيس الحكومة المكلف، ورئيس مجلس النواب، والعماد ميشال عون، والنائب «جنبلاط»، علمًا بأن «المستقبل» كان قد طرح الأمر من زاوية عدم جواز لجوء أي طرف إلى وضع فيتوات على أسماء فريق أخر.
وقال مصدر في قوى «14 آذار» للـ«النهار» أن الموقف السلبي لـ«حزب الله» يعبر عن موقف استئثاري كامل بالحقائب السيادية تقريبًا، فبعدما جرى تبديل المواقع بين الوزيرين جبران باسيل وغابي ليون من «التيار الوطني الحر»، فانتقل «باسيل» إلى الخارجية بدلاً من التربية التي آلت إلى «ليون»، أدى ذلك عمليًا إلى تعطيل توزير شخصية مارونية من «14 آذار» في حقيبة سيادية هي «الدفاع »، والتي كانت مقترحة للنائب بطرس حرب.
كما جرى تبديل في اسم الوزير الشيعي الذي سيتولى وزارة المال السيادية، وهي من حصة الرئيس «بري»، فنقل الوزير علي حسن خليل إلى هذه الحقيبة بدل النائب ياسين جابر المعروف بقدراته الاقتصادية.
وهكذا ضمنت «8آذار»، «صقرين» في حقيبتين سياديتين، ما أطاح التوازن بينها وبين «14 آذار» التي حصرت خياراتها بحقيبة سيادية واحدة هي الداخلية، ما اضطرها إلى ترشيح اللواء «ريفي» لهذا المنصب لعلها تحقق بذلك شيئًا من التوازن مع «8 آذار» لكنها فوجئت بحملة «حزب الله» على هذا الخيار، ما دل على أن الحزب له حسابات أبعد مما ظهر حتى الآن.