x

مفتي الجمهورية: الدستور يجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع (حوار)

الإثنين 13-01-2014 20:44 | كتب: أحمد البحيري |
 الدكتور شوقى علام ، مفتى الجمهورية فى حوار خاص لـــ « المصري اليوم » الدكتور شوقى علام ، مفتى الجمهورية فى حوار خاص لـــ « المصري اليوم » تصوير : بسمة فتحى

قال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إن المشاركة فى الاستفتاء على مشروع الدستور «واجب وطنى» وإن إقرار الدستور الجديد من شأنه تحقيق المزيد من الاستقرار لمصر، نافياً ما ردده البعض بأن الدستور الجديد ينافى الشريعة الإسلامية ويقصى الإسلاميين، مؤكدا أن الدستور الجديد يجعل من الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع» وشدد «علام» خلال حواره لـ«المصرى اليوم» على رفض الإسلام رفضاً قاطعاً ترويع الآمنين والاعتداء عليهم دون وجه حق أو حمل السلاح، لافتاً إلى أن وثيقة «الخمسين» تحظى بتوافق جميع أطياف الشعب، فضلاً عن أنه منح حقوقاً كثيرة للطوائف المهمشة.

وإلى نص الحوار:

■ خلال ساعات قليلة يبدأ المواطنون الاقتراع على مشروع دستور 2013 كيف ترى هذه الوثيقة؟

- ما يميز دستور 2013 أو التعديلات التى أجريت أنه يعبر عن جميع أطياف الشعب، كما أنه أعطى حقوقًا كثيرة للطوائف المختلفة التى كانت مهمشة فى مصر، وأرى أن مشروع الدستور الجديد يحظى بتوافق جميع الأطياف والقوى السياسية، كما أن إقرار الدستور من قِبل الشعب سيحقق الاستقرار للبلاد، والدستور بحالته الحالية أو ما انتهينا إليه يدل على جهد كبير بذل من أجل أن يخرج بهذه الصورة المشرفة، فلقد حرص القائمون على الدستور أن يذيبوا كل ألوان الخلاف فيما بينهم للوصول إلى حالة توافقية مرضية للجميع، والحمد لله تعالى حسمت كل المواد الخلافية وخرجت فى صورتها النهائية لتناسب تطلعات الشعب بعد ثورته العظيمة.

■ إذن فضيلتك ستقول «نعم» للدستور الجديد خلال الاستفتاء؟

- واجبى هنا أن أدعو جميع المواطنين إلى المشاركة الإيجابية فى الاستفتاء وأدعو الجميع إلى المشاركة الإيجابية ولا أوجه المواطنين إلى اختيار محدد سواء بـ«نعم» أو«لا» وإنما أدعوهم إلى تغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وهم فى لجان الاستفتاء.

■ ما رد فضيلتك على زعم البعض باحتواء مشروع الدستور على مواد تخالف الشريعة الإسلامية؟

- هذا القول باطل يراد به باطل لأن التعديلات الدستورية الأخيرة التى لعب الأزهر الشريف دورا كبيرا فيها أكدت محورية الشريعة الإسلامية فى الدستور، وذلك من خلال اعتبار مبادئها المصدر الرئيسى للتشريع، وهذا يقطع الجدل حول إقصاء الشريعة من الدستور.

■ هل ترى أن الدستور الجديد يقصى الإسلاميين كما يروج البعض؟

- إطلاقا لأن الدستور الجديد يحافظ على الهوية الإسلامية لمصر، ولا يمكن تفسير أى مادة من مواد الدستور إلا فى ضوء الشريعة الإسلامية، وهو ما أكد عليه ممثلو الأزهر الشريف مرارًا وتكرارًا خلال المناقشات وفى مضابط الجلسات التى شهدتها لجنة الخمسين لتعديل الدستور.

■ هل تنازل الأزهر الشريف عن بعض العبارات الخاصة بالشريعة الإسلامية فى مواد الدستور؟

- ما يروجه البعض من تصريحات بأن الأزهر الشريف تنازل عن بعض العبارات الخاصة بالشريعة فى الدستور لا أساس له من الصحة، لأن المادة الثانية هى الضمانة فى ذلك، والأزهر الشريف حرص على أن يكون تفسير كلمة مبادئ الشريعة فى ديباجة الدستور، كما حرصنا كذلك على وجود مادة فى باب الأحكام العامة وهى المادة 227 التى تنص على: «يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجاً مترابطاً وكلاً لا يتجزأ وتتكامل أحكامه فى وحدة عضوية متكاملة»، وهى مادة لم توضع فى الدستور المصرى من قبل، والسبب الذى جعلنا نضع هذه المادة هو التخوف على كثير من المواد وحرصنا أن تكون هذه المادة مع المادة الثانية ضمانة أساسية لوجود مرجعية الشريعة الإسلامية فى الدستور الجديد.

■ باعتبارك أحد أبرز ممثلى الأزهر داخل الخمسين، ما هى الفكرة التى اتفق عليها ممثلو الأزهر منذ البداية؟

- حرصت اللجنة الممثلة للأزهر الشريف فى بداية عملها على أن تكون ممثِّلة للشعب المصرى بكل فئاته وأطيافه، بناء على توصية شيخ الأزهر، كما حرصت اللجنة أيضًا على تجنُّب كل ما من شأنه أن يُحدث انقسامًا بالمجتمع، وأن يُحافظوا على الثوابت الإسلامية المستقرَّة فى ضمير الشعب المصرى، وأن يُطمئِنوا شركاء الوطن المسيحيين، أما بخصوص مدنية الدولة فكان رفضُ ممثلى الأزهر كتابة مصطلح «مدنية» كوصفٍ للدولة فى مقدمة الدستور يرجعُ إلى ما تُثيره هذه الكلمة من التباس فى الفهم لدى الكثير، فالبعض يفسر كلمة «مدنية» على أنها «علمانية»، والإسلام لا يعرف الدولة الدينية بمفهومها الغربى الثيوقراطى، وأما وصف المدنية فإنه يليق بالحكومة أو الحاكم ولا يصح مع الدولة، وعليه تم التوافق على ذلك بالديباجة.

■ نريد من فضيلتكم إلقاء الضوء على معنى مرجعية الأزهر الشريف؟

- المرجعية التى نعنيها هنا مرجعية علمية بالأساس وليست سلطة دينية كما فى الفاتيكان، وهذه السلطة لا وجود لها فى الإسلام، إلا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وانتهت بانتقاله إلى الرفيق الأعلى، وأصبح المروى من الكتاب والسنة هو المصدر الوحيد للتشريع من خلال عملية الاجتهاد التى أفرزت المذاهب الفقهية الثمانية الأربعة السنية (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة)، والجعفرية، والزيدية، والإباضية، والظاهرية، وتعد مصر من خلال الأزهر الشريف أول دولة اعترفت بالمذاهب الثمانية، وقامت بدراستها واعتمادها. وبالتالى فقد أصبح الأزهر قادرًا على تقديم النصيحة العلمية التى ينبغى أن تصل إلى حد الإلزام لبيان صحيح الإسلام، وللقيام بدور التحكيم، ولحل مشكلات المسلمين، ولتقديم اقتراحات للدول والحكومات، ولتصحيح مناهج التعليم، أو الاشتراك فى وضعها عندما تتعلق بالمسلمين.

■ هل ترى أن هناك محاولات للنيل من الأزهر ورموزه لإقصائه عن دوره فى التفاعل مع قضايا الوطن؟

- ما نشاهده اليوم خير دليل على تفاعل الأزهر مع هموم الوطن من خلال مشاركته فى إعداد دستور البلاد وحرصه على حالة التوافق بين الجميع وسعيه لتوحيد صف الوطن والقضاء على سياسة التهميش والتخوين، لكى تعبر الأمة إلى بر الأمان، فالأزهر باعتباره مرجعية كبيرة أصبح قادرًا على تقديم النصيحة العلمية واجتماعية وغيرها والتى تصل بنا إلى صحيح الإسلام، وحل مشكلات المسلمين، كما تجعله قادرًا على تقديم اقتراحات للدول والحكومات، ولتصحيح مناهج التعليم، أو الاشتراك فى وضعها عندما تتعلق بالمسلمين.

■ هل اختفى دور الأزهر فى مواجهة الآراء المتطرفة لبعض المتشددين؟

- المؤسسة الدينية فى مصر، وعلى رأسها الأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية لها تاريخ ناصع فى الدفاع عن الدين ونشر الوسطية والتسامح بين الجميع، علاوة على احتضان الفكر المنفتح، وعلماء الأزهر عبر تاريخهم الطويل وميراثهم العظيم كانوا ومازالوا لهم دور فاعل فى نشر ثقافة الإسلام السمح ووسطيته وفى حماية هوية مصر الدينية، فالأزهر وعلماؤه جزء لا يتجزأ من حركة المجتمع وغير منفصل عن مشاكل الأمة وواقعها.

■ ماذا عن حقوق الأقباط فى مواد الدستور الجديد؟ وهل ستتأثر حقوقهم؟

- مصر دولة إسلامية تحترم حقوق الأقباط كشركاء فى الوطن، كما أن الدستور الجديد لا بد أن يكون محوره الشعب وليس الشخص، وتوافقياً بحيث لا يفرق بين أحد من المصريين، ولا بد من ضرورة أن يكون الدين سقفًا لا نتعداه فى التشريع، حيث شارك علماء الدين المسيحى فى تأسيس دستور23، كما أوضحنا من قبل، إن الدين هو السقف الذى يقف عنده الجميع وينبغى أن يتدخل بشكل أساسى فى التشريع ويظل بعيدًا عن السياسة التى قوامها البرامج التنافسية والخلافات لكل الأطراف، وأن يضطلع بدوره فى توعية الجماهير وقيادتها نحو ممارسات صحيحة تتفق والقيم العليا لتحقيق مصالح الفرد والمجتمع والوطن.

■ كيف يتسنى لنا جميعًا نشر مبدأ الوسطية فى المجتمعات الإسلامية؟

- يحدث ذلك عندما يستمع الجميع إلى المنهج الوسطى والمعتدل الذى يتصف به الإسلام، لأن الغلو والتطرف والتشدد ليسوا من طباع المسلم الحقيقى المتسامح المنشرح الصدر، ولا من خواص أمة الإسلام بحال من الأحوال، ومنهج الدعوة إلى الله يقوم على الرفق واللين، ويرفض الغلظة والعنف فى التوجيه والتعبير والتوازن والاعتدال والتوسط والتيسير، ومن خطورة التطرف والتشدد أنه تسبب فى تدمير بنى شامخة فى حضارات كبرى، وهو بكل أشكاله غريب على الإسلام الذى يقوم على الاعتدال والتسامح.

■ انتشر مؤخرًا التطرف من قبل بعض الجماعات المتشددة.. نريد أن نعرف من فضيلتكم صفات الفكر المتشدد الذى يعتقده بعض التيارات الدينية الآن؟

- الفكر المتشدد أو المتطرف له عدة خصائص، منها أنه فكر ينكر التفسير والمقاصد والمآلات والمصالح، أى أنه يريد أن يحول فهمه للنص إلى دين، ويتميز هذا الفكر بالتشدد الذى من السهل أن يتحول إلى عنف الذى بدوره يتحول إلى صدام والصدام إلى فرض رأى بهذا العنف فيكون إرهابًا، كما أن من خصائص الفكر المتطرف سحب الماضى على الحاضر فالواقع مرفوض عنده وهو لا يدرك مفرداته ويعمل على تغيير هذا الواقع بقناعته الشخصية الماضوية، ومن هنا يأتى الصدام، علاوة على أن هذا النوع من الفكر لا يهتم سوى بالظاهر، لذلك تجد المنظومة الأخلاقية عنده باهتة جدًا أو لا تكاد توجد، وهذا واضح على أصحاب هذا الفكر، لأن لديهم مشكلة فى تكوين الأسرة وتربية الأبناء ومشكلة مع الحياة ومشكلة مع الجمال.. وهكذا، ويجب علينا أن تكون غايتنا جميعًا هى محاصرة هذه الأمور والقضاء عليها بالفكر والتربية وبالإعلام والتعامل السوى مع هذه الأفكار المتشددة والأفكار المتطرفة والأفكار الإرهابية بعد ذلك فى تطورها الطبيعى من بذرة إلى شجرة إلى ثمرة فى هذا المجال.

■ ماذا عن العمليات التفجيرية وترويع الآمنين التى تقوم بها الجماعات الإرهابية؟

- أؤكد أن الشريعة الإسلامية ترفض رفضا قاطعا ترويع الآمنين والاعتداء على الأبرياء الآمنين دون وجه حق، كما أن عمليات القتل والإرهاب لا علاقة لها بالأديان من قريب أو بعيد، وكل ما نراه من عمليات قتل وتفجير وتدمير بعيدة كل البعد عن أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء التى تجعل الحفاظ على النفس الواحدة والعمل على إحيائها كمن أحيا الناس جميعا ومن يعتدى عليها ويقتلها بغير حق فكأنما قتل كل البشر.

■ كيف يتم تعزيز التعاون بين المؤسسات الدينية فى مصر والمؤسسات الدينية فى الدول الأخرى؟

- الإسلام لم يسع أبدًا لإقامة الحواجز بين المسلمين وغيرهم، وإنما دعا المسلمين إلى ضرورة الاقتراب من الآخر بقلوب مفتوحة وبقصد توضيح الحقائق، هذا التعاون مع الآخر يأتى من خلال فتح قنوات اتصال بينها وبين بعضها البعض، علاوة على إشاعة ثقافة الحوار وأدب الاختلاف، والبحث فيما بينها عن نقاط الاتفاق أو ما يسمى المشترك، وتجنب الخلاف ومحاولة التغلب عليها، فالعالم أحوج ما يكون إلى منتديات تعين على حوارٍ حقيقى يراعى التعددية الدينية والتنوع الثقافى.

■ ما دور علماء الدين فى نشر الإسلام وتوضيح الصورة السمحة له؟

- دور علماء الدين فى هذه المرحلة وغيرها أنهم يقع عليهم عبء كبير لا بد أن يجتهدوا من أجله، والمرحلة حرجة بالفعل، لكن عليهم أن يسعوا جاهدين فى تحقيق وحدة الصف الإسلامى التى تعتبر فرضًا من فروض الدين، وأساسًا من أساساته، خاصة فى هذه الظروف التى تمر بها الأمة حاليًا، حيث يتربص أعداؤها بها ويحاولون فرض روح الشحناء والتفرقة والنعرات الطائفية بين أبناء الدين الواحد،‏ كما أطالب العلماء والمفكرين بالحض على تعاليم الإسلام السمح واتباع أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة فى الدعوة إلى الله وكيفية العيش مع الآخر وتقبله واحترام عقائده، والبعد بالخطاب الدينى عن اللغة تبغض الناس فى الدين وتحدث فرقة وتناحراً بين أبناء الوطن الواحد.‏

■ هل نحن فى حاجة إلى آلية نستطيع من خلالها الدفاع عن الإسلام ضد من يهاجمونه فى الغرب؟

- نحن فى حاجة ملحة إلى أن ندفع بالاهتمام بموضوع تصحيح صورة الإسلام وتعزيز العلاقات مع الغرب بين شرائح ومكونات المجتمع الغربى، خاصة الشباب، ونستفيد من الجاليات الإسلامية والدارسين فى الغرب، الذين يمكنهم أن يلعبوا دوراً إيجابيًّا فى دعم تحسين صورة الإسلام فى الغرب، ويمكننا أن نخلق دوراً مستقبليًّا فى دعم هذا التوجه من قبل الجامعات فى أوربا وأمريكا، وقد قامت دار الإفتاء بحملة للتعريف بالإسلام ونبيه، صلى الله عليه وآله وسلم، من قبل، ولتصحيح الصورة النمطية المشوهة عن الإسلام فى الغرب، وندعو الغرب كذلك إلى استقاء المعلومات عن الإسلام من أهل العلم الراسخين وهم علماء الأزهر الشريف، فالأزهر ودار الإفتاء مهمتهما التواصل مع العالم وبناء جسور التواصل والتفاهم المشترك دون أن يعنى ذلك أن يعتنق غير المسلمين الإسلام، لأن الله قال فى كتابه الكريم: «فمن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»، أما مهمة الأزهر ودار الإفتاء فهى الحوار والتواصل والتوضيح إن شاء الله.

■ من خلال خبراتكم.. ما أبرز التحديات والمخاطر التى تواجه الأمة الإسلامية وما السبيل للخروج من منها؟

- تتمثل هذه التحديات والمخاطر فى ظاهرة الفرقة والشقاق والخلاف بين أصحاب المعتقد الواحد، وأيضًا غياب أدب الحوار، وارتفاع وتيرة التخوين والطعن فى الآخر ومصادرة آرائه وفرض الوصايا على كل ما يصدر منه، وهذا الداء خطير جدًّا على المسلمين، كما أن ظاهرة التسطيح الدينى تعد من أهم التحديات التى تواجه الأمة، والتى تركز على المظهر الخارجى والقشور بعيدًا عن جوهر الدين الإسلامى بما يمتاز به من قدرة على التعامل فى إيجاد الحلول الناجعة لكل ما يستعصى على المسلم، كما أن الأخطر من كل هذا هو الخلط فى المفاهيم بمعنى الخلط بين كل ما هو سياسى ودينى وبين ما هو دينى وعام وبين ما هو فتوى وما هو رأى، كل هذا من شأنه أن يخلق حالة من الضجيج والفوضى فى المجتمع والتى يستحيل معها التوصل إلى أى حلول للأزمات التى تواجه الأمة.

■ هل ترى أن مصر على وجه الخصوص والأمة عامة بحاجة إلى نبذ الفرقة والتوحد؟

- كل عمل يساهم فى التقريب بين المسلمين بعضهم البعض عمل طيب وحسن، طالما أنه يذهب لإزالة روح الفرقة والنزاع والنعرات، وعلينا جميعًا أن نتبنى هذا الاتجاه وندعمه لأنه يصب فى صالح الأمة الإسلامية التى تستمد قوتها من وحدة أبنائها، بحيث نعبر هذه العثرات من رفض وإقصاء للآخر وعدم وجود أرضية مشتركة للحوار والحساسيات بين جميع الأطراف وحالات التهميش، لنعود صفًّا واحدًا ننبذ الفرقة لقوله تعالى: «وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ»، وأن نتمسك بحبل الله تعالى لقوله: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ»، وأعتقد أن مثل هذه الفعاليات تساهم بشكل كبير فى إزالة الخلاف بين أبناء الأمة، من أجل أن يتوحدوا جميعًا على كلمة سواء.

■ هل هناك حلول غير تقليدية من وجهة نظر فضيلتكم لمنع الإساءة والتطاول على الإسلام؟

- أنا مؤمن تمامًا أننا نحتاج إلى القانون ونحتاج إلى مناهج التعليم والإعلام، كأسس لا بد منها فى تغيير عقلية الناس إلى الأحسن وإلى التعايش والتعاون، وقد نجحنا فى هذا خلال السنوات الماضية، لكننا نقابل عقبات مثل هذه الأحوال التى تقرأ قراءة أخرى فتنسب إلى حرية الرأى، وهى ليست حرية رأى ولكنها عداء ضد الإنسانية، وعداء ضد الأديان وعداء ضد حقوق الإنسان، وإذا أردنا تجنب ومنع مثل تلك الإساءات فى المستقبل لا بد من وجود حلول غير تقليدية بالمرة، لتفادى وتجنب مثل هذه الإساءات، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وضع خطط متعددة ومتنوعة، ومنها تنظيم ندوات تعريفية عن رسول الرحمة معلم البشرية سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم.

■ كيف يتم تجديد الخطاب الدينى من وجهة نظر فضيلتكم فى ظل وجود أنصار هذا الفكر؟

- جاءت الشريعة الإسلامية بمدح التجديد، وبيان أهميته، بل إن نصوص الشرع الشريف نفسها تؤكد ذلك المعنى، فتارة يحدثنا الشرع الشريف عن التجديد باعتباره أمراً واجب التنفيذ، ويحث عليه المسلمين، وذلك فى مقام الإيمان، فإن الإيمان نفسه يبلى ويخلق ويحتاج إلى أن يجدد فى قلوب الموحدين، وذلك فى قول النبى، صلى الله عليه وسلم، لأصحابه جددوا إيمانكم، قيل يا رسول الله: وكيف نجدد إيماننا؟ قالك «أكثروا من قول لا إله إلا الله»، وتارة يحدثنا الشرع عن التجديد فى الدين على أنه نعمة، يمن الله بها على هذه الأمة الخاتمة، إن واجب الوقت يحتم علينا أن نقتدى بما فعله الأعلام المسلمون على مر التاريخ فى قضايا التجديد، وحتى تؤتى عملية التجديد ثمارها لابد من توافر شروط فى كل من التجديد والمجددين، أما التجديد فيجب مراعاة المزج بين ثلاثة عناصر فى التراث الإسلامى، أولها المصادر، وثانيها إدراك المصادر فى ظل الواقع، وثالثها ربط المصادر بالواقع، فمن حيث المصادر فالقرآن والسنة مصدران معصومان، وهناك مصادر أخرى كباقى أدلة الفقه المعتبرة كالإجماع والقياس والمصالح المرسلة، وهناك مصادر تعد التطبيق العملى لاستنباط الأحكام من هذه المصادر، وهى التراث الفقهى الموروث.

■ هل ترى فضيلتكم أن دور المرأة المصرية تراجع حالياً نتيجة سياسات الإقصاء والتهميش؟

- ديننا الحنيف دين عدل وإنسانية وهو ضد تهميش المرأة أو التقليل من دورها على جميع المستويات، فقضية المرأة ركن مهم وأساسى فى بناء المجتمع والنهضة الحضارية، فهى النصيب الأكبر فى بناء تلك النهضة، والإسلام قضى على جميع أشكال التمييز ضدها، وكلنا ضد الدعوات التى تريد إقصاءها بأى حال من الأحوال، وتحت أى مسمى من المسميات، فالمرأة فى الإسلام صنو الرجل، والنساء شقائق الرجال، والاختلاف بينهما راعى الطبيعة التكوينية فقط لكل منهما، لكنهما متساوون فى الحقوق والواجبات، انطلاقاً من قوله تعالى: «للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن»، والتاريخ الإسلامى أثبت أن المرأة صاحبة دور عظيم فهى كانت ولاتزال تشارك وبقوة فى النهضة وبناء الأمم والحضارات ولا ينكر هذا إلا من علق فى نفسه شىء من جاهلية مقيتة وتشدد قاتل ومغالاة مهلكة، ونطالب المرأة بأن تفعل من دورها وتطور من أدواتها لتناسب المرحلة الحالية، كما أننا نطالب الجميع بإفساح المجال لها للمشاركة البناءة فى نهضة الوطن.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية