x

رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية لـ «المصرى اليوم»: نريد مصالحة فلسطينية قادرة على الاستمرار وتدعم الوحدة والشراكة السياسية

الأحد 28-03-2010 00:00 |
تصوير : other

طالب رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية القمة العربية، التى بدأت أعمالها فى مدينة «سرت» الليبية أمس، بدعم المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، معرباًَ عن أمله فى أن يتم التوقيع عليها أثناء القمة، موضحاً أن ملاحظات حركة المقاومة الإسلامية «حماس» عليها حرص على استمرارها وديمومتها، وليس مجرد التوقيع عليها، واصفاً الأزمة مع مصر بعد مصرع الجندى المصرى على الحدود بأنها سحابة صيف وانتهت، مشيراً إلى أن الحركة سلمت القيادة السياسية المصرية نتائج التحقيقات، مشيراً إلى أنه ينتظر نتائج التحقيقات فى اغتيال القيادى بالحركة محمود المبحوح، لمعرفة هل ساهمت السلطة الفلسطينية فى الجريمة من عدمه.

وأضاف هنية، فى حوار مع «المصرى اليوم» عبر الهاتف، أن ترشيحه فى الانتخابات الرئاسية إذا تم الاتفاق على إجرائها سابق لأوانه، معتبراً أن مشاركة الحركة فى السلطة لم تكن خطأ، لأنها نجحت فى المواءمة بين الحكم والمقاومة، معرباً عن أسفه بسبب تصريحات القيادى فى حركة «فتح» نبيل شعث عن الخلافات بين الداخل والخارج، ووصفها بأنها مؤسفة، خاصة أنه استقبله فى منزله، لكنه أعرب عن أمله فى أن تغير زيارته موقف «فتح» من المصالحة، وإلى نص الحوار:

■ ما حقيقة ما يقال عن توقيع ورقة المصالحة المصرية قريبا فى القاهرة، والاحتفال بالتوقيع فى حضور الدول العربية فى مدينة سرت على هامش القمة العربية التى بدأت أعمالها أمس؟

- نحن فى حركة حماس والحكومة الفلسطينية نأمل فى أن يتم الانتهاء من هذا الملف ويمكن أن تكون المصالحة خلال القمة، فنحن تواقون للمصالحة، ولكننا فى الوقت نفسه، نريد لهذه المصالحة الاستمرار والديمومة، وليس مجرد توقيع، ولذلك، فإن حديثنا عن الملاحظات يأتى من باب حرصنا على استمرارية الاتفاق وتحقيقه للشراكة المطلوبة.

■ هل تنازلت حماس عن تحفظاتها على الورقة المصرية ومستعدة للتوقيع دون أى شروط أم أن موقفها كما هو؟

- موقفنا واضح، وهو أننا معنيون بالمصالحة، والاتفاق هو بوابة هذه المصالحة التى تتم ترجمتها الحقيقية بالتطبيق على الأرض، وإيمان الأطراف ببعضها البعض، ونزع مبدأ نفى الآخر، والإقرار بالشراكة السياسية والتوحد لمواجهة التحديات الخطيرة التى تواجه شعبنا.

■ العلاقات بين حماس ومصر تمر بمرحلة فتور، كيف يمكن الخروج من هذا الجمود فى العلاقات؟

- نحن حريصون على علاقة قوية ومتينة مع مصر، ربما نختلف حول الاجتهادات، ولكننا نلتقى فى القضايا والملفات الكبرى التى كانت ولا تزال بحوزة مصر، ونعتبر أن لحظات الخلاف هى اللحظات التى يجب أن تكثف فيها اللقاءات للوصول إلى القواسم المشتركة، وإلى إيجاد نقاط الالتقاء، وسبل الخروج من أى شوائب طارئة فى طريق العلاقة الطويل.

■ ما نتيجة التحقيقات فى قضية الجندى المصرى الذى استشهد على الحدود؟

- لابد من الإشاره أولا إلى حزننا العميق لاستشهاد الجندى المصرى، الذى بكته قلوبنا قبل العيون، فنحن لا نكن لهؤلاء الجنود إلا كل حب وتقدير، فهم بالنسبة لنا كأبنائنا، هم جنود الأمة وإن اختلفت المواقع، ولا توجد لدينا أى نوايا سيئة اتجاه إخواننا من جنود مصر الذين يعملون على طول الحدود أو فى أى موقع آخر، وتلك الأحداث المؤسفة سحابة صيف عابرة، نأمل أن نكون قد تجاوزناها، خاصة أننا سلمنا الإخوة فى القيادة المصرية نسخة من نتائج التحقيق فى هذا الموضوع.

■ الدكتور نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح تحدث بعد لقائه معكم عن خلافات بين حماس الداخل والخارج.. ما حقيقة هذه الخلافات؟

- يؤسفنا أن تصدر هذه التصريحات التى لا تعبر عن أى واقع، ولا تصب فى باب إنهاء الخلاف بيننا وبين فتح؛ فهى نوع من الدعاية ليس إلا، ونحن استقبلنا الدكتور نبيل شعث كما يليق، وتحدثنا بصراحة حول مجمل قضايا الخلاف، والكل يعلم أننا حركة موحدة ذات قرار شورى جمعى، قائم على أسس متينة، ولا يوجد فرق بين القواعد والقيادة، ولا فرق فى المواقف، وما كنا نأمل أن ينزلق قادة فتح فى مثل هذه الأساليب الإعلامية.

■ هل غيرت زيارة شعث إلى غزة أى شىء من قناعات حماس تجاه فتح؟

- نحن نتعامل مع حركة فتح باعتبارها جزءاً من النسيج الفلسطينى الذى لا يمكن تجاوز أى من مكوناته، وهذا الأمر سابق على زيارة شعث، وإن كنا نأمل أن تغير الزيارة من قناعات حركة فتح نفسها باتجاه المصالحة والاعتراف بالآخر، وهو ما تحدثنا فيه صراحة مع شعث، ونحن لا يمكن أن نتعامل مع القضايا بالبعد الشخصى.

■ كيف ترى مستقبل المصالحة الفلسطينية إذا لم توقع الأطراف المختلفة على الورقة المصرية، وهل السيناريو الكورى يفرض نفسه على الأرض الفلسطينية؟

- نحن نعتبر التوقيع على الورقة المصرية الخطوة الأولى فى المصالحة، يتبعها التطبيق لهذه الورقة المنطلق من الإيمان بالآخر وليس نفيه، أما النموذج الكورى وغيره من النماذج التقسيمية فلا تنطبق على الواقع الفلسطينى، فنحن أصحاب مشروع تحررى لمجمل الأرض الفلسطينية وليس مشروعا تقسيميا، وبوصلتنا متجهة نحو القدس والمسجد الأقصى المبارك، وإذا فُرض علينا هذا الواقع الاستثنائى سنعمل على فرض المصالحة والتوحد فى مواجهة العدو الصهيونى الغاصب لأرضنا، لتصب كل الجهود فى مقاومته وطرده من أرضنا.

■ أنتم من الشخصيات المقبولة لدى جميع الفصائل الفلسطينية.. لماذا لا تقومون بمبادرة لإنهاء الانقسام بين حماس وفتح؟

- لا يوجد بيننا خلاف شخصى مع أى من قادة فتح، فهم إخواننا، وقد شاهد العالم كله أننى استقبلت شعث فى بيتى مع وفد من فتح ووفد من حماس، ونحن حريصون على تحقيق المصالحة وتطبيقها فى الواقع، ولكن المشكلة أن هناك أيادى خفية تلعب ضد المصالحة من أعداء شعبنا، ومهمتنا هى قطع الطريق على هؤلاء، وإعادة توحيد الصف الفلسطينى.

■ كيف تنظرون إلى الجرائم الأخلاقية والفساد المالى فى السلطة الفلسطينية.. وكيف تتجنبون ذلك فى الحكومة الشرعية؟

- نحن نأسف لأن جزءا من أبناء شعبنا متهم بهذه التهمة، فلا نرغب أن نرى أى فلسطينى فى هذا الموقف، ولكنه واقع لمسه المواطن الفلسطينى منذ أمد بعيد، ومن أجل ذلك كان برنامجنا الانتخابى بعنوان «التغيير والإصلاح»، وهو ما نعمل على تطبيقه منذ اليوم الأول لتولينا الحكم، ونجحنا فى تحقيق هذا الأمر فى حكومتنا، فأيادينا نظيفة من الفساد والحمد لله، وأبناؤنا بعيدون عن الهفوات وزلات الهوى، ويعتبرون أنفسهم «مشاريع شهادة»، وشعار الواحد منا «أملى أن يرضى الله عنى» ولدينا لجان رقابة فاعلة وعاملة، ونطبق منهج الثواب والعقاب.

■ شرطة دبى اتهمت شرطيين فلسطينيين بأنهما تعاونا فى قتل «المبحوح».. كيف تنظرون إلى التعاون الأمنى مع الاحتلال.. وهل بهذا التعاون دخلت السلطة مرحلة جديدة؟

- نحن ندين التعاون الأمنى مع قوات الاحتلال الإسرائيلى، الذى كان آخره اعتقال أحد أهم العناصر الميدانية للحركة فى مدينة الخليل، وقبلها فى بيت لحم، وهكذا، وقلنا إنه خنجر فى خاصرة وظهر شعبنا، ودعونا - ولا زلنا - إلى وقف هذا التنسيق الأمنى الضار والخطير، ونعتبره سابقة خطيرة فى تاريخ الشعوب، حينما تتحول حركة من كونها حركة تحرر وطنى إلى سلطة شريكة مع الاحتلال فى مطاردة أبناء شعبها، وحتى قبل استكمال المشروع التحررى، أى أنها تقف مع الاحتلال فى مواجهة المشروع التحررى المقاوم، أما بخصوص ما جرى فى دبى، فنحن ننتظر استكمال نتائج التحقيق لنعلم ماهية إدانة الشرطيين، ومصدر التعليمات لهما، وهل كان بأوامر مباشرة من السلطة أم عبر ارتباط مباشر لهما مع الاحتلال.

■ كثيرا ما تربط استطلاعات الرأى بينكم وبين الرئيس أبومازن، هل أنت مستعد لدخول الانتخابات الرئاسية حال الاتفاق على الانتخابات التشريعية والرئاسية؟

- ليس المهم أن يكون إسماعيل هنية فى أى موقع، المهم بالنسبة لنا ولى شخصيا هو أين تكون مصلحة الشعب الفلسطينى، وماذا يقدم إسماعيل هنية لشعبه وقضيته، أما خوض الانتخابات من عدمه فأمر سابق لأوانه.

■ هل تعتقد أن رؤية حماس فى تحرير فلسطين واقعية فى ظل القوة الإسرائيلية الحالية والتردد الأوروبى والانحياز الأمريكى؟

- القوة ليست من المسلمات فى التاريخ، وليست من عوامل البقاء، فهناك امبراطوريات كبرى لم تغب عنها الشمس اندثرت واختفت، وممالك عظمى لم يعد لها وجود، ولكن الحقوق لا تسقط بالتقادم ولا تندثر طالما بقى من ينادى بها ويعمل من أجل تحقيقها، فقبل أعوام قليلة كان رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إيريل شارون يقول إن نتساريم (مستوطنة وسط غزة) مثل تل أبيب لا يمكن الانسحاب منها، ثم أجبرته المقاومة على الانسحاب دون قيد أو شرط، فالاحتلال بقوته وجبروته وأسلحته المدمرة لم يستطع أن يقهر إرادة قطاع غزة فى أضخم عدوان وحرب شنها فى المنطقة،

فبالتالى القوة ليست كل شىء، فنحن على ضعفنا وقلة عتادنا وعدتنا لم تقهرنا الدبابات والطائرات وقنابل الفسفور والأسلحة المحرمة دوليا، بل زادتنا إصرارا على التمسك بحقوقنا وثوابتنا والعمل من أجل تحقيقها، وممالك الظلم ليست خالدة والاحتلال قائم على الظلم، ومهمتنا إنهاء هذا الظلم، وضعفنا ليس أبديا، وقوتهم ليست أبدية، والعبرة فى الأمور بخواتيمها، وإذا لم يكن لدينا القدرة على تحرير القدس وفلسطين الآن، فلا يعنى ذلك أن نتنازل عن شبر واحد منها.

■ هناك من يستبعد وجود قواسم مشتركة بين حماس وفتح فى ظل الاختلاف بين مشروع المقاومة ومشروع التسوية.. هل هناك أفق سياسى لجمع الفلسطينيين على ورقة نضالية واحدة؟

- علينا إيجاد هذه الورقة والعمل بإبداع من أجل الوصول إليها، لأن المشهد الفلسطينى يجب أن يضم الجميع، فصحيح أننا نؤمن ببرنامج المقاومة وننادى به، ونجمع القوى حوله، ولكننا رفعنا أيضا شعار «نعمل فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه»، ولا يجب أن يعطل أحدنا الآخر، فنحن نؤمن بأن مشروع التسوية الحالى هو تجربة عبثية جديدة لا طائل منها ولا جدوى، ولكننا نؤمن فى الوقت نفسه بأن القضايا الكبرى، مثل القدس واللاجئين والاستيطان، ومجمل حقوقنا فى أرضنا، ثوابت يمكن أن نتفق حولها، ويجب أن نعمل للوصول إلى برنامج عمل مشترك مرحلى حول الحد الأدنى من نقاط الاتفاق، وسنوحد كل الجهود خلفه، ونزاوج بين الرؤى دون تعريض مصالح شعبنا العليا للخطر أو للتنازل.

■ بعد مرور 22 عامًا على انطلاقة حركة حماس و4 أعوام على مشاركتها فى السلطة.. ماذا حققت حماس للقضية الفلسطينية؟

- حماس لم تكن إضافة رقمية للفصائل الفلسطينية، ولكننا أضفنا بعدا جديدا للصراع مع الاحتلال على صعيد البرنامج وعلى صعيد الممارسة، وقلنا إن تحرير فلسطين هو جزء من مثلث ذهبى، فى زواياه الثلاث كل من الشعب الفلسطينى، والأمة العربية، والأمة الإسلامية، وأضفنا رونقا وطابعا للمقاومة بذلناه من أرواح أبنائنا وقادتنا الذين خطوا لنا بدمائهم خارطة الطريق تجاه فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك، حتى أصبحت حماس مدرسة جديدة فى الفكر والسياسة والمقاومة فى المشهد السياسى الفلسطينى،

ثم انتقلنا إلى خانة المشاركة فى بناء المؤسسة الرسمية بالتزامن مع مرحلة التحرر الوطنى، ونجحنا فى هذه المرحلة فى إعادة الاعتبار لمشروع المقاومة والبناء جنبا إلى جنب، برغم الحصار والحرب والعدوان والمؤامرات، وها نحن نبنى حكومة على أسس متينة قوية فى قطاع غزة، ولسنا من دعاة التفرد بالساحة الفلسطينية، بل دعاة وحدة وتكامل مع بقية الفصائل والقوى العاملة فلسطينيا، لأننا نؤمن بأن فلسطين بحاجة إلى كل الطاقات الفاعلة فى فلسطين والأمة.

■ الانفتاح الأمريكى والأوروبى على «حماس» بات واضحا للجميع.. هل تعتقد أن حماس باتت على أبواب الاعتراف الأوروبى والأمريكى بها؟

- يجب أن يكون هناك اعتراف أمريكى أوروبى بحماس، ليس كحركة قائمة على الأرض؛ لأن شرعيتنا لا نأخذها من هذا الاعتراف، وإنما هى شرعية المقاومة التى بذلناها بالدماء، وشرعيتنا التى أخذناها من أبناء شعبنا عبر صناديق الاقتراع، وهى الشرعية التى يجب على المجتمع الدولى ككل الاعتراف بها؛ لأن أساس المشكلة وسبب الحصار والواقع القائم هو عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، بل ورفضها ومحاصرة إفرازاتها ممثلة بحكومتنا، لذلك نقول وبصوت عال: على المجتمع الدولى إصلاح هذا الخطأ والاعتراف بنتائج الانتخابات فى فلسطين؛ لأن الديمقراطية ليست كلمة جوفاء يرددها الغرب، وإذا ما مورست وطُبقت عربيا أرادوا نتائج وفق المواصفات الأمريكية، فعليهم احترام إرادة الشعب الفلسطينى وديمقراطيته.

■ هل تشعرون بالندم أو الخطأ للمشاركة فى السلطة وأن الأفضل لـ«حماس» أن تقاوم فقط كما يقول البعض؟

- نحن نجحنا فى المزاوجة بين الحكم وبين المقاومة، وخضنا أعنف حرب على الشعب الفلسطينى، ونجحنا فى صد هذا العدوان، كما أننا فى الوقت نفسه نحافظ على شرعية المقاومة، ونقوم ببناء المؤسسة الرسمية على أسس من العدالة والمساواة والشفافية والتكامل، فنحن نعمل على المزاوجة بين مشروع التحرر والبناء المؤسساتى دون أن يطغى أى منهما على الآخر، ولذلك لا نشعر بالندم أبدا، بل نشعر بالفخر، لأننا ماضون فى هذا الطريق بنجاحات متراكمة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية