حلقة واحدة كانت كافية لإشعال غضب معجبى الأمس واحتشادهم أمام مسرح راديو بوسط البلد لمحاولة منع البرنامج الساخر الذى يقدمه الإعلامى «باسم يوسف» أسبوعيا.
فى أكتوبر الماضى عاد باسم يوسف لتقديم الموسم الثالث من برنامجه «البرنامج»، منتقدًا فى الحلقة الأولى ما يراه تقديسا زائدا يتعامل به محبو الفريق عبدالفتاح السيسى معه، منتقدًا الأداء الإعلامى الذى رفع عقب إنهاء حكم الإخوان شعارات عاطفية تخاطب خوف الجمهور من الإرهاب، مغفلا تقديم الحقائق والمعلومات التى يتوجب على الإعلام السعى لتقديمها لجمهوره.
فى اليوم التالى لإذاعة الحلقة (24 أكتوبر) خرجت مقالات عديدة فى صحف يومية بعضها واسع الانتشار، تنتقد ما أقدم عليه باسم يوسف فى برنامجه. وطالب إعلاميون عرف عنهم المناداة بفتح المجال أمام حرية الرأى والتعبير بمحاسبة صاحب البرنامج، وأعلنت القناة الفضائية التى تملك امتياز عرض البرنامج عدم مسؤوليتها عن محتواه والرأى الوارد فيه.
وأثناء تصوير الحلقة الثانية، فى الثلاثين من أكتوبر، احتشد مؤيدو الفريق عبدالفتاح السيسى أمام بوابة المسرح فى محاولة لمنع تصوير الحلقة، فى الوقت الذى أمطر فيه مؤيدون آخرون مكتب النائب العام ببلاغات يتهمون فيها الإعلامى الشاب وفريق عمل برنامجه بالإساءة لسمعة مصر وإهانة الفريق السيسى ومؤسسة الجيش.
نجح العشرات الذين احتشدوا أمام مسرح راديو، مدعومين بسخط إعلاميين معارضين لما أبداه باسم يوسف من انتقادات لأداء وسائل الإعلام، فى دفع القناة لعدم إذاعة الحلقة الثانية من البرنامج، ثم وقف البرنامج عن العرض نهائيا بنهاية أكتوبر، وأصدرت القناة بيانا تتنصل فيه من البرنامج وتتهم فريق عمله بعدم احترام التزاماتهم المادية والمهنية، فامتنع فريق البرنامج عن التعليق حتى مطلع ديسمبر، الذى حل خلاله باسم يوسف ضيفًا على برنامج آخر كلام للإعلامى يسرى فودة ليتحدث عن كواليس الأزمة.
لم يكن ما شهده أكتوبر هو المحاولة الأولى لمنع الانتقادات التى يوجهها باسم يوسف للسلطة والإعلام، فقد سبق تقديم العديد من البلاغات ضده، بعضها قُدّم للنيابة العسكرية خلال فترة إدارة المجلس العسكرى لشؤون البلاد. وتلاها اتهامه رسميا بتهمة تكدير السلم العام مرة، ثم إهانة رئيس الجمهورية فى مرة أخرى، خلال حكم الإخوان. وفى المرتين، وجه له إعلاميون منتمون للتيارات الدينية انتقادات ارتقت لدرجة السباب وترويج الشائعات حول هويته الجنسية ودينه وذمته المالية. ورغم ذلك لم يتوقف البرنامج، بل تدخل إعلاميون آخرون للدفاع عن حق باسم يوسف كإعلامى ومواطن فى التعبير عن رأيه، واعتبروا تقديم مؤسسة الرئاسة بلاغين ضد باسم يتهمانه بتكدير السلم العام، وإهانة رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى طعن مؤيدى مرسى فى ذمة باسم المالية والإساءة لسمعته، مما يعد اعتداء على حرية الإعلام وحرية الفكر والتعبير. لكن تلك الأصوات نفسها، تدخل بعضها للمطالبة بمراجعة محتوى «البرنامج»، واتهام مقدمه بالإساءة لسمعة مصر بعد الحلقة الأولى من موسمه الثالث.
ورغم حديث فريق عمل البرنامج عن سعى لعودة قريبة للبرنامج على شاشة إحدى الفضائيات المصرية، لا يبدو أن ذلك فى سبيله للتحقق فى الأفق القريب بحسب تصريحات مقدم البرنامج، الذى أكد وجود عروض من قنوات غربية تبث بالعربية لاستضافة البرنامج، وهى الفكرة التى يرفضها فريق العمل. بينما ينتظر محبو باسم فرصة عودته، متداولين بينهم صورة لجرافيتى شهير رسمه له الفنان «تنين»، مستعيرا شطرين من رباعية لصلاح جاهين الشهيرة: «أنا قلبى كان شخشيخة أصبح جرس.. جلجلت به صحيوا الخدم والحرس.. أنا المهرج قومتوا ليه خفتوا ليه؟.. لا فى إيدى سيف ولا تحت منى فرس».