عاب مجموعة كبيرة من النقاد على المخرج «خالد يوسف» تهميشه للعديد من القضايا التي تضمنها فيلمه الجديد «كلمني شكرا»، معتبرين أنه لم يوفق في تقديم عمل متماسك دراميا بينما زادت جرعة اعتماده على الإيحاءات الجنسية والألفاظ النابية في ظل غياب التدخل الرقابي.
وبينما يعد «كلمني شكرا» الذي يبدأ عرضه تجاريا اليوم الأربعاء ، أقل أفلام «يوسف» فيما يخص الأزمات مع جهاز الرقابة الذي أجاز الفيلم دون ملاحظات تذكر، فإن النقاد والإعلاميين الذين شاهدوه في العرض الأول أمس الثلاثاء اعتبروه أضعف أفلام تلميذ «يوسف شاهين» فنيا وأكثرها جرأة وتحررا.
وقال الناقد «عادل عباس» بعد العرض إنه حضر لمشاهدة فيلم جيد لكنه فوجئ بعدد من "الاسكتشات الفنية بعضها درامي والآخر غنائي تم ضمها معا في عمل قال لنا صناعه إنه فيلم سينمائي بينما لم نقتنع كجمهور أو نقاد بالقضايا التي قدمها الفيلم الذي كان التركيز فيه على العشوائيات منفرا خاصة مع وجود بعض التفاصيل غير المنطقية".
وقال الناقد «أشرف البيومي» إن "استخدام «خالد يوسف» المتكرر للعشوائيات لم يعد مقنعا خاصة وأنه قام بتسطيح القضايا في الفيلم الجديد استمرارا لوجهة نظره السابقة عن سكان تلك المناطق وكونهم مجرد صائدي فرص مغروسين في شباك الأحلام الضائعة بينما لم يقدم لنا أسبابا واضحة لفشلهم".
وأضاف «بيومي» أن تركيز المخرج على "مساوئ" العشوائيات بتلك الصورة القاتمة التي يغيب عنها الشخصيات الإيجابية بات غير منطقي، فالمقيمين في تلك المناطق وفق نظرة الفيلم إليهم يمكن تصنيفهم باعتبارهم جميعا "نصف إنسان ونصف حيوان" وهو تعميم لا يجوز.
وأبدى الناقد المصري تعجبه من انحياز المخرج للنظام الحاكم في مصر في وجهة نظره المتعلقة بقضايا منها حقوق بث مباريات كرة القدم وصلاحيات رجال الأعمال في السيطرة على الأسواق بعيدا عن مراعاة حقوق المستهلكين "رغم أنه معروف بانتمائه للتيار الناصري المعارض للحكومة المصرية".
ولفت «عباس» و«البيومي» النظر إلى محاولة الفيلم الدخول في دهاليز التجارة غير المشروعة المعتمدة على قرصنة القنوات الفضائية واستخدام شبكة الإنترنت في عمليات النصب وغيرها، واتفقا على أنه لم يقدم القضية بشكل إيجابي وإنما استخدمها فقط "لإطلاق النكات واستخلاص المواقف الضاحكة دون جدوى حقيقية لوجودها".
وركز «عادل عباس» على تحول «خالد يوسف» من "مناهض" لسياسات النظام الحاكم والأمن فيما يخص التعامل مع البسطاء إلى النقيض تماما حيث ظهر الشعب متجاوزا في كل الأحوال يحاول أن يسلب الأغنياء حقوقهم طوال الوقت بأي وسيلة بينما الأمن يتعامل مع البسطاء بتفهم واضح على خلاف الواقع.
واستنكر الناقد «محمد صلاح الدين» ما وصفه بانقلاب في شخصية «خالد يوسف» السينمائية التي كانت في أفلام سابقة تحارب سيطرة الرأسمالية وسطوة رجال الأعمال بينما في "كلمني شكرا" يروج لرجال الأعمال ويظهرهم أصحاب حق في حرمان المهمشين والفقراء من كثير من الأشياء التي يستخدمونها يوميا تحت ستار حماية مصالحهم القانونية.
واتفق النقاد الثلاثة في تجاوز الرقابة للكثير من التفاصيل غير المقبولة في الفيلم خاصة ملابس البطلة «غادة عبد الرازق» الساخنة التي ظهرت بها طوال الأحداث والتي لم يكن لها مبرر درامي في كثير من الأحيان، إضافة إلى التركيز على العلاقات غير المشروعة وكأنها سمة مجتمعية سائدة وشيوع الألفاظ النابية والتلميحات الجنسية طوال الأحداث.
بينما أشاد كل من شاهدوا الفيلم في عرضه الأول بالفنانة الكبيرة «شويكار» التي قدمت واحدا من أبرع أدوارها في السنوات الأخيرة ، إضافة إلى حضور بطل «الفيلم عمرو عبد الجليل» وقدراته الكوميدية وبراعة الفنان «صبري فواز» في تجسيد شخصية مدعي التدين الغارق في الملذات طوال الأحداث والتغير الواضح في مسار الممثلة «داليا إبراهيم».
كتب أحداث الفيلم «سيد فؤاد» عن قصة للممثل «عمرو سعد»، ويعد أولى بطولات «عمرو عبد الجليل» السينمائية وتجاوزت تكلفته 25 مليون جنيه (5 مليون دولار تقريبا) ، أنفق معظمها على بناء حارة شعبية متكاملة في ستوديو مصر.