الذين ماتت مشاعرهم وفقدوا إنسانيتهم.. هم وحدهم الذين لا يحزنهم أو يؤلمهم موت أى شاب أو فتاة مهما كان سبب هذا الموت وملابساته ودوافعه.. فقد تتعدد وتتوالى وتكبر خلافاتنا ورؤانا وخياراتنا ومواقفنا ووسائلنا.. لكن يبقى الموت هو الموت.. وجع فى القلب، وحياة تنتهى، ووجه يغيب، وعذاب وحزن لا يذوب فى بيت الذى مات وغاب.. وبهذا المنطق.. أمارس الحزن الحقيقى لموت حسن نصر..
شاب كان يشارك فى مظاهرات الإخوان أمس الأول فى مدينة نصر.. أحزن لموته وغيابه أيا كانت تفاصيل ما جرى.. حزن لا يعرف تلك التفرقة بين الذى يموت وهو مع الإخوان أو ضدهم.. الذى يموت من رجال الأمن أو يموت برصاص رجال الأمن.. ولهذا لا أتوقف الآن لأناقش موت حسن نصر وفقط أطلب له الرحمة والمغفرة.. وإنما أتوقف فقط أمام ظواهر مقلقة تخص الألتراس حان أوان مناقشتها ومواجهتها أيضا.. فقد كان حسن نصر أحد أعضاء ألتراس أهلاوى.. وفور إذاعة نبأ موته أعلن ألتراس أهلاوى أن حسن لم يكن هناك كأحد أعضاء الألتراس وإنما بصفته الشخصية فقط.. وفى نفس الوقت أعلن ألتراس أهلاوى أنه يدين السلوك الإجرامى لرجال الداخلية.. وصفات أخرى لا أقبلها ولن أذكرها للذين قتلوا أحد أعضاء الجروب أثناء مشاركته فى مظاهرات التحالف الوطنى لدعم الشرعية..
مع توعد بالانتقام والثأر من الداخلية لحسن نصر.. وبعد قليل كانت هناك بيانات أخرى من نفس جماعة الألتراس تؤكد أن حسن نصر ليس أصلا عضوا بالألتراس، ولكن مع بقاء بيانات الوعيد والثأر والانتقام.. وهذا باختصار هو أحد مظاهر فوضى التعامل مع الألتراس وفوضى الألتراس أنفسهم.. إما أنهم جماعات تنتمى لأندية كرة القدم وقضيتها الأساسية والدائمة هى تشجيع أنديتهم بالشكل الذى يناسبهم ويرضيهم حتى إن اختلفنا عليه بعدما كانوا واحدة من أجمل قصص الحب فى تاريخ الكرة المصرية.. وبالتالى لا علاقة لهم بالإخوان أو أى أحزاب وقوى سياسية أخرى ولا مبرر لتواجدهم كألتراس فى أى ساحة سياسية..
وإما أنهم تحولوا إلى جماعات سياسية بالفعل، وبالتالى لم تعد تنطبق عليهم قواعد الألتراس المتعارف عليها عالميا والتى صدعونا بها طوال الوقت من حيث إنه لا رؤساء أو قادة لهم وأنهم لا يهتمون إلا بلعبتهم ولا يظهرون إعلاميا أبدا ولا يملك أى أحد حق الحديث باسمهم.. فإن كانوا ألتراس لكرة القدم وحدها فأنا إذن أصدقهم بأن الراحل حسن لم يكن يمثلهم وأن سلوكه كان فرديا.. وبالتالى ليس من حقهم طلب الانتقام من الداخلية لسقوط حسن أثناء اشتباكات سياسية..
إلا إن أعلنوا غضبهم وحزنهم على كل من مات بشكل عام.. والأهم من ذلك كله هو الوضوح الذى أصبح مطلوبا من كل جماعات الألتراس فى مصر.. فقد بدأ الجميع يشعرون بالضيق والملل من جماعات يعلو صوتها وتحب الظهور فى الصورة لتنال التصفيق.. وعند أى خطأ يتوارون فى الظل ويقولون إن الذى أخطأ ليس منهم ولا يعترفون به.. فما هكذا تكون أخلاق الرجال والالتزام والاحترام أيضا.