x

سحر الموجي هذا الديناصور العجوز سحر الموجي السبت 01-02-2014 22:02


هل تحول معرض القاهرة الدولى للكتاب إلى ديناصور عجوز يصر على مخاطبة جمهور لم يعد له وجود؟ يبدو لى المشهد أقرب إلى ذلك. فهذا المعرض يقاوم الزمن بإصرار عجيب، ويرفض قبول الفكرة البديهية أن العالم يتغير، وأن احتياجات البشر تتطور. فها هو فى سترته التاريخية، التى أصبحت بفعل تراكم الأعوام، سترة بالية، متربة، قذرة، يسعى أن يتباهى وسط أقرانه من المعارض الدولية التى تنتمى كلها إلى عالم القرن الواحد والعشرين. وحده لم يتغير أبداً منذ افتتاحه الأول فى عام ١٩٦٩ فى عهد وزير الثقافة ثروت عكاشة. تعرض الكتب فيه بنفس الطريقة، وتقام فيه نفس الندوات، وتتم مناقشة نفس القضايا بتنويعات وألوان باهتة. اللهم إلا وجود مزيد من الأتربة، ومزيد من القبح.

ما زالت القاعات الكبرى تستضيف ندوات المعمرين من أهل السياسة بحضور سيادة الوزير والسادة المسؤولين، بنفس منطق الإرشاد القومى (الاسم الستينى لوزارة الثقافة)، وما زالوا يستضيفون كتاباً من أنحاء مختلفة يشيدون بـ«أم الدنيا».

سألت هذا العام العديد من الكتاب، وجدتهم جميعاً - مثلى - عازفين عن الذهاب إلى المعرض. إلى درجة أن بعض الكتاب الشباب، من أصدقائى، لم يكونوا ليذهبوا لولا اضطرارهم إلى حضور حفلات توقيع خاصة بكتبهم. محبط جداً أن يعجز معرض للكتاب والثقافة عن جذب المهتمين بالشأن الثقافى كباراً وشباباً؟ هل تحول معرض الكتاب - بعد أن أصبح معرضاً للعديد من السلع غير الكتاب - إلى مكان مفتوح ومشمس يمتلئ بما لذ وطاب من أنواع الأكل والمشروبات، يلعب فيه الأطفال، وتجد فيه العائلات ساحة للنزهة فى ظل غياب متنزهات للمصريين؟

لا أريد أن أكون قاسية. ولكن من المؤكد أن هذا المعرض يجب أن يخضع لعملية تطوير حقيقية فى مفهومه وسبب وجوده، بعد أن تطورت الأنماط الثقافية، وأشكال الإبداع، فأصبح شباب السادسة عشرة قادرين على إنتاج مادة ثقافية مكتوبة ومرئية ونشرها عبر وسائط متعددة. هذا الجيل لا يمكن مخاطبته إلا باللغة التى يفهمها. إنهم يتوقعون مثلاً- من بين أشياء أخرى- خريطة إلكترونية دقيقة للمعرض: أماكن دور النشر المختلفة وقوائم الكتب وأغلفتها ونبذة عن مضمونها وتعليقات عليها. وفى مجال الأنشطة والندوات لن يجذبهم إلا الأشكال التفاعلية التى تخرجهم من إطار المتلقى السلبى إلى بؤرة المشاركة.

أقترح على الهيئة المصرية العامة للكتاب أن تفكر جدياً وفوراً لفتح حصالة أفكار لتجميع تصورات جديدة للمعرض فى عالم جديد، أقترح أن تمد يدها وبجدية للعمل مع مؤسسات المجتمع المدنى لتشكيل مفهوم حديث لمعرض القاهرة للكتاب. فهو يحتاج إلى ثورة وليس لإصلاح. بإمكان معرض الكتاب أن يتحول من مجرد كيان يمثل بيروقراطية الدولة وعجزها عن الإبداع إلى فعالية ثقافية مهمة ومؤثرة من الصعب أن يُفوتها مصرى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية