x

وجه آخر للعشوائيات فى «عزبة خيرالله» مع جمعية «خير وبركة»

الأحد 28-03-2010 23:00 |

إذا بحثت عن «عزبة خيرالله» على شبكة الإنترنت فستطالع فى الصفحة الأولى لنتائج البحث عناوين مثل: «أغيثونا.. أهالى عزبة خيرالله»، و«أهالى عزبة خيرالله يتظاهرون ضد الحكومة»، ثم «جحافل الأمن تطرد أهالى عزبة خيرالله»، وعلى خدمة «wikimapia» للخرائط، ستجد أن سكاناً غاضبين على ما يبدو سجلوا المنطقة باسم «منتجع عزبة خيرالله».

عدا ذلك، من الصعب الوصول إلى أى معلومات واضحة حول «العزبة» التى اختفت من سجلات الحكومة، فى ظل غياب أى قواعد بيانات عن طبيعة الخدمات والسكان ومستوى التعليم فى المنطقة التى أكد لنا سكانها أن ما يربطهم بالدولة لايتعدى البطاقة الشخصية.

لم يكن الطريق إلى «خيرالله» سهلاً؛ فالعزبة التى تمتد على مساحة 480 فداناً فوق هضبة الزهراء بالمقطم، وتتوزع تبعيتها الإدارية بين أحياء مصر القديمة والبساتين ودار السلام، ذات أزقة ضيقة لا تسمح بمرور السيارات إلا من خلال بعض الشوارع الرئيسية القليلة، والتى لم تكن حتى واضحة المعالم بسبب تراكم أكوام القمامة، التى وصل ارتفاعها فى بعض الأماكن، على حد وصف أحد السكان، إلى 4 طوابق، الأمر الذى دفع جمعية «خير وبركة» إلى البدء فى تنفيذ مشروع تنموى لخدمة سكان عزبة خيرالله، قبل 10 سنوات، بالتعاون مع الجمعيات الأهلية التى كانت موجودة بالمنطقة.

طرحت الجمعية العديد من الأفكار التى بدأ تنفيذها بالفعل، تقول نيفين الإبراشى، رئيسة الجمعية: «أول مشكلة واجهتنا هى جمع المعلومات الكافية عن العزبة، وهو الأمر الذى بدأنا به عن طريق توفير قاعدة بيانات تساعدنا فى الوصول إلى أكثر المشكلات التى تؤرق السكان، ثم بدأنا خطوتنا الثانية بالعمل كهمزة وصل بين المجتمع المدنى، والمسؤولين، ورجال الأعمال، لتنفيذ بعض المشروعات الأساسية التى يفتقدها المكان بشكل واضح،

وبالفعل بمجرد عرض بعض المشروعات الخاصة بتوفير سيارات لجمع القمامة، وتسيير قوافل طبية، وإدخال مشروع الصرف الصحى، والسعى لترميم آثار المنطقة وعلى رأسها (إسطبل عنتر)، استجاب محافظ القاهرة لبعض مطالبنا، ودعم بعض المشاريع بإمكانيات المحافظة كسيارات القمامة ومشروع الصرف الصحى، وذلك من خلال وحدة تطوير العشوائيات بالمحافظة».

أما منى الطويل، نائب رئيس الجمعية، فكان أول ما لفتت انتباهنا إليه هو عدم منطقية وجود منطقة بتلك العشوائية فى قلب العاصمة: «كثيراً ما نسمع عن العشوائيات التى تفتقد العديد من الخدمات الأساسية على أطراف العاصمة، ولكننا فوجئنا بالعزبة التى تتوسط القاهرة، وكأنها بقعة سوداء لم يستطع أحد التعرف على مشكلاتها وتوصيل مطالب سكانها إلى المسؤولين،

الأمر الذى دفعنا لإنشاء الجمعية التى أقبل عليها السكان منذ إشهارها فى 2004 لتقديم الأفكار والاقتراحات اللازمة لحل أزماتهم، خاصة بعد بدء تنفيذ المشروعات التنموية بالاتفاق والتنسيق مع الوزارات المختلفة كالبيئة والصحة والآثار والتربية والتعليم، كما أننا نواظب على تقديم الإرشادات للمراحل العمرية المختلفة من الأهالى لتنمية العزبة بشكل مخطط له يبدأ من تربية الأطفال فى منازلهم على السلوكيات الجيدة والسليمة».

وأضافت الطويل: «تحملنا فى البداية نفقات تقديم دورات تدريبية للسكان فى جميع المجالات الصحية والتعليمية وغيرها حتى نستطيع الحفاظ على نشاطات الجمعية، ففى المجال التعليمى جئنا بخبراء لتعليم المدرسين فى الحضانات المختلفة كيفية استخدام أفضل الوسائل لتعليم الاطفال والتى تدرب عليها المدرسون أولاً، ثم الأمهات اللاتى واظبن بدورهن على الحضور لتعلم كيفية المحافظة على نظافة أبنائهن، وضرورة التعامل معهم بشكل يجعلهم أسوياء».

كأى منطقة عشوائية فى مصر، «القمامة» هى أخطر وأكبر مشكلة يعانى منها سكان عزبة خيرالله، وهو ما تؤكده ماجدة موسى، رئيسة اللجنة البيئية بجمعية خير وبركة، مشيرة إلى توقيع بروتوكول بين الجمعية وهيئة النظافة لتوفير سيارتين بشكل مبدئى للمرور بين شوارع وحوارى العزبة على مدار اليوم لجمع القمامة، خاصة تلك الناتجة من ورش الخشب المنتشرة فى المنطقة، ولكن أول من ساهم فى سرعة عقد الاتفاق بين الجمعية وهيئة النظافة كان الدكتور ماجد جورج وزير البيئة، الذى أمر– على حد قولها- بتنفيذ مطالب الجمعية من حيث توفير عدة طرق للتخلص من القمامة التى ملأت شوارع العزبة بشكل ملحوظ،

وتابعت: «من جانبنا دعمنا ذلك بتوفير أول صندوق قمامة غير قابل للفرز، اخترعه أحد المبتكرين ليكون مغلقاً بإحكام بحيث لا يستطيع أحد فتحه وفرز القمامة بداخله– كما يحدث فى الصناديق العادية- إلا من خلال مفتاح يتسلمه سائق سيارة الهيئة فقط، وبالفعل تم تنفيذ عدة نماذج منه، ونتوقع أن يغطى شوارع العزبة خلال السنوات القادمة فور توفير التمويل الكافى لذلك».

بدورها تأتى الخدمات الصحية فى مقدمة النشاطات التى يقبل عليها السكان، حيث يتم إرسال قوافل طبية أكثر من مرة على مدار الشهر للكشف على الأطفال والكبار بحضور أطباء فى تخصصات مختلفة، خاصة مع انتشار مرض الأنيميا الحادة لدى الأطفال، وهو المرض الذى نال اهتماماً خاصاً من جانب اللجنة الصحية تحت رئاسة هدى عثمان،

التى أشارت فى حديثها معنا إلى غياب المعلومات الكافية عن رعاية الأطفال قبل وبعد الولادة، الأمر الذى جعلهم معرضين دائما للأمراض، وللتأكد من وصول خدمات الجمعية فى هذا المكان إلى أكبر عدد من السكان تم تخصيص بعض الهدايا الرمزية لكل من يأتى للكشف من خلال القافلة، من بينها توزيع بعض زجاجات الصابون وأدوات المطبخ.

من الأفكار الطريفة والمثيرة للاهتمام ما قدمته نيفين إسكندر، مسؤولة التغذية بالجمعية، حيث وفرت سيارات مجهزة بثلاجات لحفظ الطعام، واتفقت مع بعض الفنادق على نقل الطعام المتبقى بعد انتهاء حفلات الزفاف والمؤتمرات إلى العزبة من خلال سيارات مجهزة، وذلك بعد وضعها فى علب لتبدو وكأنها وجبات سريعة طازجة، بدلاً من إلقائها فى القمامة.

فى أحد الشوارع الضيقة، وبين بيوت بسيطة تفتقد معالم الجمال، وجدنا حضانة رياض أطفال، تشعر بعد دخولها أنك انتقلت إلى مكان آخر خارج العزبة، ليس فقط لاختلاف مستوى النظافة والرسومات التى تملأ جدران المكان، ولكن أيضاً لأن أطفالها يتلقون دروسهم باستخدام البرنامج التعليمى «أبجد»، الذى تقول عنه سوزى إسكندر، رئيسة لجنة التعليم: «دربنا عدداً من المدرسين على برنامج أبجد، الذى يعلم الأطفال رسم الحروف بوسائل مغناطيسية حديثة وبالألوان لتسهل عليهم كتابة الأحرف، وهو ما تم تنفيذه بالفعل فى 8 حضانات بالعزبة، بالإضافة إلى الخروج فى رحلات إلى الأهرامات والعديد من الأماكن السياحية بالتنسيق مع مسؤولى «الآثار» الذين لم يتأخروا عن دعمنا والسماح بدخول الأطفال دون تذاكر».

قد لا يعرف البعض أن هناك معالم سياحية تكاد تضيع وسط هذه البقعة المشهورة بعشوائيتها، وهو ما تتحدث عنه أسما دبوس، رئيسة لجنة الآثار بالجمعية: «هناك 3 معالم سياحية بالمنطقة، أكثرها معرفة لدى الناس إسطبل عنتر،

هذا بخلاف (الطاحونة) وهى المكان الذى كان يتعبد فيه البابا كيرلس، والأبراج السبعة أو ما يطلق عليه (السبع بنات)، وبالطبع معظم هذه الآثار تحول إلى كتل مهملة خاصة مع عدم وجود خطة نظافة واضحة للمكان من قبل، وعندما تقدمنا إلى زاهى حواس، أمين عام المجلس الأعلى للآثار، بطلب لحماية تلك الاثار، وعد بإمكانية تنفيذ مشروعات ترميم قد تستغرق بعض الوقت ولكنها فى النهاية ستعيد إحياء المنطقة خاصة مع جذب السائحين لها وهو ما سيوفر فرص عمل لشباب العزبة».

تتفق رئيسات لجان جمعية «خير وبركة» على أن التمويل هو الأساس الذى ستقوم عليه باقى الخطوات، وهو ما تعمل على تنظيمه ناهد غربال، رئيس لجنة الصندوق، مشيرة إلى أنها بدأت فى جذب التبرعات من خلال عقد حفل غنائى للمطرب الفرنسى شارل أزنافور عام 2008 لجذب عدد من فئات رجال الأعمال،

وذلك للإعلان عن الجمعية وحاجتها للدعم المالى عبر تخصيص تذاكر الحفل كبداية لتمويل الجمعية، مع الحصول على بعض التبرعات من رجال الأعمال، وهى التجربة التى أثبتت نجاحاً ملحوظاً، وقالت غربال: «سنبحث عن الطرق المختلفة والمنظمة للحصول على الدعم المالى، لأنه المحرك الأساسى لأنشطة الجمعية، وذلك من خلال المؤتمرات والحفلات بخلاف التبرعات التى تصل إلينا ممن علموا بدور الجمعية فى تطوير عزبة خيرالله».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية