الجميع كانوا يريدون الاحتفال والاحتفاء بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، على اعتبار أنها ملك لشعب مصر بكل فئاته وطوائفه وشرائحه.. حتى الذين لم يقفوا معها أو الذين كانوا مترددين فى موقفهم إزاءها، هؤلاء من حقهم أن يحتفلوا بها.. لست مع من يريد أن يجعلها ملكية خاصة، إذ لولا الشعب ما كانت هناك ثورة.. الذى جعلها ثورة هو الشعب، والذى أضفى عليها روح الثورة هو الشعب.. صحيح، نظام الحكم لم يتغير، وبقى على حاله، وهو ما دفع الشعب لأن يخرج مرة ثانية فى 30 يونيو، أى بعد عامين ونصف العام، لكى يصحح المسار فى ثورة غير مسبوقة فى تاريخ البشرية.. ومن ثم، إذا ظل الوضع على ما هو عليه دون تغيير يذكر، فسوف تكون هناك ثورة ثالثة، ربما بأسرع وأقوى مما نظن.. الشعب صبور ويتحمل، لكنه لن يسمح لأحد بأن يخدعه أو يغشه أو يتحايل عليه.. لقد ثار الشعب فى المرة الأولى من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. وثار فى المرة الثانية ضد من خدعه وكذب عليه واستأثر بكل شىء دونه، ولم يحقق له من آماله وأحلامه شيئا، بل إنه وجد نفسه أمام استبداد غير مسبوق فى تاريخه، وعنف وانقسام مجتمعى أوشك أن يودى باستقراره وأمنه القومى.
إن الاحتفال فى حد ذاته شىء إيجابى، بل إنه أصبح مطلوبا وواجبا، خاصة بعد التفجيرات التى قام بها الإرهابيون، أمس الأول
إن الاحتفال فى حد ذاته شىء إيجابى، بل إنه أصبح مطلوبا وواجبا، خاصة بعد التفجيرات التى قام بها الإرهابيون، أمس الأول، وأنا على يقين أن الجماهير ستثبت تحديها للمجرمين والقتلة بالنزول إلى الميادين العامة، أمس السبت لإعلان غضبها ورفضها وعدم خضوعها لأى ضغط أو ابتزاز أو ترويع، وأنها تقف بكل ما تملك مع الجيش والشرطة فى مواجهة الإرهاب.. إن ما حدث يوم الجمعة الماضى دليل على أن الإرهابيين فقدوا صوابهم ووطنيتهم، إن كان لديهم صواب ووطنية، لذا فمن الضرورى أن تستمر المواجهة معهم بكل قوة وحسم ودون هوادة حتى يلفظ الإرهاب أنفاسه الأخيرة.. إنه لا مكان فى مصر لهؤلاء، كما أنه لا مكان لمن ساندهم أو أيدهم.
بعد حسم المواجهة، لابد أن تكون هناك خطوات جادة وإصرار واضح على التغيير المنشود.. سوف يرصد الشعب ويراقب ما يجرى على أرض الواقع، ولن تشغله أو تؤثر فيه الخطب أو الشعارات، فإذا وجد آماله تتحقق فسوف يكون عطاؤه بلا حدود أو قيود.. سوف يبادل قيادته عطاء بعطاء، وبذلا ببذل، وتضحية بتضحية.
الشعب يدرك ببصيرته النافذة من يعمل بجد وإخلاص وصدق، ومن يداهن ويتملق ويتسلق.. لقد أصبح الجميع مكشوفا، حتى من ورقة التوت.. صحيح أن نسبة من قالوا «نعم» فى الاستفتاء كانت كاسحة، لكن فى الوقت ذاته يجب أن نعترف بأن نسبة الحضور كانت قليلة أو أقل من توقعاتنا، لكنها لا تنال بأى قدر من شرعيته.. ربما كانت هناك أسباب متعددة لذلك، غير أنه من الواضح أن الشعب لا يُقبِل - عادة - على الاستفتاءات بدرجة كبيرة.. أعتقد أن الإقبال على انتخابات الرئاسة سوف يكون مختلفا، ونتيجة الفوز فيها سوف تكون مختلفة أيضا، وبقدر ما تكون نسبة الفوز كبيرة، بقدر ما سوف يكون التفاعل مع الرئيس الفائز كبيرا، وهو أمر مطلوب.. حفظ الله مصر من كل سوء، ورزق أهلها الرشد والسداد.