أشاد شريف الديوانى، مدير منطقة الشرق الأوسط ومجلس الأعمال العربى فى منتدى دافوس الاقتصادى، بالحزمة التحفيزية للاقتصاد، لكنه أبدى تخوفه من العام المقبل، فى ضوء الأزمة الاقتصادية، التى طالت الاحتياطى والتضخم والدين العام والسياحة.
وأضاف مدير المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن أداء الإخوان أصابه بالإحباط أثناء فترة حكمهم.. وإلى نص الحوار:
■ ما مفهومك للعدالة الاجتماعية فى مصر؟
ـ العدالة الاجتماعية، تعنى عدالة الفرص، وأن يكون المواطن فرصة للنمو والصعود على السلم الاقتصادى الاجتماعى، فضلا عن حقه فى خدمات الصحة والتعليم بمستوى مرتفع.
■ ما أبرز أشكال عدم عدالة الفرص من وجهة نظرك؟
ـ رغم أن التعليم مجانى لكنه قائم على الانحياز ضد الفقراء، فالأسر المصرية التى تعتمد على التعليم من خلال المدارس الحكومية لابد أن تعطى دروسا خصوصية لأبنائها.
والمؤشرات تظهر أن الطبقتين الأفقر فى مصر فى مرحلة التعليم الابتدائى والإعدادى لا تستطيعان الحصول على تعليم جيد، أو إكمال التعليم من أساسه، لعدم القدرة على تحمل التكلفة، وبدون تعليم تضعف فرص ترقيهما الاجتماعى بشدة، والخلاصة المجانية زائفة فى التعليم والصحة والكل يعرف ذلك ولا حل.
■ يرى البعض أن الحديث عن العدالة الاجتماعية زائف وهدفه تقويض ما هو قائم لصالح مجتمع البيزنس؟
ـ لا ألوم من يتصور ذلك، فالقطاع الخاص لا يتفهم أن رأس المال المستنير هو الذى يقوم بدوره الاجتماعى، وبدون ذلك سندفع الثمن جميعا، ودفعناه فعلا، فاندلاع ثورة يناير كان لغياب العدالة الاجتماعية، والبعض يتصور أن الأمور ربما تعود كما كانت فى الماضى لكن لا أعتقد ذلك أبدا، صحيح أن ما يسمى بـ «حزب الكنبة» عددهم كبير، لكنهم لا يتفرجون كما كانوا، ويوم أن يروا خطا سينزلون مجددا، والفكر الحديث فى الاقتصاد مبنى على تحرير الأسواق، لكن أيضا ضمان عدالة وتوزيع الثروة على كل الطبقات، وهذا بالمناسبة يخدم أهل البيزنس من جهة أخرى، لأنه يوسع الأسواق. للأسف عندنا فقراء جدا أو أغنياء جدا والوسط ضعيف.
■ أنت مسؤول الآن عن المركز الذى تكلم طويلا عن اقتصاد السوق.. والبعض يعتبره شريكا فى السياسات التى أدت إلى غياب العدالة كيف تفسر ذلك؟
ـ دور المركز كان مساندة برامج الإصلاح الاقتصادى، ونقل الخبرات الدولية فى مجال فتح الأسواق، وتبسيط إجراءات الشركات وخصخصة القطاع العام، وتحديد نظام لتحرير الأسعار، لكنه لم يغفل فكرة العدالة، وكان هناك تخوف لرجال الأعمال من فكرة فتح الأسواق، لأنهمم تمتعوا بحماية طويلة، وكان هناك قطاع خاص يعمل فى السوق السوداء ومحتكرفى القطاع العام، والعمالة أيضا كان لديها تخوف، ودور المركز شرح كيف نحرر الاقتصاد بطريقة محسوبة لتكبر «الكيكة» ويستفيد كل الأطراف، ولم تكن المشكلة فى المبدأ ولكن فى التطبيق، وسوء أداء الحكومة والفساد، لأن رأس المال الخاص الفاسد كان يعتمد على النفوذ والمحسوبية، والسيطرة على الأسواق، ونسى الطبقات الوسطى ومع نظام غير ديمقراطى اكتملت عوامل الغضب.
■ غبت 13 سنة فى دافوس هل هم معنيون بالعدالة الاجتماعية؟
ـ هناك 1000 عضو من الشركات الكبرى مؤسسة للمنتدى، وفى مصر كان ساويرس وهشام الخازندار ومنصور فقط فيما أتذكر، والفارق بيننا وبينهم أنهم يرون المستقبل ويحلمون، ويحققوا المطلوب حتى بعد 10 سنوات، وهناك قضايا تهم العالم، وهم لديهم رؤية أوسع عن العدالة الاجتماعية، التى لابد أن تتحقق بين الأجيال، ويهتمون بالمياه والبيئة وتغير المناخ والفقر الذى هو مصدر مهم للإرهاب والجريمة والهجرة.
شباب لديه رؤية وقادر أن يفكرهم بأهم شىء فى أجندة العالم لما هو مقبل، وكل المؤسسين أصحاب رأس مال مستنيرين، ونتاكد أن من ينضم يكون لديه رؤية للعدالة الاجتماعية ليفيد المجتمع، ويشترك فى الحفاظ على المستقبل.
■ ما تقييمك لأداء الوفود العربية فى فعاليات المنتدى؟
- كنت حزينا على العالم العربى، عندما بدأت العمل بدافوس، وكان العالم مهتما بالشرق الأوسط لوجود بترول إلى جانب قضية فلسطين، وظهر ذلك فى كازبلانكا وشرم الشيخ والأردن، وكانوا يضعون أموالا لمبادرات تطوير التعليم فى المنطقة، وبعد سنوات ولضعف استجابة العرب، أصبحت الصين محط اهتمام العالم، وتراجع الاهتماما بالعرب.
وبدا «التيم» الذى أقوده يصغر، وعندما عقدنا اجتماعا لوضع استراتيجية عمل عما تريده منطقتنا من المناطق الأخرى فى العالم، لم نتلق أفكارا عربية، وبالتالى تعود المنتدى على أنه لا يوجد موضوع محط اهتمام فى الشرق الأوسط.
■ من كان مؤثرا فى حضوره من رجال الأعمال المصريين داخل المنتدى؟
ـ لا يوجد، فقط أصحاب شركات الخليج منذ 20 سنة، كان عندهم فلوس ولا يعملون شيئا، لكنهم الآن لديهم شركات كبرى وينافسون، وهناك شركة سابك السعودية يمكن أن تؤثر فى أجندة العالم بثقلها، والكويت لديها جيل من رجال أعمال منفتح على العالم أمثال الشايع والغانم. وفى الإمارات عندهم «براندز» وينافسون فى سوق السياحة والطيران.
■ ما تقييمك للوضع الاقتصادى فى مصر الآن؟
ـ طبعا هناك أزمة اقتصادية، تطول الاحتياطى والتضخم والدين العام والسياحة، ومشاكل فى مصادر دخل الدولة، وعندنا معونة من الخليج تنقذنا، وكان تخوفى بعد الحصول على الأموال «واللى ببلاش ثمنه غالى» أن تزيد الصعوبات فالحزمة التحفيزية جيدة وما أخاف منه العام المقبل، ومن المهم أن نفكر بفتح حوار مع صندوق النقد ليس للحصول على قرض لكن حوار على المستقبل الاقتصادى وعمل اتفاق استعداد ائتمانى، المهم أن يكون هناك شهادة من الصندوق تقول إن مصر لديها استقرار على المدى الطويل.
■ لماذا سهلت استضافة الإخوان لهرناندوا دى سوتو.. وهل شعرت أن لديهم أى برامج؟
ـ كنت أشعر أنهم جماعة من الشارع المصرى، وعندهم خبرة فى السياسة وسيعتنون بأصوات المصريين الذين أتوا بهم، وقلت نعمل معهم وبالشرعية، وكان يمكن عمل حاجات كثيرة، لكن مع الأسف أصابونى بالإحباط بسبب طريقة عملهم.
■ اقتصاديا هل لدى الإخوان ما يقدمونه؟
ـ هناك مدرستان داخل الإخوان، هناك أناس لديهم فلسفة التكامل مع المجتمع، ومنهم عمرو دراج، ومجموعة أخرى متشددة، ولا يوجد لديها شىء، وخيرت كان مهتما بالأجندة الاقتصادية، لكن عندما ضربت إسرائيل غزة، وتوسط من خلال علاقاته بحماس، صدقت أمريكا ما يقوله الإخوان عن إمكانية أن تحل الدولة الإسلامية المشاكل فى المنطقة وخاصة المشكلة الفلسطينية، وبدا أوباما وكيرى يهتمان بالموضوع، وبالتالى أسس الشاطر علاقة مع الأمريكان والغرب، وكسب أرضية له وللإخوان، أو هكذا تصور الإخوان، ونسوا أن شرعيتهم كانت من الشارع، وليس الأمريكان أو الغرب وتركيا، لذا هجموا على المجتمع بالمتطرفين، والخطاب التكفيرى الفظيع، وسقط القناع بعد حصار المحكمة الدستورية والقتل فى الاتحادية، وكان لابد أن ينتهى كل ذلك.