محمود عزت.. أهم شخصية محورية داخل جماعة الإخوان المسلمين الآن، بعد القبض على خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد، فهو شخص عندما تلتقيه يرمقك وللوهلة الأولى بنظرة يحاول أن يخفف من وقعها بنصف ابتسامة مصطنعة، وهو أيضًا من تتلمذ على يد سيد قطب عندما انضم لـ«الإخوان» وقت أن كان طالبًا بكلية الطب بجامعة الزقازيق عام 1962.
وبالرغم من أن أغلب قيادات «الإخوان» إما هاربة خارج مصر أو تقبع في السجن، مازال «عزت» داخل الحدود المصرية ولم يتم القبض عليه، وهو الأمر الذي يثير حفيظة الأجهزة الأمنية التي فشلت في الإمساك به حتى هذه اللحظة.
محمود عزت إبراهيم المولود عام 1944، أصبح عضوًا بمكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين عام 1981، ونتيجة طبيعة شخصيته التي تميل إلى الهدوء ويلفها الحس الأمني تدرج في «التنظيم» إلى أن أصبح الأمين العام له، كما تملك من أحشاء «الإخوان» لدرجة أنه كان يسيرها أثناء الخلاف الشهير على انتخابات مكتب «الإرشاد» عام 2009، كما أنه السبب المباشر في رحيل النائب الأول للمرشد محمد حبيب، وتوجيه الأصوات في هذه الانتخابات.
يرفض «عزت» الظهور العام والإعلامي ويصعب التواصل معه، فإدارته للجماعة كانت تحتم عليه الابتعاد عن أي وسيلة اتصال ظنًا من أنها مراقبة، وهو ما دفعه لاستخدام شرائح جوال كثيرة للهرب من الملاحقة الأمنية، وفي نفس الوقت إبلاغ التوجيهات للمكاتب الإدارية التي تركز نشاطه عليها، وهو ما يعني أنه كان المحرك أثناء ولاية محمد مهدي عاكف، المرشد السادس للجماعة.
الرجل الذي يمثل «الصقور» داخل الجماعة، وبعد أن حقق ما أراده على خلاف رغبة محمد حبيب، الذي ترك الجماعة بعد محاولته الوصول لمنصب المرشد العام خلفًا لـ«عاكف»، فضل الابتعاد عن منصب الأمين العام للجماعة بعد اختيار محمد بديع مرشدًا عامًا، فسلم مقاليد «التنظيم» لـ«محمود حسين» حتى يسير بـ «الجماعة» في نفس الطريق الذي رسمه من قبل.
على الصعيد التنظيمي، كان «عزت» من أشد المطالبين بترشيح «الإخوان» أحد قياداتها لمنصب رئيس الجمهورية بعد ثورة 25 يناير، رغم إعلانها نيتها عدم المنافسة على هذا المنصب، كما أنه كان وراء قرارها بفصل أي عضو ينتمي إليها وينضم لحزب غير الحرية والعدالة أو لا يؤيد مرشحها في الانتخابات الرئاسية، وهو كذلك السبب في فصل عدد من شباب «الإخوان» الذين شاركوا الثوار في المليونيات المطالبة بتقليص المرحلة الانتقالية للمجلس العسكري.
في الفترة ما بين عزل مرسي وفض اعتصام «رابعة العدوية»، اختفى «عزت» وكان يرافق عصام العريان في رحلة الاختفاء وقد اشترط عليه عدم استخدام أي وسيلة اتصال أرضية أو مرتبطة بالقمر الصناعي حتى لا يتم القبض عليهما، حتى خرج «العريان» عن التزامه بالاتفاق وأصر على إرسال صورة متلفزة لفضائية الجزيرة يوجه فيها خطابًا لـ «مؤيدي الشرعية»، لتتمكن الأجهزة الأمنية من القبض عليه في العقار الذي هرب منه «عزت» قبل وصول قوات الأمن بوقت ضئيل.
رغم هروبه من ملاحقة الأمن، مازال «عزت» موجودًا في مصر بخلاف ما نشر وأذيع من أنه سافر للخارج، كما أنه لم يتواصل بعد مع «الإخوان» في الداخل أو الخارج ولم يستخدم وسيلة اتصال بالهاتف، مما صعب على أجهزة الأمن التوصل لمكان اختبائه، ومما دفع «الإخوان» إعلانه مرشدًا عامًا لهم بعد القبض على «بديع»، وربما يرجع ذلك القرار إلى اعتقادهم أن القبض عليه «من رابع المستحيلات».
الإخفاق في القبض على «عزت» الآن، لا ينفي حقيقة أنه حكم عليه بالسجن 5 سنوات على خلفية مشاركته في انتخابات مجلس شورى «الإخوان» عام 2005، حيث قضى سنوات السجن مع المرشد السابق والحالي وأغلب قيادات المكتب، ليخرج لمزاولة عملة عام 2000، فحاول هيكلة «التنظيم» من جديد وتجميد نشاط أي وجه إصلاحي داخل «الجماعة» حتى تمكن من السيطرة على «الجماعة» بدء من قيادتها حتى أصغر عضو بها.
عن الوضع الحالي، يرى «عزت» أن بقاءه خارج السجن مفيد في رفع الروح المعنوية لبقية «الصف»، ويرى أن قيادات الصف الثاني تستطيع أن تقود «التنظيم»، كما يرى أهمية للمعلومات التي يحملها بداخله وأن القبض عليه سوف يكشف المزيد من الأسرار عن «الجماعة» التي انتمى إليها أكثر من 55 عامًا.
«عزت» هو القيادي الإخواني الذي يؤيد المواجهة مع النظام السياسي الحالي، ويرى أن «التمسك بعدالة القيم» التي يدافعون عنها كفيل بانتصارهم في نهاية الطريق، ومازال يرى ضرورة مواجهة النظام بكل السبل المتاحة حتى إسقاطه.