ألف مبروك للوليد بن طلال حصوله على المركز رقم 19 فى قائمة أثرى أثرياء العالم وبهذه المناسبة السعيدة دعونا نفضفض قليلا، ففى الوقت الذى تشكو فيه الحكومة المصرية، وفى ألم مكتوم من (ملعوب) الأمير الوليد بن طلال معها فى واقعة توشكى حين اشترى منها وبشروط مجحفة ومهينة لمصر، أكثر من مائة ألف فدان فى منطقة توشكى تركها دون زراعة أو تعمير لأكثر من عشر سنوات، وكان ثمنها 5 ملايين جنيه مصرى (أقل من مليون دولار) يعنى - لامؤاخذة - ثمن شقة فى وسط القاهرة، فى هذا الوقت، وبعد النشر الموسع، لم يتحرك أحد، ولم يرد (الوليد) على الفضائح المنشورة، وحدها فقط الصحف المستقلة، وحدها نطقت وفضحت،
إلا أن الأسوأ هو أن رد الوليد على أصدقائه فى الحكومة المصرية، والمتحالفين بالباطل وبالحق (وما أندره) مع أمراء أسرته جاء فعلا ولكن بأسلوب آخر، أسلوب استهانة، ليس بحكومة مصر وحدها بل بالعرب جميعاً، جاء رده الذى لم يتأخر كثيراً فى إعلانه الشراكة والتحالف الاستراتيجى مع واحد من أعتى اليهود الصهاينة، فى مجال (الفن)، والعمل على نشره فى (الشقيقة) إسرائيل، اليهودى الصهيونى هو الملياردير الأمريكى الأسترالى الأصل الصهيونى الهوية (روبرت مردوخ) المنحاز لإسرائيل، الحاصل منها على عدة جوائز كبرى، وهو صاحب (فوكس نيوز، فوكس سيريس، فوكس موفيز، ذى صن) وغيرها من فضائيات وصحف، تحالف يبيع بمقتضاه الوليد 9% من أسهم مجموعة روتانا إلى شركة مردوخ الصهيونى (نيوز جروب) مع إبقاء المجال مفتوحاً أمام مضاعفة هذه الحصة فى غضون الأشهر الـ18 المقبلة. مقابل عدة مليارات كنت لسذاجتى أظنها ستذهب الى توشكى ولكن خاب ظنى.
يعلم خبراء الإعلام أن الرجلين تقاربا على مستوى الأعمال، إذ إن مجموعة المملكة القابضة التى يملكها الوليد اشترت 7% من أسهم (نيوز جروب) منذ فترة كما أن روتانا تبث أعمالاً تنتجها (فوكس إنترتاينمنت) التابعة لمردوخ عبر قناتيها (فوكس سيريز) و(فوكس موفيز) اللتين تبثان من دبى، والطريف أن الطرفين أكدا أن الشراكة بينهما تهدف إلى الاستفادة من السوق الواعدة فى الشرق الأوسط، وفى سياق متصل قال جيمس مردوخ، نجل روبرت مردوخ، مدير نيوز جروب فى أوروبا وآسيا، إن المشاركة فى روتانا توسع حضورنا فى منطقة يشكل الشباب نسبة كبيرة من سكانها، كما أن إجمالى ناتجها الداخلى مرشح لتجاوز اقتصاديات الدول الأكثر تقدماً خلال السنوات القادمة.
إن التقارب بين الرجلين يثير علامات استفهام، فوسائل الإعلام البارزة التى يملكها مردوخ مثل فوكس نيوز، ووول ستريت جورنال، ونيويورك بوست، فى الولايات المتحدة، كما التايمز وسكاى وذى صن فى بريطانيا، غالباً ما تتهم بتأييد إسرائيل، أو حتى بمعاداة العرب، وفى الوقت الذى يدعى فيه الوليد وأسرة آل سعود أنهم يهتمون بفلسطين ينتهجون سلوكاً سياسياً وتجارياً يثبت العكس تماماً،
وما الصفقة الأخيرة إلا نموذجاً حياً على ذلك، فمردوخ يتفاخر بذلك وبأنه ابن مدرسة المحافظين الأمريكيين والداعم الأكبر لهم لاحتلال العراق وتأييد العدوان الإسرائيلى على غزة ولبنان، هذا هو الوليد الذى يبخل على مصر بعدة ملايين يحيى بها الأرض الميتة فى توشكى بل يقف حجر عثرة أمام عودة هذه الأرض إلى أصحابها كى يستثمروها هم بمعرفتهم.
هذا هو (الوليد) صاحب قضية (توشكى)، التى لا يريد أن يستصلحها ولا يريد حتى مجرد الرد على طلبات وزارة الزراعة المصرية لإعادتها أو لإدخال مستثمرين جدد معه، بل يتكبر على الجميع ولا يحترم إلا مردوخ، ترى هل العيب فى الوليد وحده؟! أم فى أولئك الذين باعوا له هذه الأرض والمياه بتلك الأموال البخسة والشروط المجحفة؟ .