احتفلت الصين مؤخراً، بعيد الميلاد الـ120 لماوتسى تونج الأب المؤسس لجمهورية الصين الشعبية، ورغم تاريخه الدموى فى البلاد، تتواصل شعبيته حتى الآن، لأنه من وضع الأسس الاقتصادية التى أدت إلى نمو اقتصادى صينى غير مسبوق، تدعمه قرارات الحكومة التى اتخذتها مؤخراً للانفتاح على الاقتصاد الحر والسماح للبنوك الخاصة بالمساهمة فى تمويل المشروعات الاستثمارية.
ويمثل النمو الاقتصادى أولوية قصوى للحكومة الصينية، بشكل يطغى على الملف السياسى، فرغم الخلافات مع جارتها اليابان على جزر سيناكوكو، فإنها تبادر بالحفاظ على العلاقات الاقتصادية وتنميتها مع طوكيو. واحتل الاقتصاد الصينى المرتبة الثانية، واليابان فى المرتبة الثالثة، بما يؤكد حاجة البلدين إلى بعضهما البعض لتعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى، حيث تعد الصين واحدة من أهم الأسواق بالنسبة لليابان.
وشهدت بداية 2013 زخماً قوياً للنمو الاقتصادى الصينى، وحدد البنك المركزى الصينى أعلى ارتفاع فى سعر اليوان أمام الدولار الأمريكى على الإطلاق، كما تعهد كبار المسؤولين فى الصين باستقرار السياسات الاقتصادية لتحقيق نمو اقتصادى معقول فى 2014، وأعلنوا عن برنامج إصلاح جرىء للسنوات العشر المقبلة.
وقالت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية إنه فى عام 2014 تواجه الصين عدة اتجاهات رئيسية فى مشروعها الاقتصادى الضخم، أهمها إنشاء منطقة تجارية حرة فى شنجهاى، وبدء حملة كبيرة لمكافحة الفساد فى الحكومة طالت آلاف المسؤولين الحكوميين. ورغم أن الناتج المحلى الإجمالى قفز إلى نحو9 تريليون دولار بنهاية 2013، شهد النمو الاقتصاد حالة من التباطؤ.
ويرى المراقبون أن 2014 هو عام «المراهنة» لاقتصاد الصين، حيث سيكون عاماً محورياً لإثبات ما إن كانت ستستطيع بكين خلق التوازن بين الإصلاحات وتحقيق النمو الاقتصادى أم لا. ولخلق هذا التوازن، يعتبر الاقتصاديون فى الصين «استقرار النمو» كلمة السر الرسمية للعام المقبل، وتحقيق استقرار النمو ليس بالأمر السهل فى ظل تحمل الحكومة عبئاً كبيراً من الديون تصل إلى 320 مليار دولار، الأمر الذى يجعل بكين لاتزال بحاجة لمصادر جديدة للدخل لدعم الإنفاق وزيادة الاستثمار.
وحتى الآن، لاتزال بكين متفائلة بقدرتها على السيطرة على أزمة الديون، لكنها يجب عليها إقناع السوق للاستثمار واستعادة ثقة المستثمرين، للحصول على استجابة سريعة لتقليل أزمة الديون.
ويتضح بشدة اهتمام الصين بنموها الاقتصادى وإعطائه الأولوية القصوى، فى حرصها على تحسين العلاقات مع اليابان رغم نزاعهما السياسى، وتساءلت مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية، بقولها «لماذا تتحسن العلاقات الاقتصادية الصينية- اليابانية؟»، وعزت السبب إلى اتجاهها بالفصل بين الاقتصاد والسياسة. فوسائل الإعلام الصينية تخلت عن المناورة والمطالبة بحق الصين فى الجزر المتنازع عليها، خاصة بعد زيارة وفد من رجال الأعمال اليابانيين بكين فى نوفمبر الماضى.