x

10 أيام.. رحلة «ريهام» و«جنينها» من مستشفيات الزقازيق إلى القبر

الأربعاء 05-02-2014 21:51 | كتب: ريهام العراقي |
محررة «المصرى اليوم» مع خال ريهام محررة «المصرى اليوم» مع خال ريهام تصوير : أحمد النجار

فى الوقت الذى كانت تنتظر فيه أسرتها ولادتها بعد شهرين وانضمام عضو جديد للعائلة، كانت هى على موعد مع الموت ليتبدل المشهد وتنطلق الصرخات وينطلق صوت قارئ القرآن فى أرجاء المنزل وتتشح السيدات بالملابس السوداء وينحشر جسد طفل صغير لم يتجاوز الثالثة من عمره وسط الحضور تبحث عيناه عن أمه التى غابت عنه منذ 10 أيام.

على بعد 35 كيلومترا من مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية وفى إحدى القرى الصغيرة بمركز فاقوس قضت أسرة ريهام ماهر عباس إحدى وفيات فيروس «H1N1» والمعروف إعلاميا بفيروس أنفلونزا الخنازير رحلة البحث عن علاج ابنتها، 27 عاما، بين المستشفيات الحكومية والخاصة. بدأت عند إصابتها بـ«دور برد شديد» لم يعرفوا وقتها أنه فيروس قاتل، وانتهت بوفاة الزوجة الشابة وجنينها الذى ظل فى أحشائها طوال سبعة شهور كاملة.

يروى محمد عبدالرحمن، خال ريهام، تفاصيل إصابتها بالفيروس قائلا: «ريهام لم تكن تعانى من أى أمراض صدرية أو مزمنة، وأصيبت بالبرد العادى ثم تطور الأمر بوجود ضيق فى التنفس فخفنا عليها ونصحنا أحد الأطباء بأخذ عينات منها للاطمئنان عليها خاصة بعد انتشار أخبار أنفلونزا الخنازير، لجأنا إلى عدد من المستشفيات الخاصة لحجز ريهام إلا أنها كانت تتهرب وترفض استقبال الحالات من نوعية ريهام خشية وفاتها داخل المستشفى مما قد يؤثر على سمعتها، فلجأنا إلى مستشفى الصدر بالزقازيق بعد ضغوط ومحاولات لحجزها».

يصمت الخال لحظات يتنفس فيها بصوت عالٍ ويحبس دموعه ويستكمل حديثه قائلا: «المسؤولون فى وزارة الصحة بالشرقية شايفين إن الحالات دى تموت فى الشارع أحسن بعيدا عن المستشفيات، فنحن لا نلجأ إلى المستشفيات الحكومية التى لا يوجد بها أى إمكانيات تساعد على شفاء المريض حتى القطن اعتدنا على شرائه لعدم توافره بالمستشفى، لكن فى حالة ريهام لجأنا إلى مستشفى الصدر أملا فى حقنها بمصل أو ما شابه يساعدها على العلاج، إلا أننا وجدنا العكس فالمستشفى لا توجد به أى إمكانيات لاستقبال مرضى رغم أن مدير المستشفى وطاقم التمريض حاولوا قدر استطاعتهم إنقاذ البنت، لكن الموت كان أسرع من أيدى الأطباء».

رغم تدهور حالة ريهام يومًا بعد يوم لعدم توافر إمكانيات بالمستشفى، أبرزها غياب جهاز التنفس الصناعى، إلا أن شقيقها محمد أسرع فى السفر إلى القاهرة لشراء الجهاز على نفقته بقيمة 1000 جنيه أملا فى علاجها وإنقاذ ابنها الذى يعيش داخل رحمها. يقول شقيق الضحية: «أسرعت إلى القاهرة لشراء جهاز تنفس صناعى من قصر العينى عندما علمنا بعدم وجوده داخل مستشفى الصدر، أملا فى إنقاذ ريهام إلا أن القدر لم يمهلنا وقتا كافيا، فالمستشفى لا يوجد به طبيب للتخدير ولا طبيب للعناية المركزة أو طبيب نساء لمتابعة صحتها، خاصة أنها فى شهورها الأخيرة من الحمل، وبعد مرور ثلاثة أيام على ريهام بالمستشفى فوجئنا بمحاولات من عدد من أطباء بمستشفى الصدر للتنصل منا ونقلها إلى مستشفى أبوكبير العام التى تبعد عدة كيلو مترات، لكن عددا من العاملين بالمستشفى نصحونا بشكل ودى بعدم نقلها نظرا لخطورة الحالة وضعف إمكانيات مستشفى أبوكبير العام، فقررنا نقلها إلى مستشفى الزقازيق العام الذى يتشابه حاله مع حال باقى المستشفيات الحكومية من تدنى الخدمات اللازمة للعلاج».

منعناها من رؤية ابنها محمد خوفا عليه من الإصابة من الفيروس، إلا أن وصيتها الأخيرة لأمها كانت الاهتمام بابنها الصغير. ماتت ريهام ماهر عباس يوم الخميس قبل الماضى داخل مستشفى الزقازيق العام لتظهر نتيجة التحاليل بعد وفاتها التى أعلنت عن إصابتها بفيروس «H1N1» القاتل.

الأسرة رغم مصابها اعتبروا أن الأطباء بذلوا أقصى جهدهم فى محاولة إنقاذها، ملقين باللائمة على ضعف إمكانيات وزارة الصحة ومحاولتها التعتيم على انتشار الفيروس. يقول محمد عبدالرحمن خال ريهام: «توجد ثلاث حالات ماتت قصاد عينى أثناء احتجاز ابنتى بالعناية المركزة جميعهن سيدات، إحداهن حامل، ونحن لا نُحمل الأطباء المسؤولية، لكن الوزارة والحكومة هى من يستحق اللوم، لأنهم يرفضون الاعتراف بوجود الفيروس رغم تزايد أعداد الإصابة والوفيات يوما بعد يوم، وتوضيح الأمور والشفافية يُحد من الإصابة، لأن الوقاية خير من العلاج». الأسرة رفضت تسلم جهاز التنفس الصناعى التى اشترته على نفقتها الخاصة، كنوع من الصدقة الجارية على روح ابنتهم الشابة، أملا منهم أن يكون سببًا فى إنقاذ حياة شخص من الفيروس القاتل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية