x

يوليو 2013.. السيسي.. بطل شعبي في ملحمة مصرية

الأحد 29-12-2013 22:42 | كتب: عزة مغازي, آيات الحبال, عمر عبد العزيز |
عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع. عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع.

فى دراسته المعنونة «الأدب الملحمى فى التراث الشعبى العربى»، يرصد عالم الأنثربولوجيا والتراث دكتور محمد رجب النجار سمات البطل فى الملحمة الشعبية، راصدًا التشابه بينه وبين البناء الملحمى للبطل فى الدراما الإغريقية القديمة كما رصدها أرسطو. فى الحكاية الملحمية العربية يمضى البطل الشعبى محققا لنبوءة ترتبط بميلاده ومصيره، فيأتى ميلاده الذى يرتبط غالبا بأزمة إيذانا ببدء تحقق النبوءة، ويشب مقاتلا خلال مرحلة الإعداد التى تسبق انطلاقه فى الرحلة، التى ستنتهى ببناء أسطورته البطولية الخوارقية لتتحقق على يديه نبوءة العارفين.

لم يكن ينقص الفريق أول عبد الفتاح السياسى وزير الدفاع ونائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية كى تكتمل له الملامح التى ترسمها له مخيلة الجماهير ووسائل الإعلام كبطل شعبى مخلص سوى النبوءة. والنبوءة هى ما منحهم إياها المقاتل الشاب فى تسريبات أخيرة لفتت الانتباه حول رؤية الفريق لمصيره ومستقبله الذى ينادى به قطاع واسع من الناس ليتولى وزير الدفاع الحالى منصب رئيس الجمهورية القادم.

منذ إعلان الرئيس المعزول محمد مرسى عن اختياره للفريق السيسى قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع خلفا للمشير حسين طنطاوى، بدأت بعض الأقلام الصحفية بالتبشير على استحياء بالسيسى كمخلص يتحقق على يديه حلم الدولة المدنية، هذه الإشارات الحية تحولت بعد أسابيع من إصدار مرسى لإعلانه الدستورى فى نوفمبر 2012، إلى دعوات صريحة للفريق السيسى بالتدخل لإنقاذ البلاد مما وجده أصحابها مصيرا دكتاتوريا مظلما. وكان رد فعل الفريق إزاء كل تلك الدعوات المتصاعدة عبر الأعمدة الصحفية والمناشدات الفضائية؛ إما الصمت أو الابتسام الواثق أو الرفض المهذب المتعهد باحترام شرعية إرادة الشعب.

بدءا من مارس 2013، بدأت ردود الفريق تتغير، صار يشير بطرف خفى إلى استعداده للاستجابة لمطالب الشعب، مؤكدا فى لقاءات نشرها صحفيون مقربون منه (بعد الثلاثين من يونيو) إلى استعداد الجيش «لحماية الشعب» وقتما يستدعيه الناس.

فى الوقت ذاته كانت جماعة الإخوان ماضية فى استخدام الكتلة البشرية من المنتمين والمتعاطفين، عبر الحشد المستمر لتأييد قرارات محمد مرسى قبل الإعلان عنها حتى، وكذلك فى الصدام مع المتظاهرين المعارضين لها، باستخدام مدد بشرى من أبناء الريف المستعدين للشهادة «دفاعا عن شرع الله وكتابه».

ومع اقتراب موعد الثلاثين من يونيو، دعا القائد العام للقوات المسلحة إلى لقاء برعاية الجيش بين جبهة الإنقاذ وجماعة الإخوان المسلمين وأنصارها من الجماعات الإسلامية المختلفة. ووجهت الدعوة بالرفض من الإخوان، ثم وجه الجيش إنذارا للفرقاء قبل ساعات من التظاهرات محذرا من إراقة الدماء، ومضت المظاهرات فى طريقها، ثم تلا السيسى بيان الثالث من يوليو الذى أنهى حكم الإخوان المسلمين للبلاد بحضور ممثلين للمعارضة وشرائح المدنية، ومضت الأحداث فى تصاعد إلى أن جرى فض اعتصامى رابعة والنهضة بتكلفة ضحايا وصلت لمئات المواطنين. لكن الشعب استمر فى استقبال بطله ومخلصه كحارس يدفع عنه تكلفة الدم و«الإرهاب»، وانطلقت حملات عدة تطالبه باستكمال أسطورته بالترشح لرئاسة الجمهورية، بل وطالبته حملات أخرى بتسلم مقعد الرئاسة دون انتخاب.

خلال تلك الأحداث كلها كان صوت السيسى وصورته تتغيران وفقا لحجم الخطر، فصارت نظارته الشمسية لا تفارق وجهه، واكتسى صوته بمزيد من الحدة والحسم مع تصاعد الهجمات على منشآت شرطية وعسكرية، وأخيرا على حافلة مدنية بمنطقة مدينة نصر إيذانا بمواجهة حقبة سوداء عايشتها مصر لعقدين متصلين من القرن الماضى.

لا يمكن التنبؤ بالمسار الذى ستمضى فيه ملحمة الفريق أول عبدالفتاح السيسى وأثر التغيرات الأخيرة على ذلك المسار، وإن كان سيسعى لتحقيق نبوءته ومصيره كما تقتضى قواعد الملحمة الشعبية. لكن سواء سعى لتحقيق أسطورته، أو حسم قراره بعدم الترشح للرئاسة سيظل السيسى لوقت طويل قادم بطلا مخلصا انتظرته المخيلة الشعبية منذ زمن.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية