وافق مجلس الوزراء الإماراتي، الأحد، وفقًا لوكالة الأنباء الإماراتية (وام(على مشروع قانون يقضي بفرض الخدمة العسكرية، الإلزامية للذكور، والاختيارية للنساء، في خطوة قالت الحكومة إنها تأتي من أجل ترسيخ روح النظام والانضباط لدى الشباب في الدولة، وهي خطوة غير مسبوقة بين دول الخليج التي لا تفرض التجنيد الإلزامي على مواطنيها.
ويعد مؤشر الكفاءة التنظيمية، أحد أهم مؤشرات تقييم القوة العسكرية للدول، ويقيس هذا المؤشر مدى وجود نظام للتجنيد الإلزامي والتعبئة العامة لقوات الجيش والاحتياط في الدولة، ويقيس كذلك مدى توفر نظام محكم للسيطرة والقيادة، ومدى الانضباط التكتيكي، وقياس الروح المعنوية للقوات، ومدى استيعاب الخطط والحصص التدريبية والقدرة على تنفيذها، وكيفية التحول إلى درجات الاستعداد القتالية المختلفة، وتنفيذ المهم القتالية بكفاءة وفاعلية.
ورغم امتلاك دول الخليج ثروات كبيرة مكنتها من حيازة قدرات تسليحية حديثة، غالبيتها غربية، أمريكية وبريطانية وفرنسية، فإن هذه الدول جميعًا، تعاني من ثغرات مهمة في مؤشرات القوة العسكرية، تتلخص في ضعف الكفاءة التنظيمية لقواتها المسلحة، وفقًا للخبراء العسكريين.
ونظرًا لعدم امتلاك دول الخليج، نظمًا إلزامية للتجنيد الإجباري، فإنها لا تمتلك قوات احتياط احترافية، ومن ثم لا تمتلك نظامًا للتعبئة العامة لقوات الاحتياط، وهذا بخلاف الجمهورية الإيرانية التي تمتلك نظامًا صارمًا للخدمة العسكرية الإلزامية، كما تمتلك قاعدة عريضة من قوات الاحتياط المحترفة التي خاضت مهامًا قتالية مباشرة أو غير مباشرة.
وتعاني الجيوش الخليجية من ثغرة بشرية واضحة، مقارنة بالقوات المسلحة الإيرانية، حيث تمتلك إيران جيشًا كبيرًا يتكون من نحو 523 ألف جندي، وهو ما يقترب من ضعف حجم القوات المسلحة في دول الخليج مجتمعة، والتي تبلغ نحو 350 ألف جندي223 ألف جندي بالمملكة السعودية السعودية، 51 ألف جندي بدولة الإمارات العربية، 42 ألف جندي بسلطنة عمان، 15500 جندي بدولة الكويت، 11800 جندي بدولة قطر، 8200 جندي بمملكة البحرين.
ويمكن النظر إلى الخطوة الإماراتية بشأن التحول نحو نظام الخدمة العسكرية الإلزامية، باعتبارها مدخلاً لفرض التجنيد العسكري الإلزامي في دول خليجية أخرى، حتى تستفيد من إمكانياتها المالية والتسليحية على الوجه الأكمل، بعد إضافة العنصر البشري المؤهل والمدرب، بما يصب في رفع مؤشرات القوة العسكرية لدول الخليج إزاء الجار الإيراني ذي الاستراتيجيات الطموحة في سياق الهيمنة على منطقة العمليات بالخليج العربي.
وتأتي الخطوة الإماراتية، في سياق خليجي مضطرب، لاسيما في أعقاب نجاح إيران في التوصل إلى اتفاق مع مجموعة الدول الكبرى 5+1 في نوفمبر الماضي، تعهدت بموجبه إيران بتعليق تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20% لمدة 6 أشهر، مع الاستمرار في أجزاء أخرى من برنامج التخصيب، مقابل تعهد الغرب بعدم فرض عقوبات إضافية عليها خلال تلك الفترة، وهو ما فسره المحللون بأنه اعتراف ضمني غربي بإيران كقوة نووية محتملة في المنطقة.
وعلى الرغم من عدم معارضة الدبلوماسية الإماراتية، الرسمية، على أي حل سلمي لأزمة البرنامج النووي الإيراني مع الغرب، نظرًا للعلاقات التجارية الوثيقة بين أبوظبي وطهران، إلا أن الإمارات ودول الخليج لا تخفي توجسها من سباق تسلح نووي في المنطقة، إذا ما نجحت طهران في عسكرة برنامجها النووي، وهو الأمر الذي من شأنه أن يمس بتوازن القوى الهش في منطقة الخليج العربي، وهو ما ترفضه دول مجلس التعاون الخليجي بشكل تام.
قد تكون الخطوة الإماراتية، أولى الخطوات الخليجية نحو توطين الاحترافية القتالية لجيوشها، لأن الاعتماد على التكونولوجيا التسليحية المتطورة التي تحوزها دول مجلس التعاون الخليجي، لاسيما السعودية والإمارات، من دون توفر العنصر البشري الماهر والمدرب والمحترف، سيظل نقطة سلبية في سياق التوازن الاستراتيجي في المنطقة، وهذا ربما ما بدأت القيادة الخليجية في إدراكه والعمل على تجاوزه.