مع انعقاد مؤتمر «جنيف 2»، أعلنت مساعدة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مارى هارف، في منتصف يناير، أن السفير الأمريكي لدي سوريا، روبرت فورد، سيشارك ضمن الوفد الأمريكي، والذي يترأسه الوزير جون كيري، في المؤتمر الدولي، وأشارت أن السفير يقوم بمحاولة إقناع المعارضة بالمشاركة في المؤتمر، وهو ما أعتبره المراقبون إشارة للدور الذي لعبه الدبلوماسي الأمريكي منذ بداية الأزمة في2011، ألا وهو حشد المعارضة ضد الرئيس السوري، بشار الأسد.
وينظر المتابعون للأزمة السورية لروبرت فورد باعتباره الصانع الأساسي للسياسة الأمريكية تجاه سوريا، وذلك للدور بالغ التأثير الذي لعبه مع بدء الاحتجاجات في 2011، فعلى الرغم من تغيّر رئاسة وزارة الخارجية الأمريكية من هيلاري كلينتون إلي جون كيري، ظلت استراتيجية واشنطن للتعامل مع نظام «الأسد» ثابتة، وهي ما قاله «فورد» أثناء جلسة استماع عقدها «الكونجرس» لمتابعة الملف السوري، في أكتوبر الماضي، وهي «وجوب اعتماد مسارين، الأول: السعي لجلب جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات، والثاني: تضييق الخناق ميدانيا على النظام».
وعقب اعتماد الرئيس السوري، في 2010، «فورد» كأول سفير أمريكي لدى دمشق، بعد قيام الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، بسحب سفيره من دمشق بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، في 2005، واندلاع المظاهرات المطالبة برحيل «الأسد» عن السلطة، قام السفير الأمريكي بزيارة مدينة حماة، في يوليو 2011، لـ«لإظهار التضامن مع المحتجين» بحسب وزارة الخارجية الأمريكية، هو ما اعتبرته دمشق «تحريضا ودليلا على أن واشنطن تلعب دورا في تأجيج الاضطرابات التي تشهدها البلاد».
ومع تصاعد الأحداث، حذر وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، السفيرين الأمريكي والفرنسي من مغادرة دمشق إلى مناطق أخرى داخل سوريا دون إذن رسمي، كما حذر بلديهما بفرض إجراءات صارمة، وذلك ردا على زيارة سفيري البلدين إلى حماة.
ثم قام «فورد» بالإعراب، بشكل علني، عن تضامنه مع المتظاهرين بأكثر من شكل، منها موقع «فيس بوك»، وأدان سياسات الرئيس السوري، وقامت وزارة الخارجية الأمريكية باستدعاءه للتشاور معه حول الأوضاع في سوريا، وبـ«سبب القلق من الحملات التحريضية التي يقودها النظام السوري في الاعلام الحكومي ضده»، وكذلك عقب تعرضه للاحتجاز داخل مكتب أحد قادة المعارضة بعد أن حصاره عدد من أنصار «الاسد» داخل المكتب محاولين اقتحامه ورموا سيارته بالبيض الفاسد إلى أن تمكنت قوات الأمن من إنقاذه.
ثم أعلنت واشنطن عودته مرة أخرى إلى سوريا، في ديسمبر 2011، بهدف «إيصال رسالة الإدارة الأمريكية إلى الشعب السوري، وإمداد الوزارة بمعلومات موثوقة حول الوضع على الأرض، والتواصل مع كافة قطاعات الشعب السوري حول كيفية إنهاء إراقة الدماء والتوصل إلى مسار سلمي للعملة السياسية»، إلى أن قامت سوريا، في يونيو 2012، بطرده مع عدد من السفراء الغربيين باعتبارهم «أشخاصًا غير مرغوب في وجودهم في البلاد».
وقالت وزارة الخارجية السورية، إن «طرد هؤلاء السفراء يأتي تماشيا مع مبدأ المعاملة بالمثل»، وذلك عقب أسبوع من إقدام العديد من الحكومات حول العالم بطرد الدبلوماسيين السوريين من أراضيها.
وعلى الرغم من رحيله عن سوريا، مازال «فورد» ينفذ خطته الرامية لحشد معارضة تنهي حكم «الأسد» رغم أنه كان مرشحا بقوة لتولي منصب سفير الولايات المتحدة في القاهرة، وهو ما قوبل برفض من الجيش المصري، وفقا لما نشرته مجلة «فورين بوليسي»، في ديسمبر الماضي، نقلا عن مصادر أمريكية، أن القاهرة أبلغت واشنطن بعدم رغبتها في تعيينه بسبب دوره في سوريا وقيامه بالاتصال مع الجماعات الإسلامية المتشددة في المعارضة السورية.
وكان وزير الخارجية الأمريكي رشح روبرت فورد كسفير لبلاده في القاهرة عقب رحيل السفيرة السابقة، أن باترسون، التى هاجمتها الصحف المصرية و اتهمتها بـ«دعم جماعة الإخوان المسلمين في مصر لتطبيق النموذج الباكستاني الإسلامي» لأنها كانت سفيرة واشنطن في باكستان.
ولعل العامل المشترك بين «فورد» و«باترسون» إنهما خدما في دول ذات أغلبية إسلامية وشهدت أحداث عنف إلا أن روبرت فورد يمتاز بخبرة أكبر في منطقة الشرق الأوسط بحكم عمله في عدة دول منها البحرين و الجزائر ومصر، وكذلك إجادته لـ5 لغات منها العربية.